منذ الانفلونزا الاسبانية لسنة 1918 والتي حصدت ملايين البشر قدرت بحوالي 18 مليون شخص. لم يشهد العالم وباء منتشرا بهذه السرعة الا حين ظهور فيروس كورونا المستجد ( كوفيد 19) بالصين اواخر ديسمبر ليعم بعد شهرين كل أنحاء المعمور. سوف لن أخوض في نقاش حول طبيعة الفيروس هل هو مصنع او طبيعي؟ وهل للصين مسؤولية في انتشاره؟ ولماذا تفاجأت الدول المتقدمة لتجد نفسها مطوقة بهذا الوباء؟ هل لاطمئنانها انها تملك من القدرات التكنولوجية والعلمية والصحية والمالية. ما يمكنها من التغلب على اي وباء والسيطرة عليه بالسرعة القصوى، لتجد نفسها عاجزة عن محاصرته بعدما خلف مئات الالاف من الضحايا والملايين من المصابين. في ظل ذلك سجلت بلادنا أول حالة لفيروس كورونا المستجد يوم 2 مارس 2020 لمواطن مغربي قادم من ايطاليا لتتوالى بعد ذلك عدد الإصابات لمواطنين مغاربة قادمين من أوروبا مما دفع الدولة باتخاذ قرارات استباقية كإغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية وكذا توقيف الدراسة وإغلاق أماكن التجمعات انتهاء بفرض حالة الطوارئ الصحية يوم 20مارس 2020 لمدة شهر كامل مدد لشهر آخر لغاية 20 ماي 2020. وخلال كل ذلك تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لمواجهة هذا الوباء والحد من انتشاره ومحاصرته. وتبين لنا جميعا نقط ضعفنا القوية في المجال الصحي والغذائي والصناعي والاجتماعي والاقتصادي والذي يجب أن تختصره بقوة لجنة النموذج التنموي لبناء نموذج تنموي وطني مغاير كليا لما سارت عليه بلادنا منذ سنوات طويلة؛ فنحن لسنا بصدد التقييم لكل ذلك لان مجاله سوف يكون مستقبلا. لكن ومع كل هذا فقد أفرزت هذه المحنة لحمة وطنية قوية داخل مجتمعنا وتماسكا قويا، وتضامنا عاليا برهن بالملموس عن المعدن الأصيل لشعبنا وقدرته على تحدي الصعاب ومواجهة كل التحديات مهما عظمت. في ظل هذه اللحمة الوطنية لمواجهة هذه التحديات، هناك من سعى لخلق نقاش حول ما يعرف بقانون 22/20 والذي يمكن مناقشته انطلاقا من خمس منطلقات: 1- ان من قام بعملية تسريب القانون هو وزير دولة لحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني وقد قام بهذا الفعل بعد شهر من وضع القانون أمام المجلس الحكومي، فما دافعه الآن وليس قبلا؟ وتزامن ذلك مع تصريحات وزير التشغيل بشأن الاقتطاع من أجور الموظفين. ان هذه السلوكيات الصادرة من قبل وزراء حزب يترأس الحكومة، يبرهن بالملموس الازدواجية في الممارسة السياسية والتي تساهم في تبخيس العمل السياسي وكذلك الحضور الباهت لرئيس الحكومة في ظل هذه الظرفية، لذا فهذه الممارسة المزدوجة من صميم ممارستهم للتغطية عن فشلهم الذريع في التدبير الحكومي حيث ينطبق عليهم المثل القائل « يأكلون الغلة ويسبون الملة» 2- تميزت المرحلة بالتصريحات والمواقف المتسرعة لأحزاب المعارضة اعتمادا على تسريبات اعتمدت عليها في بناء مواقفها. مع العلم أن أي مشروع قانون لزاما أن يمر عبر المؤسسة التشريعية وآنذاك يبنى الموقف السياسي استنادا على مشروع قانون واتخاذ المواقف السياسية اللازمة ومعارضته بقوة وتعبئة الرأي العام، ويتم اللجوء للمحكمة الدستورية لإسقاطه. 3- التفاعل القوي لمنظمات المجتمع المدني وللمواطنات والمواطنين وفي ذلك إشارة قوية على تشكل رأي عام يقظ ومدافع شرس عن حرياته العامة من منطلقات وطنية وكونية. وان المكتسبات لا يمكن التفريط فيها بل العمل على توسيعها لملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية. 4- الموقف النضالي المتميز لكل المنتسبات والمنتسبين للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، واعتبارهم ان المس بالحياة العامة خط أحمر. فجوهر وكينونة الاتحاد الاشتراكي هي تضحياته الجسام دفاعا عن الحرية، وقد برهن كل هذا عن المعدن الأصيل لحزبنا بنسائه ورجاله، رغم كل المحاولات اليائسة الساعية لاجتثاثه لنقول لهم لن نفرط في قيمنا وهويتنا فهي سر تميزنا. 5- ان الوطن يجتاز ظرفا صعبا ودقيقا، يقتضي لحمة وطنية قوية متماسكة لتجاوز الظرف الراهن والاستعداد للمستقبل وفق رؤية مغايرة، واي عمل غير ذلك سيضعف قوانا المجتمعية. فمصلحة الوطن أولا…. الوطن أخيرا…. ويجب سحب المشروع فورا.