لن نشنف مسامع الوالي الجديد على مدينة مكناس ، بما كتب عن مكناس من مقالات ومراسلات .. ولن نودع المسؤول السابق بما يمكن أن يفعله البعض ، من إعطاء للأصبع تحت الجلباب ( التقلاز ) .. فالمسؤول أي مسؤول ، إما أن تنتقده الصحافة وهو فوق كرسي المسؤولية ، وإما أن تصمت .. فليس من المروءة في شيء أن تشحذ السكاكين بعد سقوط البقرة .. وما كان لي أيضا أن أشحذ سكين النقد اللاذع في حق أحد ولاة مكناس السابقين ، في مقالة مازال العديد من المكناسيين يتذكرها ، كنت قد عنونتها ب « سيادة الوالي الذي ... » لولا أن سببين ملزمين ، حتما علي واضطراني الى ذلك اضطرارا ، أولهما أنني لم أنتظر حتى تسقط البقرة ، ويستغنى عن خدمات الوالي ، لأنتقد وأفضح ، كما أشاع بعض الذين يحرجهم قلمي .. ولكني كنت أقض مضجع هذا الوالي بالفضح لكل خروقاته وتراميه على ممتلكات المدينة .. وهو لايزال يصول ويجول ، منيخا بكلكله على كل الإدارة الترابية لجهة مكناس تافيلالت .. الى درجة أن مقالاتي الصحفية الفاضحة لهذا الوالي ، أخرجته عن صمته ، في اجتماع ضم كل مسؤولي القطاعات والمصالح الخارجية ، والمنتخبين .. ليقول بالحرف تعليقا على مقالة كنت قد كتبتها فاضحا للغش والتلاعب اللذين طالا عملية بناء المركب السوسيو ثقافي لعين الشبيك ، بقوله: « سامح الله السي حميد العكباني ، يكتب عنا كلام حق يراد به باطل .. » ، والسبب الثاني الذي جعلني أكتب عن مسؤول بعد الاستغناء عن خدماته ، هو أن بعضهم قد حاول أن يغالط الرأي العام ، ولا داعي للرجوع الى الأسباب والدواعي .. مكناس يا سيادة الوالي الجديد ، النافذون المتنفذون من منتخبيها فاسدون .. والباقي سلبيون .. فالمتنفذون النافذون من المنتخبين ، عاثوا ويعيثون فسادا ، في التعمير ورخص الاستثناء والتغاضي عن البناء العشوائي غير المرخص حتى ولو كان في قلب المدينةالجديدة ؟ ويبتزون المواطنين للحصول على تراخيص البناء أو السكن .. النافذون المتنفذون من المنتخبين متواطئون مع دافعي الضرائب ، بالتغاضي وعدم الاستخلاص في مقابل رهن المدينة في الديون .. النافذون المتنفذون من المنتخبين لهم حقهم من تحتها ، في مداخيل المجزرة البلدية ، وسوق الحبوب وسوق الجملة لبيع الخضر والفواكه ، وسوق السمك ..ولهم حقهم في الصفقات المشبوهة التي تبرم في الظلام ، وبعضها خارج الوطن كصفقة تجديد عقدة التدبير المفوض لجمع النفايات ، التي وضع لها الترتيب بفرنسا ، قبل أن توقع في مكناس .. النافذون المتنفذون من المنتخبين ، هم من وظف أبناءه وأخواته وإخوانه وأزواجه وأقرباءه من أصهار وغيرهم ، ووضعهم على رأس المسؤولية في هذه المرافق ليضمنوا «جطهم» من البقرة الحلوب .. ومنهم أيضا من وظف نفسه ، ويتقاضى أجرا كموظف شبح منذ ما يقرب من العشرين عاما ؟ .. النافذون المتنفذون من المنتخبين هم من ترامى ، أو ساعد على الترامي على الشارع العام ، الذي ضرب الأطناب في المدينة .. وأصبح المحتلون يعتبرون أن الشوارع والأزقة والممرات .. بل وحتى الأزقة ، ملك لهم ، والويل لمن حاول أن يحتج ؟ النافذون المتنفذون من المنتخبين ، هم المرتشون الذين زاروا السجن بسبب ارتشائهم ، أو بسبب البيع والشراء في ملك الغير .. النافذون المتنفذون من المنتخبين يبذرون مالية المدينة في السفريات التي لم تستفد منها المدينة في أي مجال ، اللهم مجال «الحريك» الى الضفة الأخرى بمباركة منتخبي المدينة ، ياحسرة .. النافذون المتنفذون من المنتخبين ، هم من أوصلوا المدينة الى هذا المستوى من التردي والانحطاط في كل شيء .. شوارع وأرصفة قد تظل محفرة ، أو تذهب معالمها بكثرة النفايات والأحجار والأتربة لشهور .. دون أن يلتفت إليها أي مسؤول .. ؟ نظافة منعدمة ، وأزبال ونفايات تؤذي العين وتزكم الأنوف ، حتى في أكبر شوارع المدينة ..؟ إنارة ضعيفة أو منعدمة بالمرة ، في العديد من شوارع المدينة وأحيائها .. أما المنتخبون السلبيون ، فهم أولائك الذين يدعون المعارضة ، ولا يقومون بأي عمل ملموس لإيقاف هذا العبث ، الذي يزعمون أنهم يعارضونه .. اللهم بعض الجمل الإنشائية التي يركبونها في كل دورة ، من دورات المجلس ، إن هم حضروا ؟ ثم يعودون الى جحورهم في انتظار الدورة المقبلة إن شاء الله ؟ ويوجد على رأس هؤلاء المنتخبين السلبيين ، ممثلو حزب رئيس الحكومة ، الذي يدعي محاربة الفساد ، ولم نر يوما موقفا ملموسا جماعيا كان أو فرديا من هذا الفريق لإيقاف الفساد ، الذي تعرفه الجماعة التي يدعون تمثيلية المكناسيين فيها؟ الحقل الرياضي ، فاسد والتدخل من أجل إيقاف نزيفه ان بقي هناك أمل في ذلك لا يقبل التأجيل .. وأول ما ينبغي التدخل فيه هو إيقاف الفوضى والعبث بمالية الرياضة في المدينة ، أي الشروع في عملية افتحاص وتدقيق للحسابات ، في مالية المجلس الإداري : مداخليه و ممتلكاته كيف تصرف ؟ وأين تذهب ؟ .. أكريته : كيف تستخلص ؟ وعلى أي معيار تم كراؤها ؟ وهل المعاملات المالية تتم بالشيك البنكي ، والتوثيق المبرر للصرف قانونا ؟ أم أن التصرف في هذا المال العام ، يتم بالسيولة النقدية وكأنه ملك خاص للمتصرفين فيه ؟ .. كما ينبغي اليوم ، وليس غدا أن ينسحب هذا الافتحاص وتدقيق الحسابات على مالية كل الفروع الرياضية بالمدينة .. سواء التي تتصرف في ممتلكات كالسباحة ، وكرة القدم وكرة اليد والكرة الحديدية .. أو تلك التي تقتصر في مداخيلها على المنح .. كما يجب في الجانب الرياضي دائما ، أن يتم الانكباب على ضرورة إعادة هيكلة الهياكل المسيرة للحقل الرياضي ، على أسس ديمقراطية شفافة وواضحة ، لأن الذي أوصل الرياضة المكناسية الى هذا الحضيض والدرك الأسفل من التردي ، هو تغييب الديمقراطية في أغلب الجموعات العامة التي على أساسها تنتخب الأجهزة المسيرة ، إما بالإنزال ، أو عدم فتح باب التسجيل للانخراط .. ويأتي على رأس هؤلاء المغيبين للديمقراطية ، المجلس الإداري ، الذي «انتخب» فيه الرئيس ، بالتصفيق في جلسة بفندق و « خول « اختيار أعضاء المكتب ، ومن يومها ( أربع سنوات مضت ) لم يعقد أي جمع عام لهذا الجهاز لعرض تشكيلة المكتب ؟ المخدرات يا سيادة الوالي ، وحتى الصلبة منها ، والمهلوسات التي تفضي بأصحابها الى جرائم لا تخطر على بال ، تباع في أحياء المدينة ومقاهي الشيشة و الحانات وعلب الليل .. بالواضح وليس بالمرموز ، وقد امتدت الآفة حتى في محيط مؤسساتنا التعليمية ، تستهدف الأطفال والمراهقين ..ولم يعد كافيا ، أمام استفحال الظاهرة ، وخطورة نتائجها ، أن يقوم الأمن بحملات تمشيطية موسمية ، كلما كثر اللغط ، ثم تهدأ العاصفة ليعود الأباطرة الى تجارتهم ، ونشاطهم آمنين مطمئنين ؟ المطلوب وضع استراتيجية واضحة لمحاربة الآفة ، ولم لا يضع فيها الأمن رقما أخضر لإشراك المواطنين في العملية ؟ أما أن ينشط أباطرة المخدرات والمهلوسات والخمور ، حتى في المحيط الأقرب من بعض الدوائر الأمنية ، فهو ما لم يعد مقبولا ولا مفهوما ؟ الدور الآيلة للسقوط بالمدينة القديمة تنذر بالكارثة ، ما لم يتم استباقها بالبحث عن إمكانيات مساعدة السكان على إصلاح ما يمكن إصلاحه ، أو إمكانية إعادة إسكانهم .. شركة النقل الحضري ، تحتل المجزرة البلدية ، وتعرض اللحوم التي يستهلكها المواطن ، لسموم محروقات حافلاتها ؟ مشاريع ضخمة التهمت من ميزانية المدينة الملايير ، دون أن ترى النور بسبب الفساد ، وهي اليوم تتلاشى وتتآكل وتضيع ؟؟ مثل بارك الزويتينة والعوينة الصافية .. و في الأخير أسائل السيد الوالي وهو يتصفح الملفات الشائكة ، التي لاشك أنها تؤرق أي مسؤول ، ومنها : كيف السبيل الى تحريك عجلة الاستثمار، في مدينة لا يبحث النافذون المتنفذون من المنعشين الاقتصاديين فيها إلا عن استثمار الهمزة ؟ وليس عن استثمار الإقلاع الاقتصادي للمدينة المسكينة التي أعطتهم كل شيء ، فأخذوا منها كل شيء دون أن يعطوا شيئا ؟ والدليل جحافل العمال المطرودين فقط بسبب المطالبة بحقوقهم كمواطنين .. والدليل أيضا هو تملصهم من أداء ما بذمتهم من ضرائب مستحقة عدت بالملايير حرموا منها الدولة والجماعة ؟ كيف سيتعامل سيادته مع ملف سكان عمارة ببرنار ، الذين شردوا بسبب انهيار غطاء القبو، بسبب التغاضي و السماح لشركة أسيما ببناء مركزها التجاري ، قبل حصولها على التراخيص والدراسة اللازمة ، ومن يومها والسكان محرومون من العودة الى مساكنهم بدعوى أنها آيلة للسقوط ؟ فكيف يسمح لشركة بأن تقوم بأشغال بناء ضخمة ، في أسفل هذه العمارة التي قيل إنها مهددة بالانهيار ؟ كيف سيتعامل سيادته مع ملف سكان سيدي بوزكري المائة ألف أو يزيدون ؟ سكان اغتنى على ظهورهم من اغتنى وانصرف ، دون حساب ولا مساءلة ، وتركوا هم للقضاء يعتقل من يعتقل ويفرغ من يفرغ ؟ هو ملف ظاهره يا سيادة الوالي ليس كباطنه .. ويحمل في ثناياه مشكلا اجتماعيا وإنسانيا ، يؤرق كل ذي ضمير ، كما يستبطن توترا أمنيا لا نريد له أن يطفو.. الساكنة المكناسية وهي تتطلع الى ما سيقوم به الوالي الجديد ، بعد أن أصبحت مدينتهم في عداد المدن المنكوبة ، للسالف ذكره وغيره كثير..، واعية تمام الوعي بأن الوالي الجديد لا يملك العصا السحرية للتغيير دفعة واحدة .. ولكنها تتساءل : هل سيبدأ سيادته ؟ وبماذا سيبدأ ؟ أم أننا سنجد أنفسنا مرة أخرى منذورين لاجترار المرارة ؟