يتجه المغرب إلى تسجيل سنة عجفاء للعام الثاني على التوالي، عنوانها الأبرز، قلة التساقطات وتباعدها زمنيا، بل وانحباسها منذ شهر دجنبر الماضي، مع درجات حرارة مرتفعة، في حين عاش المغرب خلال العام الماضي، موسما فلاحيا صعبا، ما يجعل سكان القرى والبوادي يتوجسون خيفة من تدهور أوضاعهم. وبينما أخذ الفلاحون الذين يعولون على الزراعات الخريفية البورية التقليدية، وعلى رأسها القمح والشعير، ينفضون أيديهم من انتظار محصول يعوضهم عن خسائر الموسم الفلاحي الماضي، يوشك المزارعون الذين يعتمدون على الفلاحة المسقية على انتظار نفس المصير، خصوصا مع تراجع نسبة الملء بحقينة السدود إلى 47 في المائة عوض 63 في المائة خلال نفس الفترة من العام الماضي، والهبوط الحاد في فرشاة المياه الجوفية. في غضون ذلك بدأت أسعار الأعلاف تشتعل في العالم القروي، في وقت كان مفترضا أن تنزل إلى أدنى مستوياتها بتزامن مع اقتراب فصل الربيع، (أسعار التبن وصلت إلى 30 درهما والنخالة 3.50 درهما والذرة 4 دراهم..) ما جعل العديد من المزارعين والكسابة يعرضون ماشيتهم للبيع بأسعار تبخس يوما بعد أخر كلما لاح في الأفق شبح الجفاف. غير أن الحكومة تبدو غير منشغلة بتدهور الأوضاع الناجم عن الجفاف في العالم القروي، وما زالت حتى اليوم تتردد في إطلاق مخطط استعجالي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه و تنفيذ تدابير لتخفيف ما نزل، بالتركيز على حماية الثروة الحيوانية عبر توفير الكلأ، والمياه للمواشي، في أحسن الظروف، بالتوازي مع المتابعة الدقيقة للحالة الصحية لقطعان الماشية، وحماية الموارد النباتية من قبيل صيانة المكاسب التي تم تحقيقها في مجال بعض الزراعات ، في إطار الفلاحة التضامنية. إن النهج الذي تتبعه وزارة الفلاحة في تعاملها مع الجفاف الذي هو معطى هيكلي، نهج يقوم عموما على أساس رد الفعل وينحو عادةً إلى التركيز على إدارة الأزمة والمعروف أن التفاعل، على النطاقين الوطني والجهوي على السواء، يأتي في كثير من الأحيان متأخرا وفي غير أوانه ومطبوع بسوء التنسيق و مفتقر إلى التكامل اللازم. ونتيجة لذلك، فإن الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لحالة الجفاف تكون أشد وقعا على سكان العالم القروي.