صعدت أسعار النفط الخام بمقدار دولار واحد لخام برنت، وأقل لخام غرب تكساس الأمريكي، مباشرة بعد التوصل إلى اتفاق على أكبر خفض تاريخي لإنتاج الخام من قبل منظمة أوبك والمنتجين خارجها، من أجل دفع الأسعار إلى الصعود، في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد الذي يشل مفاصل الاقتصاد العالمي ويهوي بالطلب على النفط. واتفقت أوبك وروسيا ومنتجو نفط آخرون، يوم الأحد، على خفض غير مسبوق للإنتاج يبلغ نحو 10 ملايين برميل يومياً في شهري مايو ويونيو المقبلين، بما يعادل نحو 10 في المائة من المعروض العالمي. ومن المتوقع أن ينعش هذا القرار أسعار النفط في السوق الدولي و يدفعها نحو الارتفاع مجددا لتعود إلى مستوياتها التي كانت عليها قبل الأزمة. وإذا كان هذا القرار يصب في مصلحة الدول المنتجة للنفط، فإنه سيكون وبالا على الدول المستوردة، كما هو الحال بالنسبة للمغرب الذي سيكون عليه مواجهة ضغط ثلاثي يتمثل في ضغط تداعيات الجائحة الوبائية كوفيد 19 من جهة، وضغط انعكاسات الجفاف على الموسم الفلاحي، ينضاف إليهما ضغط ارتفاع الفاتورة الطاقية إذا ما عادت الأسعار إلى الارتفاع من جديد. وكان انخفاض أسعار النفط هو نقطة الضوء الوحيدة في تداعيات الجائحة الوبائية على الاقتصاد المغربي . وإذا كان المستهلك المغربي قد استفاد نسبيا من تراجع أسعار المحروقات التي انخفضت بواقع درهمين في محطات الوقود، فإن الميزان التجاري للمملكة كا سيستفيد أكثر من هذا التراجع التاريخي لأسعار النفط في الأسواق الدولية، والذي جاء كنتيجة لانتشار وباء كوفيد 19 ، الذي أدى إلى انخفاض حاد في الطلب، بسبب تدابير الحجر الصحي المعمول بها في جميع أنحاء العالم. وحسب الدراسات التي قامت بها مختلف الوكالات الدولية للتصنيف الائتماني، فإن المغرب شأنه شأن الدول المستوردة للنفط، سيستفيد من هذا الهبوط على مستوى ميزان الأداءات حيث أكدت وكالة فيتش رايتينغ في تقريرها الأخير حول المغرب أن «تراجع أسعار النفط وانخفاض الطلب المحلي على الوقود (بسبب حالة الطوارئ الصحية)، سيقلل الضغط على فاتورة الطاقة في المملكة.» وبدورها اعتبرت وكالة موديز أن « تأثير انخفاض أنشطة السياحة و تراجع الصادرات نحو أوروبا، سيقابله جزئياً انخفاض أسعار واردات الطاقة التي ستخفف العبء عن ميزان الأداءات». غير أن من شأن عودة أسعار النفط إلى الارتفاع مجددا، أن تقلب كل هذه التوقعات رأسا على عقب، بل إن خط السيولة والوقاية الذي كان موضوعا رهن إشارة المغرب في الأصل، لمواجهة صدمات خارجية عنيفة من قبيل ارتفاع صاروخي لأسعار المحروقات، لم يعد يعول عليه، بعدما أجبرت أزمة كوفيد 19 المملكة على استخدام هذا الخط لمواجهة التداعيات الاقتصادية المالية غير المسبوقة لهذه الصدمة الطارئة. وقد تشكل عودة أسعار النفط إلى الارتفاع من جديد ضربة أخرى موجعة للاقتصاد المغربي ، الذي سيعاني هذا العام من تراجع القيمة المضافة الفلاحية ب 38 في المائة، كما أن وقعه سيكون أقوى على ميزان الأداءات الذي يعاني هو الآخر من تراجع حجم السيولة بسبب انحباس تدفق النقد الأجنبي، سواء ذاك المتأتي من المبادلات التجارية الخارجية، بسبب توقف الآلة التصديرية للبلاد (السيارات النسيج، الفلاحة)، أو من القطاع السياحي الذي سيخسر هذا العام، حسب تقديرات المكتب الوطني للسياحة، حوالي 34 مليار درهم على مستوى رقم المعاملات، ناهيك عن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، التي ستتأثر هي الأخرى بتداعيات الوباء على اقتصاديات دول الاستقبال. وكذا توقف تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة.