طلبت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي من رئيس اللجنة القضائية صياغة لوائح الاتهام ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقالت إن اساءة استغلاله للسلطة لتحقيق منافع سياسية «لا يترك لنا خيارا سوى التحرك». وبطلب بيلوسي من رئيس اللجنة القضائية في المجلس جيري نادلر صياغة الاتهامات، فقد أصبح من شبه المؤكد انطلاق عملية رسمية لعزل الرئيس ال45 من منصبه. وقد عبر غالبية اعضاء مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديموقراطيون عن نيتهم دعم هذه العملية، الأمر الذي يرجح أن يصبح ترامب ثالث رئيس في تاريخ الولاياتالمتحدة يحاكم بهدف عزله. وصرحت في بيان تلفزيوني مقتضب «للأسف ولكن بكل ثقة وتواضع، وبولاء لمؤسسي البلاد وبقلب مفعم بالحب لأميركا، أطلب اليوم من رئيس (اللجنة القضائية في مجلس النواب جيري نادلر) المضي قدما في صياغة لوائح الاتهام» بهدف عزل الرئيس. وقالت ان ترامب «أساء استخدام السلطة وقوض الأمن القومي وعرض للخطر نزاهة علاقاتنا .. لم يترك لنا الرئيس خيارا سوى التحرك». ولم تعلن بيلوسي عن التهم، إلا أن ترامب يمكن أن يواجه العزل في تهم الرشوة واساءة استخدام السلطة، وعرقلة عمل الكونغرس وإعاقة العدالة. وأكدت بيلوسي أن الرئيس «اساء استخدام سلطته لتحقيق منافع سياسية على حساب أمننا القومي» من خلال حجب المساعدات العسكرية عن أوكرانيا ومنع عقد لقاء مع نظيره الأوكراني فولدويمير زيلينسكي في البيت الأبيض للضغط عليه لإجراء تحقيق بشأن منافسه السياسي جو بايدن. وأضافت «اذا سمحنا للرئيس أن يكون فوق القانون، فإننا نعرض جمهوريتنا للخطر». وسارعت كبيرة المتحدثين باسم ترامب ستيفاني غريشام إلى الرد، وكتبت على تويتر «يجب أن يخجل الديموقراطيون من أنفسهم». وأضافت أنه عندما يطلق مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديموقراطيون اجراءات العزل، فإن ترامب يتطلع إلى «محكمة عادلة في مجلس الشيوخ» الذي يسيطر عليه الجمهوريون. ويبني الديمقراطيون قضيتهم على اساس أنه ينبغي إقالة ترامب لمحاولته الاستفادة من اجتماع البيت الأبيض مع زيلينسكي والمساعدات العسكرية للضغط على أوكرانيا لكي تفتح تحقيقا بشأن بايدن، منافس ترامب المحتمل في انتخابات الرئاسة 2020. كما رد ترامب بتأكيده انه سينتصر.وكتب على تويتر «الجيد هو أن الجمهوريين موحدون الان أكثر من أي وقت مضى. سننتصر». وأضاف ترامب «الديموقراطيون اليساريون المتطرفون أعلنوا أنهم سيسعون إلى عزلي بدون سبب». وأشار إلى أن «عملية العزل المهمة والتي نادرا ما تستخدم، ستستخدم بشكل روتيني لمهاجمة الرؤساء المستقبليين. هذا لم يكن في بال مؤسسي البلاد». ويصر الديموقراطيون على إجراء تصويت على إطلاق إجراءات العزل قبل عطلة الميلاد التي تبدأ في 25 دجنبر وإذا صادق مجلس النواب، كما هو متوقع، على إطلاق إجراءات العزل، سيحال الملف إلى مجلس الشيوخ ذي الغالبية الجمهورية لإطلاق محاكمة في شهر يناير. وقد دعم ثلاثة خبراء دستوريين جهود الديموقراطيين الرامية لعزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب معتبرين أن سعي سيد البيت الأبيض لدفع جهة خارجية إلى التدخل في الانتخابات الأميركية يشكل أساسا صالحا لعزله، وذلك مع انطلاق المرحلة الثانية من التحقيق في مجلس النواب. إلا أن خبيرا رابعا عارض بشدة هذا الموقف قائلا إن الأدلة «غير كافية على الإطلاق» لاتهام ترامب بارتكاب جرائم كبرى أو جنح تستدعي العزل. وفي جلسة استماع صاخبة للجنة القضائية في مجلس النواب المكلفة إعداد القرار الات هامي بحق الرئيس، استمع النواب إلى إفادات أربعة خبراء دستوريين، اعتبر ثلاثة منهم أن ترامب ارتكب مخالفات تستدعي العزل. وقال بروفسور الفقه القانوني في جامعة كارولاينا الشمالية مايكل غيرهارت «نحن الثلاثة آراؤنا متطابقة» في إشارة إلى باميلا كارلان بروفسورة كلية الحقوق في جامعة ستانفورد ونوا فيلدمان بروفسور كلية الحقوق في جامعة هارفرد. وقال فيلدمان «بناء على الإفادات والأدلة التي تجم عت لدى المجلس، لقد ارتكب الرئيس ترامب جرائم كبرى ومخالفات تستدعي العزل بسبب استغلاله منصب الرئاسة». وتابع الأميركيون عبر شاشات التلفزة التي غطت الجلسة بشكل مباشر نقاشا حادا بين أعضاء اللجنة الديموقراطيين المعارضين لترامب والجمهوريين المؤيدين له. وتأتي المرحلة الجديدة من التحقيق غداة صدور التقرير النهائي للجنة الاستخبارات الذي خلص إلى أن ترامب «وضع مصلحته الشخصية فوق المصالح القومية للولايات المتحدة، وسعى إلى تقويض نزاهة الانتخابات الرئاسية الأميركية، وعرض الأمن القومي الأميركي للخطر». وقال رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب الديموقراطي جيري نادلر إن ترامب «كان على استعداد لتعريض أمننا ومنصب الرئاسة للخطر من أجل مكاسب شخصية وسياسية»، بالتماسه «الصريح والمباشر» تدخلا خارجيا في الانتخابات الرئاسية للعام 2016 وأيضا انتخابات العام 2020. وقال غيرهارت إن ترامب ارتكب واحدة من أخطر التجاوزات السياسية في تاريخ الولاياتالمتحدة. وتابع أن «سوء السلوك الخطير للرئيس والذي يتضمن الرشوة وطلب خدمة شخصية من رئيس أجنبي مقابل استخدامه نفوذه، وإعاقته سير العدالة وعرقلة عمل الكونغرس يتخطى سوء سلوك أي رئيس سابق». وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام على تويتر معتبرة أن «ثلاثة خبراء من أصل أربعة في جلسة الاستماع الصورية هذه متحيزون» ضد ترامب. أما الخبير الرابع جوناثان تارلي وهو بروفسور في كلية الحقوق في جامعة جورج واشنطن، وهو الوحيد الذي اختاره الجمهوريون، فقد كان موقفه مخالفا تماما. وقال تارلي الذي أدلى بإفادته في عملية إطلاق إجراءات العزل بحق الرئيس الأميركي بيل كلينتون في عام 1998، إنه «لا يوجد أي دليل» على أن ترامب «تصرف بنية فاسدة». وكشف تارلي أنه لم ينتخب ترامب في عام 2016، لكنه اعتبر أن معارضة الرئيس «لا علاقة لها» بالمسائل الدستورية المطروحة أمام الكونغرس. وقال «يمكن لأحدهم أن يعارض سياسات الرئيس ترامب أو أفعاله وعلى الرغم من ذلك أن يستخلص أن قضية العزل الحالية ليست فقط ذات أدلة غير كافية لا بل من بعض النواحي خطيرة». وأضاف أن «عمليات العزل يجب ان تبنى على الأدلة وليس الفرضيات»، مشيرا إلى أن الديموقراطيين يدفعون باتجاه تسريع عملية العزل ولا يستمعون للمعنيين الأساسيين بالقضية في أوكرانيا. ومن لندن حيث شارك في قمة لحلف شمال الأطلسي، ندد ترامب بالتقرير ووصفه ب»المهزلة»، مهاجما خصومه لمضي هم قدما في جلسات الاستماع على الرغم من تواجده خارج البلاد. وردا على سؤال حول التقرير، قال ترامب «ما يفعلونه سي ئ جدا لبلدنا»، مضيفا «إنها مهزلة». واعتبر داغ كولينز، كبير الجمهوريين في اللجنة، أن «ما يجري اليوم هو مجرد إضاعة وقت». وبعدما ألمح إلى أن الخبراء لم يطلعوا على كل تفاصيل عملية العزل، ردت عليه كارلان بعنف قائلة «شعرت بالإهانة جراء التلميح إلى أن بروفسورا في القانون لا يهتم بتلك الوقائع». وأكدت كارلان أن سعي ترامب لحجب مساعدة عسكرية لأوكرانيا واشتراطه فتح كييف تحقيقا بحق جو بايدن يشكلان أساسا صالحا للعزل، على الرغم من أن المساعدة سل مت لاحقا. وقالت إن «الالتماس بحد ذاته يشكل مخالفة تستدعي العزل». والتقرير الذي يتوقع أن تستند إليه اللجنة القضائية في مجلس النواب لإعداد قرار اتهامي رسمي أو إطلاق إجراءات العزل قد يبنى على تهم الرشوة واستغلال السلطة وإعاقة عمل الكونغرس وازدرائه.