في الوقت الذي كان مقررا أن تقوم وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليث لايا، بزيارة إلى الجزائر، أول أمس الأربعاء، تم تأجيلها من قبل الجزائر، وذلك للمرة الثانية على التوالي، وهو ما اعتبر من طرف متتبعين للعلاقات بين البلدين غضبا جزائريا من المواقف السياسية الإسبانية تجاه المغرب، وعلى الخصوص موقفها من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وكانت غونزاليث لايا قد زارت المغرب في 24 يناير الماضي، في أول زيارة لها إلى الخارج، انسجاما مع تقليد إسباني دأبت عليه مختلف الحكومات في الجار الشمالي، وكان من المقرر أن تقوم وزيرة الخارجية الإسبانية بزيارة الجزائر في اليوم التالي، قبل أن تبلغ من طرف السلطات الجزائرية بتأجيلها. وتعللت الجزائر في كلتا الحالتين بأسباب مرتبطة بأجندة وزير خارجيتها صبري بوقادوم، غير أن مصادر إعلامية مطلعة أكدت أنه في كلتا الحالتين لم تكن أجندة الوزير الجزائري تتضمن نشاطا يمكن أن يبرر بالفعل عدم تمكنه من لقاء نظيرته الإسبانية، مما يؤكد أن هناك أسبابا أخرى لم تعلنها الجزائر رسميا، لكنها، ومن خلال هذا السلوك، أرادت أن توجه رسالة إلى مدريد تبدي انزعاجها من المواقف الإسبانية تجاه المغرب، وبالخصوص تأكيد مدريد مؤخرا على أنها لا تعترف بالجمهورية الصحراوية الوهمية. وكانت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليث لايا أكدت بداية الأسبوع الجاري أن بلادها لا تعترف بالجمهورية الصحراوية الوهمية، كرد على العمل الاستفزازي الذي أقدم عليه كاتب الدولة الإسباني للحقوق الاجتماعية ناشو ألفاريث، المنتمي إلى حزب بوديموس، عندما استقبل الجمعة الماضية في مكتبه بالوزارة المدعوة « سويلمة محمد سالم» « الوزيرة» في الكيان المصطنع. ونشرت وزيرة الخارجية أرانشا غونزاليث تغريدتين على صفحتها بتويتر، قائلة إنها وبعد الاتصال الذي أجراه معها وزير الخارجية ناصر بوريطة، تؤكد أن ما أقدم عليه كاتب الدولة الإسباني للحقوق الاجتماعية ناشو ألفاريث لا يعكس موقف الحكومة الإسبانية، مضيفة أن موقف إسبانيا من الجمهورية الصحراوية الوهمية لم يتغير لأن الأمر يتعلق بسياسة دولة، وأن إسبانيا لا تعترف بهذا الكيان المصطنع، كما أكدت أن بلادها تدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سلمي وفق قرارات مجلس الأمن. بالإضافة إلى ذلك، تؤكد ذات المصادر، أن الجزائر لا تنظر بعين الرضا إلى المواقف الإسبانية المساندة للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي، خصوصا في ما يتعلق بمساندتها ودفاعها عن الاتفاق الفلاحي واتفاقية الصيد البحري مع المغرب، بالإضافة إلى انزعاجها من خطاب رئيس الحكومة بيدرو سانشيث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي لم يتطرق إلى مسألة « تقرير المصير» عند حديثه عن النزاع المفتعل، ثم الاتفاق الحكومي الذي أبرمه الحزب الاشتراكي مع حزب «بوديموس» والذي لم يتطرق إلى أي موضوع متعلق بنزاع الصحراء انسجاما مع الموقف الرسمي للجار الشمالي، سواء في ما يتعلق بأطروحة « تقرير المصير» وفق منظور الانفصاليين، أو الدفع بالاعتراف بالجمهورية الوهمية، أو منح الجنسية الإسبانية للمنحدرين من الصحراء. تأجيل زيارة وزيرة الخارجية الإسبانية للمرة الثانية، يؤكد مرة أخرى أنها الطرف الرئيسي في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، فبعد انتقاداتها لفرنسا بسبب دعمها للمغرب في هذا النزاع، أقدمت الأسبوع الماضي على استدعاء سفيرها في الكوت ديفوار بعد فتح قنصلية عامة لها في مدينة العيون، وهوما يعطي دليلا جديدا للمجتمع الدولي والأمم المتحدة على أن الجزائر متورطة في إشعال هذا النزاع وتغذيته واستمراره .