المناطق البورية سجلت خسائر فادحة والمزارعون تخلوا عن حقولهم للماشية بسبب موجة الجفاف التي ضربت المغرب خلال الموسم الفلاحي الجاري، لن تتعدى محاصيل الحبوب هذا العام 29.8 مليون قنطار، أي أقل من نصف محاصيل العام الماضي التي ناهزت 61 مليون قنطار، والتي اعتبرت بدورها ضعيفة بالمقارنة مع متوسط الإنتاج خلال العشرية الأخيرة والبالغ 75 مليون قنطار. وتفيد التوقعات الرسمية التي أعلنتها وزارة الفلاحة أمس، أن هذا المحصول الهزيل من الحبوب يتوزع بين 16.5 مليون قنطار من القمح اللين و 7.5 مليون قنطار من القمح الصلب و5.8 مليون قنطار من الشعير. وقد تم تحقيق هذا الإنتاج المتوقع على مساحات مزروعة من الحبوب برسم هذا الموسم والتي تقدر ب 3‚4 مليون هكتار، منها 2 مليون هكتار سجلت خسائر في محاصيل الحبوب بالمناطق البورية. وتم تحويل بعضها إلى علف للماشية ببعض المناطق. وعزت الوزارة سبب هذا التراجع إلى شح التساقطات المطرية التي عرفها هذا الموسم الفلاحي، والتي لم تتجاوز 205 ملم في 22 أبريل 2020، بانخفاض 34٪ مقارنة بمعدل ثلاثين سنة ( 323,7ملم) و25٪ مقارنة بالموسم الفلاحي السابق(281,1 ملم) في نفس الفترة. وقد تفاقم تأثير هذا الانخفاض في كمية الأمطار بسبب التوزيع السيء وغير المنتظم في الزمان والمكان. وهكذا، شهد الموسم الفلاحي انخفاضا في التساقطات المطرية في جميع مراحل نمو الحبوب. كما تميز بفترات جفاف طويلة (40 يوما تقريبا) أثناء فترات التفريع والصعود. وأكدت الوزارة أن النقص في التساقطات المطرية قد أثر على جميع مناطق زراعة الحبوب بدرجات متفاوتة. ففي الشاوية والحوز، بلغ هذا العجز 50٪ في المعدل. وفي سهل سايس، وبداية الريف والشمال، تراوح العجز بين 30 و45 ٪ بمستوى نسبيا مواتي من التساقطات لنمو الحبوب وتطورها. وبالتالي، كان الموسم الفلاحي متوسطا في سايس والغرب وضعيفا في بقية الجهات. وقالت الوزارة إنه على الرغم من هذا الانخفاض المتوقع، فإن تموين السوق من الحبوب مضمون بمخزون يغطي حاجيات البلاد لأكثر من 5‚4 أشهر. ويتم تجديد هذا المخزون باستمرار عبر مختلف التدابير المتخذة من أجل الحفاظ على انتظام موفورات الحبوب في السوق الوطنية. غير أن حاجة الحكومة إلى الاستيراد هذا العام ستكون أشد جراء انخفاض محاصيل الحبوب المعلن عنها خلال الموسم الحالي. وباستثناء الحبوب والقطاني، قالت الوزارة إن الموسم الفلاحي يسير بشكل عادي، وأكثر من عادي بالنسبة لبعض الزراعات حيث ساهمت التساقطات المطرية لشهر أبريل وإطلاق برنامج حماية الماشية في تحسين الموارد الرعوية والعلفية للماشية. وعلى الرغم من الظرفية المناخية الصعبة التي تحد من إنتاج الحبوب وسياق حالة الطوارئ الصحية الحالية، قالت الوزارة الوصية إن الناتج الداخلي الخام الفلاحي لن يعرف تراجعا كبيرا. وتشير التقديرات الأولية إلى أن هذا الانخفاض سيظل مضبوطا في نسبة 5٪ تقريبا، وذلك باستثناء الصناعة الغذائية وبفضل وضعية جميع السلاسل الإنتاجية الأخرى (الخضروات، زراعة الأشجار، الحليب واللحوم). وبالتالي، سيستمر الناتج الداخلي الخام الفلاحي في إظهار مرونة جيدة مع مستوى يفوق 105 ملايير درهم. وبالنسبة لزراعات الأشجار المثمرة قالت الوزارة إنها تتطور بشكل جيد بالنسبة للأنواع التي تدخل طور الإنتاج حاليا وكذا بالنسبة للأنواع المزهرة التي سيدخل إنتاجها إلى الأسواق بداية شهر شتنبر والأشهر اللاحقة. وتتطور مرحلة الإزهار هذه، الحرجة والحاسمة للمحاصيل، في ظل ظروف مواتية من حيث درجة الحرارة والرطوبة. فأشجار الحوامض والزيتون على وجه الخصوص خلال مرحلة الإزهار، تظهر آفاقا واعدة للإنتاج في حالة بقيت الوضعية المناخية مواتية في شهر ماي ويونيو. أما بالنسبة للزراعات السنوية، فتناوب الزراعات الشتوية جد متوازن وتضمن إنتاجا وافرا ومتنوعا خلال هذه الفترة الربيعية. ويتعلق الأمر بالخضر (الطماطم، البطاطس، البصل، الباذنجان، اللفت، الخرشوف، الجلبانة، إلخ)، قصب السكر والشمندر السكري والتي بدأت عمليات حصادها. وتشير وضعية المحاصيل إلى إنتاج جيد في بعض الدوائر السقوية كتادلة والغرب، وتبين التوقعات مردودا قياسيا من الشمندر السكري. إضافة لذلك، فتناوب المحاصيل المزروعة في الربيع بشكل كبير في المناطق السقوية، يسير في ظروف جيدة وسيسمح بإنتاج جيد. كما تم اتخاذ كل الترتيبات لتناوب الزراعات الصيفية، التي يتم تسويق إنتاجها خلال الفترة من شتنبر إلى دجنبر، والذي يتزامن مع بداية السنة الفلاحية الجديدة. أما عن وضعية الماشية، فتقول الوزارة إن الأمطار الأخيرة وإطلاق الوزارة لبرنامج حماية الماشية ساهما في تحسين حالة الموارد العلفية للمراعي. حيث إن وضعية المراعي قد تحسنت في عدة جهات، كما أن إنتاج الموارد الرعوية في تحسن ملحوظ بعدة جهات. ومع توقعات الأمطار المواتية للأسبوعين المقبلين، من المنتظر أن يعرف هذا الوضع تطورا أكثر.