نظم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمحمدية حفل تأبين الفقيد المناضل المرحوم السي محمد أشركي، يوم الجمعة الماضي بمسرح عبد الرحيم بوعبيد، الذي اختير له شعار: ليلة الوفاء والعرفان . حضرت جموع غفيرة يتقدمهم عبد الحميد جماهري والمهدي مزواري ومشيج القرقري وأعضاء المجلس الوطني والكتابة الجهوية، من مناضلين اتحاديين ويساريين وجمعويين وديمقراطيين، كما حضر مواطنون رجالا ونساء، عربون محبة ووفاء للمناضل السي محمد أشركي الذي تعرفه المدينة بخصاله ونبله وسريرته وخلقه ونظافة يده، كما حضرت بعض الأسماء التي اشتغلت مع الراحل، من بينهم بعض رجال السلطة والرئيسة الحالية للجماعة . وفي كلمة المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قال الدكتور مشيج القرقري : «أستحضر رجلا جمع حوله في حياته كل الاتحاديين والاتحاديات. وأستحضر رجلا جمع حوله مواطنات ومواطنين من كل المواقع والآفاق، رجلا عاش الاتحاد، عاش المدينة، عاش الوطن. أستحضر رجلا خبر الاعتقال، خبر النضال، خبر كل المسؤوليات. أستحضر رئيسا لمدينة أحبها، وشمها بصدقه وقربه من الناس» . وأضاف مشيج القرقري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في كلمة له باسم حزب القوات الشعبية في ليلة الوفاء والعرفان : « الفقيد الرئيس السي محمد أشركي عاش داخل حزبه يدعو للصبر، والاستمرار، جسد المصالحة الاتحادية المستمرة وانفتاح الاتحاد في كل لحظات حياته، تفاعل دائما مع قضايا المدينة والحزب والوطن. السي محمد أشركي كان ضمن كوكبة من الرؤساء الاتحاديين في صلب معركة الخيار الديمقراطي. رؤساء جسدوا إطلاق النضال والتغير من داخل المؤسسات، انتصروا لمبدأ العمل وتنزيل شعار الديمقراطية والاشتراكية في تحملهم اليومي. رؤساء اشتغلوا ضمن منظومة عمل جماعي مختلة وحولوها لمنظومة متوازنة وفعالة. وضعوا استراتيجيات في مجالات مرتبطة بالتنمية الترابية المستدامة واعتبروا الجماعات لبنة أساسية في مسار التنمية في ارتباط بالمنظومتين الاجتماعية والثقافية. دعموا الاستقلال المالي والإداري للجماعات وفعلوا المحاسبة والرقابة الذاتية والحزبية الداخلية. واسترجع الدكتور القرقري بعض الرؤساء الذين مثلوا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في التدبير الجماعي حيث قال في هذا الصدد : «اليوم نسترجع في ذكرى السي محمد اشركي رؤساء اتحاديين: تطوان السيد أحمد أجزول اكادير إبراهيم الراضي القصر الكبير محمد الطويل تازة عزوز الجريري المحمدية عبد الرحمن العزوزي عين الذياب مصطفى القرشاوي المعاريف محمد محب الرباط عبد الرحمن ملين وبوطالب فاس الفيلالي بابا واللائحة تطول … رؤساء اشتغلوا في إطار ظهير 1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي، وهو قانون عرف بضغط سلطات الوصاية وعدم توازن الاختصاصات بين المجالس المنتخبة والسلطة الوصية. رحم الله من رحل منهم وأطال في عمر من مازال بيننا اليوم. وأعود للرئيس الفقيد السي محمد أشركي فبصمات التجربة الاتحادية شاهدة اليوم على مدينة لم تعد كما أحببناها. أنصف الشغيلة الجماعية، أحسن تدبير الكفاءات وطبقا لمنظومة عمل تشاوري بين الجماعة والمواطنين لم يدستر إلا في سنة 2011 والقانون 113/14. إبان جنازته وصفه المزواري «كون الراحل حقق مصالحة اتحادية كبيرة اليوم بوجود كل أبناء الحركة الاتحادية». وأبنه عبد حميد الجماهري» إنك ياعزيزي اشركي، حفظت للمدينة كرامتها لأنك كريم، وحافظت على شهامتها لأنك شهم». أستعير المقولتين وحزبنا اليوم يحتفل بذكرى 60 لتأسيسه، مطلقا نداء المصالحة والانفتاح، سلوك جسده فقيدنا داخل وخارج المؤسسات بالانصات الدائم، والتواصل المستمر. رحم الله الرئيس السي محمد أشركي، عزاؤنا واحد في رجل حمل الأمل، واستشرف المستقبل. أجيال الاتحاديين والاتحاديات وأجيال من المغاربة وأجيال من ساكنة المحمدية لن تنسى نبل أخلاقك، نظافة يدك وابتسامتك…». وقدم عزيز بيض كلمة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمحمدية: «لقد فجعت مدينة فضالة المناضلة ومعها العائلة الاتحادية الكبيرة قبل شهرين بفقدان أحد أبنائها البررة والأشاوس والمناضل الكبير السي محمد أشركي الذي تعرفه كل الشرائح الاجتماعية ومختلف الأجيال بأخلاقه العالية ومبادئه الثابتة على الصدق والأمانة والتسامح ونكران الذات، وهي قيم ومبادئ ليست دخيلة عليه لأنه سليل عائلة مقاومة ظلت ومازالت حاضرة في الوجدان الجمعي، محليا ووطنيا، لما عرف عنها من تضحيات في سبيل المصلحة العامة للوطن وللمواطنين»، وأضاف نائب كاتب الفرع : «لن نتمكن في هذا المقام الطيب وعبر هذا المقال المتواضع من سرد السيرة الذاتية لفقيدنا العزيز لأنها حافلة بالعطاء والسخاء والوفاء والإيثار منذ أن ساهم إلى جانب ثلة من المناضلين الأوفياء في بناء أركان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمحمدية ووضع الحجر الأساس للصرح النقابي والجماعي، حيث قاد التجربة الجماعية الاتحادية الرائدة (83 92)، التي وصفت لدى المهتمين بالشأن المحلي بالتجربة الموجهة والنموذج الاستثنائي إلى أن لبى نداء ربه راضيا مرضيا.» لقد عرفت مدينة فضالة بمختلف شرائحها وقواها العمالية والتقدمية والشعبية خصال الفقيد. هذا الرجل الاستثنائي الذي كان مناضلا وإنسانا زاهدا في الحياة واضعا لنفسه ميثاقا أخلاقيا مبتدأه وخبره المصلحة العامة ولا شيء غير ذلك. لقد فقد حزبنا أحد حكمائه الكبار الذي ظل طيلة حياته صمام أمان وصوت الحكمة ضد كل الهزات التي كانت تعترض سبل المناضلات والمناضلات في معترك النضال في مختلف الواجهات والمؤسسات، فكان رحمة الله عليه حاضرا في كل المعارك للتوجيه والنصح والصلح ليظل قطار الحزب على سكته الصحيحة لمواصلة مسيرة النضال الديموقراطي مستحضرا مقولات قادة الحزب وشهدائه ومحطاته المفصلية وأحداثه التاريخية من أجل استخلاص الدروس والعبر وتحصين الذات ضد كل عوامل النكوص والفتور والعلل. لقد سخر الفقيد رحمه الله كل حياته خدمة للحزب ومن خلاله خدمة للوطن والمواطنين بعيدا عن الأضواء رغم الأنواء ومغريات المهام وألق المسؤوليات، فتحمل المسؤولية الجماعية رئيسا لجماعة المحمدية مخلفا بصمات وضاءة إلى جانب فريق من المناضلين الأصفياء، ولازالت هذه البصمات شاهدة عصر، رغم معاول التحريف والتعتيم والتخريب والتعييب، ولعل هذا الصرح الذي يحتضن هذه الليلة المباركة والذي يحمل اسم أحد قادة الحزب التاريخيين المرحوم السيد عبد الرحيم بوعبيد والذي نحتفي بذكرى رحيله الثامنة والعشرين، واحدا من المنجزات التي تشهد على نبل التجربة الجماعية الاتحادية التي قادها الفقيد السي محمد أشركي رحمه الله. إن فقيدنا السي محمد أشركي سيبقى في ذاكرة الاتحاديات والاتحاديين محليا ووطنيا نموذجا للمناضل الصلب والمعطاء ورمزا للنضال والتضحية والوفاء وموجها من خلال استحضار مساره النضالي النظيف المفعم بالمبادئ السليمة والقيم النبيلة. إن حضور رفاقه وأصدقائه في هذا الحفل التأبيني في هذه الليلة هو عربون وفاء ومحبة وعرفان لرجل أخلص الود وحافظ على العهد وظل وفيا في علاقاته النضالية والإنسانية دون كلل أو ملل، يشهد على كل هذه الخصال والشمائل كل من عرف الابن البار لمدينة فضالة المرحوم بإذنه تعالى السي محمد أشركي. فلن تنسى ساكنة هذه المدينة المناضلة الأيادي البيضاء للفقيد الذي دافع عنها باستماتة ونكران ذات، كما لا ينسى أخواته وإخوانه في حزب القوات الشعبية أسهاماته النيرة في الحفاظ على سلامة البيت الاتحادي ضد كل الرياح التي كانت تعصف بين الفينة والأخرى وسط معارك البناء الديموقراطي التي ينخرط فيها حزبنا بكل ثبات ومسؤولية في مختلف الواجهات والمؤسسات. لا يفوتني في هذا المقام الطيب أن أشكر، باسم الحزب، كل الأيادي البيضاء التي قدمت لحزبنا واجب العزاء في فقدان أخينا المناضل الفقيد السي محمد أشركي. كما أشكر كل المناضلين والأصدقاء والأطباء ورفاق الفقيد كل باسمه وصفته على مؤازرته للفقيد وأسرته خلال فترة المرض التي نسأل الله عز وجل أن يجعلها في ميزان حسناته. والشكر موصول إلى كل من وضع لبنة فوق أختها لتنظيم حفل التأبين في ليلة الوفاء والعرفان كل باسمه وصفته، وكل جنود الخفاء والعلن بما يترجم قيمة الوفاء لرجل يستحق منا الوفاء والعرفان ورفع أكف الضراعة إلى المولى جل في علاه أن يختم بالصالحات أعماله وأن يسكنه فسيح الجنان مع الذين أنعم عليهم من الشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا». وفي كلمة مؤثرة لابنة المرحوم مريم أشركي قالت : « « بادئ ذي بدء أتوجه بالشكر الخالص والكبير لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمحمدية، وأهيب برجاله الأبطال، الذين حملوا مشعل الدفاع عن مجموعة من الحقوق المهضومة، نيابة عن نفسي وجميع أسرتي على هذه الالتفاتة الصادقة والمعبرة عن الحب والامتنان والاعتراف للمرحوم أبي السيد محمد أشركي. أشكر جميع الأشخاص الذين ساهموا بكل صدق وإخلاص في توفير الرعاية الطبية الجيدة لأبي، أشكر أيضا كل من ساندنا من بعيد أو قريب على تحمل أعباء المرض والفراق المؤلم. لن أتطرق في هذا الحفل المهيب للنضال السياسي للفقيد وعن حبه لوطنه وتضحيته من أجله، فالكثير يعرف ذلك، بل سأتحدث عن الجانب الإنساني لأبي رحمه الله». وأضافت مريم أشركي في كلمة باسم العائلة : « قبل أسابيع وارينا التراب أبا وأخا وحبيبا من أحبائنا الأعزاء علينا، يشهد له بالصلاح والاستقامة، كان إنسانا يعيش من أجل الآخرين على حساب شخصه وأسرته . يسارع إلى المكارم، يساعد المحتاجين في سترة وخفاء وغالبا ما كان يردد عبارات»كل شيء بإذن الله وكل شيء في سبيل لله «.وإن المؤمن الحقيقي يكمن في بساطته وتواضعه. كان الفقيد أبا مثاليا، بكل المقاييس، كان يغدق علينا من عطفه ورضاه، علمنا صفات التواضع، التسامح، الاستقامة، حرية الاختيار وتحمل المسؤولية. كان إنسانا حنونا، صبورا، ذا ابتسامة مشرقة لم تفارقه حتى في مرضه، لا يميل إلى التأثر بما يحس به، كان يشير إلينا أحيانا بالصبر المحتوم، إنها محنة الصمود عاشها الفقيد، تسعة أشهر اشتد فيها مرضه، تسعة أشهر من الصبر، رغم دموع الفراق التي كانت تخونه أحيانا، تسعة أشهر رأينا فيها حنانا، دموعا، حرقة ودعاء عائلته، أصدقائه، معارفه، جيرانه، حتى الأطباء الذين أشرفوا على علاجه، حتى أناس ربما سمعوا به فقط. تسعة أشهر انتهت برحيله، وسط زوجته وأبنائه، أصدقاء رافقوه طوال مرضه، توفي كما كان يتمنى في بيته، على حين غفلة، في صمت وسكينة وحب أظنه الإخلاص «. وختمت ابنة الفقيد : «رحل لكنه ترك بصمات لا تحصى، ترك حب الناس سمعة طيبة، وسكينة غريبة في المنزل، أسلم الروح لبارئها، وهو على يقين بأن لحمة الحنان والتآزر تربط الإخوة والأم في سلالة من العروة الوثقى. لقد فقدنا فيه الجسد لكن الروح لازالت ترفرف فوقنا وتمدنا من أصدائها قوة دافعة إلى متابعة مسيرة الحياة. سوف تظل يا أبي في قلوبنا، وذاكرتنا، وداعا أبي وإلى اللقاء، يوم يأذن الله بالساعة، ومرة أخرى شكرا جزيلا للإخوان المنظمين وللحضور الكريم. وختاما، يقول الله تعالى في كتابه الكريم، بسم الله الرحمان الرحيم: « يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي.» صدق الله العظيم». هذا وعرف الحفل تقديما من طرف فريدة بوفتاس وجمال حطابي كما ألقيت قصيدتان للزجال عبد الرحيم لقلع وعزيز غالي، وفي الختام تم تقديم تذكار للدكتورة مدثر لما أسدته للمرحوم من عناية طبية قدمها لها عبد الحميد جماهري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كما قدم تذكار للأسرة من طرف البوري ونور الدين العسري .