رغم أجوائها الباردة، عادت صورة القباب بإقليم خنيفرة ل «تسخن» من جديد بعد إقدام بعض شبابها وطلبتها على فتح عريضة سكانية للمطالبة بزيارة ملكية للمنطقة التي وصفوها ب «المهمشة» اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وتنمويا، ورأوا أن الزيارة مطلوبة للوقوف على الوضع، وقد عمل «شباب العريضة» على جمع توقيعات مختلف الشرائح السكانية، وكل من اقتنع بأن مشاكل البلدة لا يمكن أن حلها إلا بزيارة ملكية مادامت الحلول المحلية والإقليمية غير منتجة ولا مثمرة، وقد أكدت مصادرنا من القباب أن العريضة المذكورة لقيت إقبالا واسعا، وسيتم إيداعها بالديوان الملكي بالرباط رفقة ملف يتضمن الوضع العام بالبلدة التي عرفت عدة معارك احتجاجية أبرزها المسيرة النسائية التي خرجت للشارع، خلال ماي الماضي، ثم مسيرة هذه السنة التي نظمها سكان قرية تاولي على الأقدام في اتجاه عمالة الإقليم. والمؤكد أن تحرك أصحاب العريضة جاء على ضوء تذمر الرأي العام إزاء المشاكل القائمة، والتي منها، على سبيل المثال لا الحصر، حالة الشارع الرئيسي الذي لم تتم تهيئته منذ نهاية القرن الماضي، وهو من بين مشاريع تهيئة توقفت أشغالها في ظروف مبهمة منذ عدة سنوات، حيث أضحت أرضية الشارع المذكور مؤثثة بالحفر والمطبات، بالأحرى وصف ضيق هذا الشارع وانعدام أرصفة للراجلين به، ولم يتم حتى إصلاح ما تم حفره من طرف الجماعة. ذلك إلى جانب فقر الخدمات الصحية بناء على وجود مركز صحي فقير ويتيم وصغير لا يستوعب ما يتوافد عليه من الطوابير البشرية، إذ لا يتوفر إلا على طبيب واحد وبضعة ممرضين لأزيد من 28000 نسمة، علما أن الطبيب الواحد كان موضوع احتجاجات بسبب تغيباته المتكررة ورخصه المطولة، ما يجبر الساكنة على انتظار قدوم طبيبة من مركز سيدي يحيى أوساعد كل أسبوعين، فضلا عن حالة قاعة الولادة التي تفتقر لأدني الشروط الصحية، على حد معطيات مصادرنا من المنطقة التي زادت فأكدت أن أغلب حالات الولادة يتم نقلها إلى خنيفرة في ظروف حرجة مما يتسبب في وفيات كثيرة. مصادر من المحتجين لم يفتها التوقف أيضا عند حالة إعدادية اسيغيدن التي ما تزال عبارة عن بناية مهجورة غير مكتملة، منذ حوالي 25 سنة، والتي تجمدت في المراحل الأخيرة من بنائها وبقيت على حالها تتآكلها الأزمنة العابرة والعوامل الطبيعية، دون أن تستفيد منها الأجيال المتعاقبة من تلاميذ حي ايسيغيدن والأحياء المجاورة الذين يقطعون الكيلومترات نحو ثانوية تازيزاوت الواقعة في الطرف الآخر للبلدة. كما أشارت مصادرنا إلى حالة مرفق السوق الأسبوعي المفتقر للولوجيات، حيث لا طريق معبدة ولا إنارة تهيئة ولا ماء صالح للشرب ولا مرافق صحية ولا تشجير، ما ساهم سلبا على اقتصاد البلدة بسبب تهرب أغلب التجار من المشاركة في هذا المرفق، ومنه إلى مشكل ملعب كرة القدم الذي يعاني من نفس ما يعاني منه السوق الأسبوعي، ثم مشكل تدبير النظافة وجمع الأزبال، والحالة المهترئة لقنوات الصرف الصحي المتقادمة، وشبكة الماء الصالح للشرب المتآكلة بالأحرى الإشارة إلى تسرب مياهها تحت المنازل التي تقع في مستوى منخفض، مع ما يحدثه ذلك من شروخ وتصدعات بحيطان هذه المنازل، سيما أن الجميع يعلم بظاهرة الانهيارات الأرضية التي تعرفها القباب، خاصة بأحياء «الأمل» و»السعادة» و»السلام». وفي ذات السياق، تحدثت مصادرنا عما يسمى بمعبر «دونة»، على بعد 7 كلم من القباب، التي لم يتغير حالها منذ سنوات طويلة، إذ كلما ارتفع منسوب مياه وادي دونة، خلال التساقطات المطرية، تقطع الطريق نتيجة عجز القنطرة القديمة في مواجهة الفيضانات والأوحال والأحجار التي تغمرها، وتصبح مقطوعة في وجه العربات ووسائل النقل على مستوى الاتجاهين، ما يساهم جليا في شلل وعزل المنطقة. ومن جهة أخرى، طرحت مصادرنا أكثر من علامة استفهام إزاء مصير مشروع إعادة إسكان 200 أسرة من مواطني القباب، والذي كان قد انطلق منذ 2009 دون أن يتم بناء ولو شقة واحدة منه، ما جعل المعنيين بالأمر أنفسهم بين أمل معلق ودور آيلة بالسقوط، في حين عادت مصادرنا للتحدث عن المشروع بأمل جديد بعد أن تم طرح ملفه على مستوى البرلمان ووعد وزير السكنى بتفعيل المشروع في غضون السنة الجارية بمركز القباب ودوار لندا، مع تخوف كبير من عودة الموضوع إلى نقطة الصفر، هو ومشروع يهم إعادة هيكلة أحياء القباب ولندا. على مستوى آخر، أكدت مصادرنا أن جماعة القباب تعد من أفقر جماعات الإقليم، حيث أن 90 بالمائة من مواردها تقتصر على عائدات الضريبة على القيمة المضافة، ما يعني أن تحالف هذا المشكل مع مشكل سوء التدبير وهدر المال في المحروقات سيجعل من انتظارات القباب أمرا صعبا، بالأحرى الإشارة إلى معاناة الدواوير المجاورة، ومعاناة الشباب مع الفراغ والإحباط وانعدام مؤسسات مجهزة.