شهر شباط،فبراير, شهر اليأس والإحباط، الذي لا يتساوى مع إخوته في عدد الأيام، هو الباكي عن حظه، عن الحكرة التي لازالت تلازمه إلى الأبد، فهو الشهر الدماع بالنسبة للفلاحين يدرف دموعه وبغزارة عن الأيام التي تنقصه، الشيء الذي يجعله ينتظر حلول السنة الكبيسة لكي ينعم بيوم اضافي بعد مرور ثلاث سنوات ليصبح عدد أيامه 29، ومع ذلك لم يكف عن البكاء - الشهر هذا كان قدره أن عرف أكبر محاكمة عسكرية لفئة من الضباط، ضباط الصف وطلبة ضباط الصف وجنود، شاء قدرهم أن يكونوا ضحايا قانون عسكري يعلمه الجميع وفي جميع الدول، الفصل الصريح في قوانين الجيوش، ألا وهو الامتثال التام لأوامر من هو أعلى رتبة منك، وعلى الوجه الصحيح وبدون مساءلة - الفئة تورطت في محاولة انقلابية ضد النظام يوم العاشر من يوليوز 1971، النازلة التي أصبحت أحفظها عن ظهر قلب فلا داعي للتفاصيل. لقد تم إعدام ضباط سامين يوم الثالث عشر من يوليوز 1971 دون محاكمة مع سقوط ضحايا مدنيين وعسكريين، حوالي 120 طالب ضابط الصف هم الآن ولحد كتابة هذه السطور هم في عداد مجهولي المصير، أحياء في عيون السلطة وعلى صحفات السجلات للحالة المدنية - لنعد إلى شباط (الشهر) البارد والدامع كان بالنسبة لنا المحاكمين، كان ساخنا وخانقا، الطقوس التي عرفتها المحاكمة لعدد 1081 معتقل بمحكمة لا تتسع لاستيعاب هذا العدد، حيث العدد الأكبر كان يتابع المحاكمة خارج أسوار المحكمة، أدين من أدين، وتم تبرئة الطلبة ض ص, البراءة الملغومة والمشبوهة لم تجدنا في شيء من بعد وعلى الخصوص بعد المحاولة الثانية، الهجوم على البوينغ الملكية العائدة من فرنسا زوال يوم الأربعاء 16 غشت 1972، المحاولة هاته كانت صاعقة علينا، تبعثرت أوراقنا من جديد: وارتأت الدولة أن تتخلص منا بطرقها الخاصة، حيث لجأت إلى التسريح اللاإرادي، فرادى وجماعات الإجراء هذا استمر إلى حدود نهاية شهر يونيو 1973، وجدنا أنفسنا في الشارع، منعنا من حقوقنا، واعتبرتنا الدولة بأننا أصبحنا نشكل عليها أمرا من الأمور، فحتى المجتمع لم يرحمنا، والكل تنكر لنا لا حكومات ولا أحزاب بمختلف أطيافهم... لما امتطى المغرب سفينة حقوق الإنسان التي لم تغادر مرساها، استبشر المواطنون والضحايا على الخصوص بإنشاء الدولة للجنة مستقلة للتعويضات لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي حددت في الفترة الممتدة من سنة 1956 إلى حدود سنة 1999 كما حددها الملك ولم يستثن أي حالة من الحالات لا مدنية ولا عسكرية ولا سياسية ولا ولا... تقدمنا بملفاتنا للجنة نحن »مجموعة آهرمومو« ,لكن تقريرها كان الرفض - أنشئت بعدما هيئة الإنصاف والمصالحة راسلناها ووافيناها بطلباتنا كان تقريرها بعدم الاختصاص، في هذا الباب سبق لي أن وجهت سؤالا لرئيس المجلس الاستشاري لحقوق الانسان عبر أثير الإذاعة الوطنية بالرباط في برنامج للأستاذ رشيد الصباحي، كان جوابه كمايلي: علينا أن نتوجه إلى المحكمة، رد عليه الصحافي: شوف ليهم فضاء آخر - الرئيس: عليهم أن يتوجهوا إلى مؤسسة الشؤون الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية - الصباحي: شوف ليهم فضاء آخر: يجيب: يمكنهم أن يتدبروا أمورهم بأيديهم. ساءلنا الأستاذ الصبار لما كان رئيسا للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف الذي انضوينا تحت لواءه بعدما منعنا من تأسيس جمعية - أخبرناه بما ورد على لسان رئيس المجلس الاستشاري بخصوص التوجه إلى المحكمة قال لنا: يريد أن يتخلص من الملف وإقباره لا غير، هذا من جهة - بعد الحراك الذي عرفه المغرب في 20 فبراير 2011 - ارتأت الدولة بتجديد الدستور والقيام بإصلاحات قانونية وغيرها للانخراط في مصاف الدول الساعية إلى ديمقراطية وعدالة انتقالية وإصلاحات قدر ما يمكن على جميع المستويات الاقتصادية الاجتماعية والحقوقية - أنشأ عاهل البلاد مجلسا وطنيا لحقوق الانسان بتعيين السيد ادرئيس اليزمي رئيسا والأستاذ محمد الصبار أمينا عاما له، تعيين هذا الأخير بالمجلس، تضاربت حوله كثيرا من الآراء بين صفوف الضحايا من مؤيد ومعارض - في الفاتح يوليوز 2011 قمت بمقابلة مع الأستاذ محمد الصبار رفقة الأخ محمد جريري والأخ الحسين لكرد، ناقشنا معه الموضوع ووضعية الضحايا على العموم، طلب منا التريث حتى يتم تكوين لجن الاشتغال وملفكم من الأولويات وهو بين يدي وأعدكم بتسويته - مرت سنة 2012، لا جديد، في 13 فبراير 2013 بقاعة عبد الصمد الكنفاوي بالبيضاء، نظم المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف ندوة حول توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة والإدماج الاجتماعي - حضر الندوة كلا من الأستاذ محمد الصبار، نائب الوزير المكلف بالعلاقات بين الحكومة والبرلمان، ممثل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وممثل الاتحاد المغربي للشغل وعضو المكتب التنفيذي للمنتدى وحشد كبير من الضحايا لجميع الحالات. باختصار بعد تصريح الصبار الذي انصب حول أرقام وتجارب بعض الدول في هذا الشأن وغيرها... من جهة أخرى »مداخلات الحضور كان لها رأي آخر انتقادات وامتعاضات الضحايا وعدم الرضا عن الاقصاءات وتهميش حالاتهم بالرفض وعدم الاختصاص وخارج الأجل لعدد من الملفات. في الأجوبة عن هذه الأمور وبالخصوص ملف مجموعة اهرمومو جاء مرة أخرى على لسان محمد الصبار, أن هذا الملف سيتم تسويته بالطريقة التي سويت به مجموعة تاكونيت، 2014 لاشيء في المنتدى العالمي لحقوق الانسان بمراكش في أواخر نونبر 2014 ساءلته من جديد نفس الجواب، الملف في عهدتي ولازلت على الوعد فإلى متى؟ نحن في الانقراض، افرجوا عن هذا الملف - لذا أوجه مرة أخرى ندائي لكل من يعنيه الأمر من أعلى سلطة في البلاد وإلى الحكومة وممثلي الأمة بالغرفتين والأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات الحقوقية ولكل من له غيره على هذا الوطن العزيز لإيجاد حلول عادلة ومنصفة لهذه الشريحة التي طالها عقاب مستمر 44 سنة الآن خلت. * منسق عام لمجموعة اهرمومو ,عضو مكتب فرع البيضاء بالمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف