الآن.. عليكُم لعنة الحُب ولتموتوا كفَراشِ القصائِد متعانقِين سأطلقِ سراحَ الأسماك الملوّنة التي خبأهَا نهرُ قريَتِنا قبل رحيلِه في صدرِي سأخبرُ قبرَ أمّي كُلّ الأسرار الصغيرة والمريرَة سأخبرُها أنني كنت أماًّ قبل أن تلدني، وأنني كنت ُ أقيم علاقة شرعيّة مع حبلنَا السرّي وفي سهو أمُومتنا كنتُ ألقمُ الحملان اللاهيّة في دمِها حلمَة إصبعي الصغيرة لَم يكن لدي جسد لا ظلّ أظلل به صِغاري ولا صغار أظللهُم، لكني كنتُ أماًّ بما يكفِي لمعرفَة الفرقِ بين طعم الحليب ودمعتهَا المالِحة سأسأل أبي عن فراغِ جدارِية أحفادِه من وجُوه أطفالي سأسألهُ بلؤم عن رأيه في قصائدي وسأخبرُه بتفاصيل كثيرة عن أسوَء خيانات البشر و أني كرهتهُ كثيرا بقلبِ امرأة وسامحتُه كثيرًا بقلبِ أمي وكرهتُه مرة رابعة وخامسة وعاشرة بقلب طفلَة وفي كل مرة أحبهُ وأسامحهُ بقلب أمي ولا أسامحُني… لن أخبر أخي أني تعِبة، تِعبة جدا وخائفَة كسنونواتِ الخريف وأن حزني أبيض أبيض أكثر َ من رأسِه الذي أحب لكن سأخبره حين يضمّني يغادرُني الحزن كقطيعِ غيمات تهشّها عصَى الريح سأرسل رسالَة قصيرة لأختي أخبرُها اليوم حين تعانقنَا وبكينَا طويلاً عانقنِي الله أيضا وكان يبتسِم … سأخبرُ الموت أني لست ٌجاهزة بعد وأني بحاجة لعدالة شعريّة تمنحنِي كلمةً مناسِبة كلمةً واحدة يا الله أقولها لحبيبِي كلما ربّتت أصابعه الحزينة على ظليّ المنكسِر كلمة مُلحّة تدخُل قفَص صدره كنقّار خشَب وتخرجُ من عينيهِ عائدَة إلي ضحكة حساسينَ مغردَة مُرعبٌ جدا أن أحبك في عالَمٍ يؤمنُ بالصمت أعلمُ أنني سأمُوت في غُرفة بنوَافذَ زرقَاء تطل على وجهِ الأطلسِي وهذا الجسد الضئيل في رغبة شبقيّة أخيرة سيعَانقُ سرِيرا بعوامِيدَ نحَاسيّة سيكون حولِي أربعُون حفِيدا يسرقُون الحلَوى بينَ أسنانِي الوديعَة وسأمُوت.. سأمُوت كوجهِ العذراء قلبِي حزِين وروحِي تبْتسِم.