سيدخل علينا عام جديد في الصحافة، بمناسبة اليوم العالمي ثالث ماي، ونحن بلا مقرات عمل تقليدية.. لقد جاءت المناسبة، ونحن قد طلبنا اللجوء في مقرات افتراضية، تحولت إلى مقرات عمل… مثل شخص يسكن في حذائه، يتوجه الصحافيون كل صباح مساء إلى حواسيبهم، يفتحونها ويطلون على العالم، ويطلون على بعضهم البعض… الفيروس يمنع أي قرب أو قرابة مجالية.. ويتحول العالم اليوم إلى شاشة، ومنها إلى منصة… آاااه تعود الكلمة من جديد لتذكرنا بأننا دخلنا، عنوة، إلى تجربة كنا نؤجلها سنة عن أخرى، وندعي بأن الورقي سيقاوم، كما قاوم الكتاب انتشار الأنترنيت… 3 ماي، تجدنا، وقد استبدلنا النقاش حول حرية الصحافي والصحافية، في الخبر والتنقل جزئيا، لتصبح حرية المنصات الاجتماعية. وهي اليوم موضوع صحافي بامتياز، حتى ولو كانت القوانين إجرائيا تريد أن تضع مسافات بين المنصات الاجتماعية والصحافة… الدليل هو كورونا، الذي محا الحدود وفرض علينا أن نعلن انتماءنا لعائلة الشبكات الافتراضية وشبكات التواصل الاجتماعي، وأننا لسنا سليلي الكتب، ولا رياضة نبيلة لوحدها…ثالث ماي هذه السنة وجدنا وقد صرنا عائلة مؤسساتية لبعضنا، صار لنا مجلس وطني للصحافة يهتم بالمكتوب ، والمكاتيب أيضا، ووجدنا جزء من ترسانة كبيرة اسمها، ترسانة الحفاظ على الصحافة، في ظل شروط مناهضة لها… كل الأسئلة تسقط علينا دفعة واحدة، وبدون ترتيب: النشر، التوزيع، القانون، الحرية، الاستمرارية، النموذج الاقتصادي للمقاولة." نطمع في أن يكون لنا غد، مثل أمسنا على الأقل، ونحن ندرك بأنها ساعة بعقارب عديدة… ساعة إلى الأمس وأخرى لليوم وثالثة للمستقبل… التنظيم الجيد للفضاء والمكاتب، في سماوات أخرى يبتعد عن زمن الأزمة، انطلاقا منها، نحن بدأنا قبله ولم ننطلق بعد، المكتب قد يصبح قاعات للعمل عن بعد، قاعات منظمة بالشكل الذي يجعلها مكانا للقاءات بالفيديو ، مرات محدودة، فيما يتواصل العمل عن بعد، ربما.. ربما قد تجدنا الحرية كاملين في الحدائق نكتب من تحت الشمس ومن تحت الشجرة.. العالم الحالي وجدنا أيضا نناقش القانون المتعلق بالمنصات لأننا نوجد فيها الآن، نحن جزء منها، لا هي امتداد لنا، والتحول لن يمس، فقط، تعريف المهنة من الآن فصاعدا بل سيمس مفهوم التواصل برمته، مفهوم القانون أيضا، وماديته وطبيعة المصلحة وصاحبها في تحريكه… وأدوار الدولة والشركات الكبرى في التواصل، ال «كفاتgafa˜ التي تهيمن على الخبر والمزاج العام ." ما بعد، سيكون علينا أن نعيد تعريف المسافات الآمنة، وكم سنتعايش معها، إلى حدود أن يصبح الفيروس ماضيا… سيكون أيضا على المهنة أن تعيد تعريف مقراتها، نعم المقرات، بما هي حيز للاجتماعات المهنية وبناء العلاقات وبناء الفضاءات لأجل الحرية… مقر العمل العمل نفسه لن تصبح له تلك الطقوسية التي كانت له، ولا تلك السطوة الأسطورية في ما يبدو… ليس التقابل في العمل وجها لوجه هو ما يصنع الحضور والغياب والعلاقات والتبادل، وليست الجغرافية هي الأصل، كما كانت في التواصل والعمل المشترك… مديح البعد هو البديل مديح المسافات ومديح التلصص عبر الشبكات … يدخل عيد الصحافة، ونداء الحرية فيها يجد صداه في دهاليز المنصات الافتراضية وفي أوساط الفيسبوك والتيك توك… العالم يدخل بنا إلى الداخل الافتراضي لكي نجد فسحة في مواصلة المهنة والوجود، وغدا لن نسأل سوى عن مصير الشبكات… هذه سنتنا الأولى في مواجهة الحرية في كل مظاهرها: الكتابة، التنقل، المهنة، التنمية الذاتية، القوانين، التعريف حتى في ما يخص حدود استعمال العلم والتقدم التكنولوجي…