تواصل السلطات الصحية المغربية سباقها ضد الزمن من أجل الحيلولة دون اتساع دائرة عدوى فيروس كورونا المستجد، وذلك بحصر لائحة المشتبه في إمكانية تعرضهم ل «كوفيد 19»، بعد تسجيل أول حالة إصابة في المغرب. وأكدت خرجات وزارة الصحة، التي ارتفعت وتيرتها خلال اليومين الأخيرين، خلافا للنهج الذي اعتمدته في بدايات الأزمة الصحية التي عرفها العالم، على أن المريض الذي حلّ بالمغرب قادما من الديار الإيطالية والمتواجد في وحدة العزل بمستشفى مولاي يوسف بالدارالبيضاء يوجد في وضعية مستقرة ويخضع للمراقبة الطبية المتواصلة، وبأن جميع الإجراءات قد تم اتخاذها من أجل الوصول إلى المسافرين الذين كانوا على متن نفس الرحلة، وكذا طاقم الطائرة، وإلى امتداداتهم الأسرية، حيث عملت مجموعة من اللجان الصحية على زيارة أماكن تواجدهم بعد حصر لائحة المعنيين بالأمر واتخاذ التدابير الوقائية الموصى بها. وتبيّن المعطيات الوبائية المتعلقة بفيروس كورونا المستجد، أن المرض يحصد ضحاياه في صفوف المسنين تحديدا، والأشخاص الذين يعانون من أمراض تنفسية كما هو الشأن بالنسبة للربو، وهو ما يوضح بأن الفيروس الذي يدخل في تركيبة «أمراض الأنفلونزا»، يكون وقعه صعبا على فئات وشرائح معينة، كما هو الأمر بالنسبة للمصابين بأمراض مزمنة من قبيل السكري والضغط الدموي وأمراض القلب والشرايين والسمنة وكذا السرطان، فضلا عن الحوامل، اللواتي تكون مستويات مناعتهن متدنّية، إذ توضح الأرقام أن نسبة 3.6 في المئة من الوفيات سجلت في صفوف الأشخاص الذين يتراوح سنهم ما بين 60 و 70 سنة، ونسبة 8 % ما بين 70 و 79 سنة، بينما بلغت النسبة 15 % في صفوف الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 80 سنة، هذا في الوقت الذي لم تتجاوز نسبة العدوى 0.2 % في صفوف من تتراوح أعمارهم ما بين 10 و 39 سنة. أرقام ومعطيات تحتّم ضرورة الرفع من سبل الوقاية في بلادنا، التي تعدّ أنجع وسيلة لمواجهة الداء وتفادي تبعاته الصحية الوخيمة على الشرائح والفئات التي قد تكون عرضة لأوخم عواقبه وتداعياته، بالنظر إلى أنه يتم سنويا، في المغرب، تسجيل ما بين 600 و 650 ألف حالة ولادة، بمعنى أن رقم الحوامل ليس بالهيّن، ونفس الأمر بالنسبة للمسنين، إذ يتجاوز عدد الذين يفوق سنهم في المغرب 60 سنة رقم الثلاثة ملايين مغربي ومغربية، فضلا عن الأشخاص المصابين بأمراض السكري الذين يفوق عددهم المليونين، دون إغفال ملايين المصابين بالضغط الدموي وأمراض القلب والشرايين، ومرضى الربو الذين يقدر عددهم بحوالي 17 في المئة من مجموع الساكنة، وأكثر من 10 ملايين يعانون من المسنة، فضلا عن حوالي 21 ألف مريض بداء فقدان المناعة، وهي فئات وغيرها، تعتبر في وضعية صحّية هشّة، مما يجعلها في طليعة المعرضين للإصابة بفيروس «كوفيد 19». في غضون اتخذت الحكومة قرارا بمنع تصدير الأقنعة الطبية الواقية نحو الخارج، وذلك عبر أمر وقعه وزير التجارة والصناعة مولاي حفيظ العلمي بعد استشارة وزير الصحة. وبذلك تمت إضافة الأقنعة الواقية إلى قائمة المنتجات الخاضعة لترخيص التصدير ، وبالتالي تعديل المرسوم الذي يعود إلى عام 1994. وتزامن دخول هذا المرسوم الذي دخل حيز التنفيذ مع مصادرة شاحنة يوم الثلاثاء ، 3 مارس ، تحمل 100000 قناع واق في ميناء طنجة المتوسط. وكان سائق هذه الشاحنة ، وهو مواطن بريطاني ، يعتزم نقلها إلى بلده بغرض بيعها بسعر مرتفع. وفي سياق ذي صلة، بيّنت الزيارات الميدانية الأخيرة التي قامت بها لجان صحية إلى أماكن تواجد ركاب الطائرة، التي كان على متنها أول مغربي مصاب بكورونا المستجد، عن ضعف جليّ في مجال التكوين، وفق شهادات مهنيين، وفي كيفية التعامل مع الحالات المشكوك في إصابتها، بالنظر إلى أن عددا من مهنيي الصحة أقدموا على خطوات غير مأمونة العواقب، قد تعرضهم للعدوى في حال ما إذا كانت هناك حالة أخرى للإصابة بالمرض في بلادنا في صفوف من يسمّون ب «المخالطين»، في الوقت الذي اشتكى آخرون من عدم استفادتهم، وإلى غاية يوم أمس، من دورات تدريبية للتعامل مع المرضى المحتملين والمؤكدين، على حدّ سواء، إلى جانب النقطة المتعلّقة بمعايير الزي المسلّم للمهنيين وباقي التجهيزات الوقائية من نظارات وغيرها، وتوحيدها على الصعيد الوطني بنفس الجودة، وهو ما يستوجب تدخلا من وزارة الصحة، لتصويب هذه الاختلالات، خاصة تلك التي بيّنت تقاسم كؤوس الشاي مع عائلات المشكوك في وضعيتهم المرضية، وهي نفس الملاحظة التي يجب أن تنتبه إليها مصالح وزارة الداخلية كذلك، بالنظر إلى أن عددا من ممثليها يكونون على صلة بهذه الأسر ويتواجدون بدورهم ميدانيا انطلاقا من أدوارهم المتمثلة في الحفاظ على الأمن العام.