العالم العربي الاسلامي: بين التنظير الوهمي والتطبيق العشوائي أفادت وسائل الاعلام الوطنية والدولية أن الحكومة المغربية أوقفت نشر وتوزيع الصحف والمجلات الفرنسية، المسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم).. وأوضح مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أن قانون الصحافة والنشر المغربي ينص على أنه «يمكن أن يمنع وزير الاتصال بموجب مقرر معلل أن تدخل إلى المغرب الجرائد أو النشرات الدورية أو غير الدورية المطبوعة خارج المغرب، كلما تم تجسيد الرسول الكريم (عليه الصلاة والسلام) أو الله (سبحانه وتعالى عما يصفون)...» هذا شيئ جميل (عاطفيا)... وأجمل من ذلك لو أن المنع جاء بموجب مقرر معلل تعليلا قانونيا، غير متناقض أو متعارض مع أحكام المعاهدات الدولية والاتفاقيات العالمية الموقع والمصادق عليها (عن علم أو جهل) من طرف الدول العربية-الاسلامية، والمدرجة دون مرجعية وطنية خبيرة، في القوانين الوطنية الخاصة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. كارثة الدول العربية: التطفل والمفهومية حيث من 1986 الى 1994، جرت عدة جولات من المشاورات والمفاوضات حول اتفاقية «الجات» الشاملة ل «جوانب حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة»[1]، والتي لم تحظ باهتمام أية دولة أو جامعة أو منظمة عربية أو اسلامية؛ ولم تعرف مشاركة أي خبير عربي أو مسلم متخصص في المجال. حيث كان اهتمام البلدان العربية الاسلامية، بصفة خاصة، منصبا فقط على تجارة المواد الأكثر استهلاكا وذات الطابع الغذائي (سردين، طماطم، نسيج...). بينما اشتد الصراع، بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والبلدان الأوروبية بقيادة فرنسا، حول «المسألة الثقافية» التي اصطلح على تسميتها ب»الاستثناء الثقافي» (امعانا في التمويه والتضليل)، والذي سبق لنا أن دققنا ناقوس خطره مرات عديدة، ونبهنا الى أنه «قنبلة موقوتة»، معلقة على وجه الخصوص، فوق رؤوس البلدان العربية والاسلامية، قابلة للانفجار في كل وقت وحين، موادها (القانونية) مستوردة من الخارج، وعلامة صنعها محلية، من انتاج واخراج بعض وزراء الاتصال/ الاعلام والثقافة.. حرية التعبير الفكري والتجاري: حق مطلق من حقوق الملكية الفكرية التجارية (2) وهو ما لم تستوعبه، الى غاية اليوم، البلدان العربية الاسلامية التي تم استغفالها واستدراجها، من حيث تدري أو لا تدري، للمصادقة والاتفاق والتوقيع والتصفيق على «عولمة التجارة» و»استثاء الثقافة والأخلاق.. والتي صارت مثار حيرة وتساؤل النخبة الثقافية، من مؤلفين، أدباء، علماء، أساتذة جامعيين، سياسيين، اقتصاديين، حقوقيين، اعلاميين، كتاب، فنانين، الخ.. مقتدرين في مجال اختصاصهم، البعيد كل البعد عن مجال «النظام التجاري العالمي الجديد لحق المؤاف الاقتصادي، في عصر الثروة اللامادية والثورة التكنولوجية». والذين منهم من التزم باختصاصه منسجما مع نفسه؛ ومنهم من تهور بدون تحفظ، وبدأ يفتي ويشرع ويبدي الرأي، وكأنه خبير وضليع في الميدان، همه الوحيد كسب المال وتلميع اسمه... فاختلطت الأمور وكثر اللغو واللغط وتبلبلت الألسن، داخل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، والمؤسسات التشريعية، التنفيذية، القضائية، والجامعات والأكاديميات، ومنظمات التربية والثقافة والعلوم، واتحادات الكتاب ونقابات المبدعين الصحفيين والمؤلفين والفنانين...وتاهت جميعها في متاهات «النظام الشبح» و»العولمة المصطلح»[3]...وذلك في غياب الامساك بالمعيار الخبير «القانوني-التجاري العالمي الجديد» لفهم «العولمة» وتفهم «الاستثناء الثقافي» بكيفية واضحة وصحيحة؛ أي على الوجه الذي وضحناه في مشروعنا الحضاري وموسوعتنا الشاملة. وفي غياب الفهم الصحيح لحقوق الملكية الفكرية «الأنجلوسكسونية»، قال وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي في تصريح صحفي: «إن الصحف الأنجلوسكسونية، والمعروفة بمرجعيتها الأخلاقية والمهنية الصارمة، رفضت في مجملها المشاركة في هذه العملية، من خلال عدم الترويج لهذه الرسوم». وهذا ما يساهم في نشر الجهل...باسم الاعلام والاتصال ويساهم في تنمية اللغط والبلبلة المستدامة. الرسوم المسيئة لرسول الله: بين «مرجعية المنع» و»مرجعية الأخلاق الأنجلوسكسونية» ؟ وهو موضوع خطير لم يفاجئنا شخصيا. وكنا نتوقعه كنتائج مترتبة عما تمت المصادقة والتوقيع عليه. وحيث ان الموضوع يدخل في صميم احتصاصنا ومجال خبرتنا النظرية والميدانية على امتداد أزيد من أربعة عقود، أنذرنا، بدافع الغيرة على مقدساتنا الدينية، ودققنا (مجانا) ناقوس الخطر مرات عديدة، قبل وبعد التوقيع النهائي على اتفاقية «الجات»، حيث صرحنا لوكالة المغرب العربي للأنباء (في صيف 1994) بأن: - «على البلدان العربية حماية ثراتها الفكري والفني والعلمي وصيانة إرثها الحضاري من جميع أشكال القرصنة التي يتعرض لها هذا الارث من لدن الأجانب»..ولا حياة لمن تنادي.. «وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ»[4]. ولم تكد تمضي على هذا التصريح سنتان فقط، حتى بدأت وسائل الإعلام «الأنجلوسكسونية» المختلفة تطلع علينا (عام 1996)، بين الفترة والأخرى بأخبار متباينة، تتعلق بتعدي بعض المقاولات والشركات، التجارية التموينية، الفنية أو المنتجة للأفلام الأنجلوسكسونية، على بعض المقدسات الدينية، والأعمال الثقافية، والرموز التاريخية والحضارية... نقتصر في هذه العجالة على ذكر ثلاث نماذج من هذه الأخبار المتناثرة على مكتبنا، [5] والتي تحيل كلها على «المرجعية الأخلاقية الأمريكية»: -النموذج الأول: الخبر الذي نشرته جريدة الشرق الأوسط (1996) عن «عرب أمريكيين يتهمون والت ديزني بالعنصرية...وهو تكرار لأخبار ما فتئت تنشر...وبشكل ملاحظ... ولكن كل هذه الاحتجاجات والمناشدات ذهبت أدراج الرياح...» -النموذج الثاني : «تزوير الموكب الملكي في شريط سينمائي أميركي: « شريط مصور عن احتفال رسمي مغربي حقيقي في المشور، يبين الخروج الملكي لإحدى المناسبات المصورة فعلا في المغرب، حيث يشاهد القصر الملكي والجماهير المغربية...ولكنهم عندما يظهرون جلالة الملك، فإنهم يغيرون المنظر ويقدمون شخصا سينمائيا آخر.. « -النموذج الثالث: «شركة كوكاكولا عمدت إلى استخدام صورة «مكةالمكرمة»، قبلة المسلمين، في الدعاية التجارية لترويج مشروباتها... وجوهر الفكرة أنه إذا كانت مكة قبلة للمسلم حيث كان، فإن قنينة كوكاكولا هي قبلة «العطشان» في كل مكان، سواء بسواء.. وهذا الخبر/ عمود صحفي لصحيفة الوطن الكويتية (عام 1996) «يحت المسلمين على مقاطعة منتجات شركة كوكاكولا، بسبب صورة فوتوغرافية تسيء للإسلام. وهو تعبير عن شعور غيرة المسلم الحق عن مقدساته الدينية، ومحاولة لإذكاء نفس الشعور لدى الأمة الإسلامية قمة وقاعدة، رعايا ومسؤولين، لاستنهاض الهمم بهدف اتخاذ إجراءات عملية ضد هذه الشركة الغربية. لعل أسهلها وأقلها :مقاطعة منتوجاتها وتكبيدها خسارة ملايير الدولارات، تأديبا لها عن مثل هذا السلوك «السمج».[6] وهو ما عبر عنه أحد أبرز كتاب الأعمدة في الكويت، بنفس الصحيفة بقوله : «إننا نوجه صرخة إلى كل مسلم.. لا تشربوا الكوكاكولا. ليذهبوا ومشروبهم إلى الجحيم». حضور الاحتجاجات وغياب القانون...من القرن العشرين الى القرن الواحد والعشرين وما يهمنا نحن أن هذه ليست هي المرة الأولى أو الثانية أو حتى العاشرة التي تظهر فيها (الى حدود 1996)، بين الفينة والأخرى، كتابات من هذا القبيل تجأر بالشكوى من خطر المس والتلاعب بالمقدسات الدينية، إما في شكل آيات قرآنية مشوهة ومحرفة، أو إعلانات تجارية، أو دراسات أدبية «وفلسفية» واجتماعية أريد لها أن تكون موضوعية ومنهجية. وكلها تسيء إلى حضارة الإسلام أمة ونبيا وكتابا، وأماكن تقديس وعبادة.. مما ترتب عنه إصدار بعض الفتاوى في بعض البلدان الإسلامية لتجريم، وحتى تهديد، مرتكبي مثل تلك الأفعال، دون الاهتداء إلى الدواء الناجع لإيقاف هذا النزيف بصفة نهائية وحاسمة، حتى لا يتكرر ويعاود الظهور. نداء لتحصين المقدسات ! وحيث إننا نعيش (في عام 1996)[7 ] «حضارة» نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، التي أريد لها أن تكون حضارة «حق وقانون»، بمقتضى الاتفاقيات العالمية والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها كافة الدول والهيئات التي تحظى بتمثيلية سائر بلدان المعمور كذلك، فإن هذا الدواء لا يمكن أن يكون كذلك إلا «حقوقيا» و»قانونيا»..و»أخلاقيا». وحيث إن الموضوع مثار الخطورة والجدل، له «خصوصيته» المتميزة، فإن القانون الذي ينتظمه والحقوق المرتبطة به، هما كذلك من «نوع خاص»، و»إطار خاص»، لا علاقة لهما بما دأب رجال القانون والحقوق في البلدان النامية بصفة عامة، على تعلمه للعمل به في سائر أماكن التقاضي المعروفة عند الجميع.. مما يجعلنا في هذا اليوم من القرن الواحد والعشرين (20 يناير 2015)، نقترح من جديدعلى الدول الاسلامية، و كل من له غيرة على مجد حضارتنا، مشروع اتفاقية عالمية تجرم الاعتداء على المقدسات، ترعى حقوق الملكية الفكرية وحريات التعبير المشروعة، وتحمي التجارة الحرة، دون استثناء «التجارة التي لا تبور». وهو مشروع لا يتنافى مع روح التشريع الدولي في مجال حقوق الملكية الفكرية، وما يقتضي ذلك من أخلاقيات... وهي مهمة صعبة ومكلفة، نظرا لخطورتها وحميميتها وخصوصيتها، لأنها تتعالى وتتفلت من كل تأطير؛ وذلك أنها ترتبط بالمقدس. حقوق الملكية الفكرية، تجارة عالمية بامتياز: حيث لولا أن لتجارة الحقوق الفكرية الاقتصادية دورا هاما وأساسيا في التنمية الفكرية وتنشيط الحركة التجارية والاقتصادية، لما تمت العناية بها، ولما كانت معركة الملكية الفكرية الأدبية والعلمية والفنية حامية الوطيس، داخل المنظمات العالمية المختصة، بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا. وهي المعركة التي يقودها ديبلوماسيون ووزراء من الولاياتالمتحدةالأمريكية، خبراء في شتى فروع الملكية الفكرية، بدعم من «المقاولات العابرة للقارات» (المنظرين والمشرعين الحقيقيين ل»عولمة التجارة» و»الاستثناء الثقافي/الانساني»): Dans l?ombre, les lobbyistes des entreprises transnationales (ETN), présents depuis longtemps auprès des négociateurs officiels, se frottent les mains : avec l?OMC ils disposent enfin de l?instrument idéal pour parfaire la mondialisation et imposer de nouvelles règles - les leurs - à toutes les activités humaines, désormais définies comme objets de «commerce? (Susan George - Le Monde Diplomatique - Nov. 1999 ) بينما غاب عنها عدد من الدول الأوروبية التي ليس لها سفراء لدى المنظمة العالمية للتجارة... Plusieurs pays européens n?ont toujours pas d?ambassadeur auprès de l?OMC, et ils se plaignent d?avoir souvent fait des concessions sans rien obtenir en retour...« (Susan George - Le Monde Diplomatique - Nov. 1999 ) أما الوزراء والسفراء والوفود العربية المصحوبة بأشباه الخبراء..فلا حضور ولا اهتمام لهم الا ببحيرة «لاك ليمان»...ولا المام ولا علاقة لهم ب»حق المؤلف المعاصر»، مثلهم في ذلك مثل سائر البشر... Certains ambassadeurs et experts préfèrent rester à l?ombre ... au bord du lac Léman ...La plupart des pays ont une mission diplomatique à Genève - avec parfois à sa tête un ambassadeur spécial... Quelquefois des experts sont envoyés directement par les administrations nationales pour exposer les vues de leur gouvernement sur certaines questions...« (Le Matin du Sahara du 17-3-1994) مما أفرز بعض المصطلحات الجديدة، منها ظاهرة «العولمة»/الشبح، و»النظام العالمي الجديد»/المصطلح و»الأنسنة»/الرمز و»الاستثناء الثقافي»/اللغز... والتي ما زالت تستعصي على الفهم... وما زالت التصريحات والكتابات تتناول شرح وتحليل «اتفاقية الجات» أو «العولمة» و»آثارها على الثقافة». وما أكثر الأسئلة التي تدور كلها حول «الاستثناء الثقافي» و»الغزو الثقافي» و»الخصوصية الثقافية» أو «الهوية الوطنية»، وتستأثر باهتمام كبار المسؤولين والمثقفين والأساتذة الجامعيين والباحثين في هذا المجال. والتي نراها لا تزال معلقة. مما يدل على أن الإجابات لم تكن شافية. ولا تزال المشكلة هي المشكلة، والمعركة هي المعركة، والمواجهة هي المواجهة والحرب هي الحرب (مستمرة الى حد الآن) بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، بزعامة فرنسا. وهي الحرب التي انتهت معركتها الأولى في دجنبر من عام 1993 بهزيمة استراتيجية للاتحاد برءاسة فرنسا (مصدر حقوق الانسان والحقوق الثقافية) وقعت محاولة إخفائها من خلال مهلة قدمت على أنها «انتصار»، وتتمثل في اعتماد فرنسا مبدأ «الاستثناء الثقافي» تعبيرا عن رفضه القبول بالمطالب الأمريكية العديدة. الدول العربية الاسلامية: هزيمة تاريخية استراتيجية...لا ملكية فكرية؛ ولا حقوق ثقافية ونحن من جانبنا، وبحكم اختصاصنا واهتمامنا البالغ بتتبع ورصد ما ينشر في الإعلام الدولي عامة، والفرنسي والأمريكي بصفة خاصة، وفي مجال اختصاصنا على وجه التخصيص، وتوخيا للحقيقة التي تمليها الأمانة العلمية والخبرة الموضوعية، نبادر إلى القول إن «التفاوض التجاري» أو المباحثات التجارية، في إطار المنظمة العالمية للتجارة، لم تكن لها أية علاقة بأي ثقافة من الثقافات...وهو ما صرح به جاك فالنتي المسؤول عن جمعية السينما الأمريكية التي تجسد الدفاع عن مصالح هوليوود. وقد جاء فيه قوله : «الواقع أن عرض بروكسيل الأخير مثير للشفقة ومهين ومشحون بالألفاظ التي لا تعني شيئا.. إن هذا التفاوض لم تكن له أية علاقة بالثقافة... والحقيقة المحزنة أن أوروبا أدارت ظهرها للمستقبل»، مضيفا «ان أي اتفاق حول الملكية الفكرية في إطار المنظمة العالمية للتجارة إلا ويجب حصره في الحقوق الاقتصادية، وأي إدخال لحقوق أخرى (ثقافيىة انسانية/أخلاقية) في المنظمة العالمية للتجارة إلا وستكون له عواقب وخيمة على مبادلاتنا التجارية»:
Tout accord sur la propriété intellectuelle dans le cadre du GATT doit être limité à des droits économiques..., écrivait Jack Valenti dans le Daily Variety en 1991. وهو ما يعني باختصار شديد أن الدول العربية الاسلامية صادقت (وما زالت تصادق) ضمن عدة اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف، على أشباح ومصطلحات ورموز وألغاز تحيل جميعها على الجوانب السلبية والمسيئة ل»الثقافة» (الدينية، التاريخية، الحضارية، الانسانية والأخلاقية). وهو ما تعهدت به الحكومات العربية الاسلامية، والتزمت بتطبيق أحكامه وفرض احترامه... - فهل تمت قراءة الاتفاقيات العالمية والمعاهدات الدولية بعيون خبيرة اسلامية ؟ «الاستثناء الثقافي»: استثناء «الثقافة الاسلامية» من التجارة العالمية: (8) فلا غرو اذن أن تجيئ التشريعات الوطنية العربية الاسلامية شاملة لحماية كل المصنفات (الأخلاقية واللاأخلاقية)، بما فيها فنون الرسم والكتابات والأفلام المسيئة للرسل والأنبياء والأديان والكتب السماوية... وليس أمام هذه البلدان (طبقا للقانون) الا حماية حرية التعبير «التجاري الفكري» الأدبي والفني: «كيفما كانت قيمته أو الغرض منه أو طريقة أو كيفية التعبير عنه».. وهذه «الحماية لا ترتبط بنوع التعبير ولا بشكله ولا بنوعية المصنف وهدفه». (القوانين العربية) وليس لوزير الاتصال (قانونيا) أي حق في «المنع»... ولا اجتهاد مع نص قانوني صريح وواضح «يخول للمؤلف الحق المطلق في القيام بالمنع أو الترخيص أو التصرف في مصنفه واستعماله والانتفاع به والاذن في استعماله أو الانتفاع به كلا أو بعضا». (القوانين العربية). وزير الاتصال المغربي: انقلاب على القانون، وحرب معلنة على دول العالم التجاري فهل وعى وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، بأن لا يمكن له اليوم (قانونيا) منع دخول الجرائد أو النشرات الدورية أو غير الدورية (المشمولة بالحماية القانونية) الى المغرب..؟ مما قد يسيئ الى صورة المملكة المغربية ويعرضها لعقوبات دولية قاسية. حيث لا يخفى ان القانون المتعلق بحقوق المؤلف واضح وضوح الشمس، ينص على «ان مؤلف المصنف (مالك الجريدة و/أو الرسام هو الذي ) يمتلك الحق في: أن يعترض على كل تحريف أو بتر أو أي تغيير لمصنفه أو كل مس به من شأنه أن يلحق ضررا بشرفه أو بسمعته». (القانون المغربي). كما لا يخفى أن القانون المغربي (كباقي القوانين الوطنية) ينص على: «ان مقتضيات أي معاهدة دولية متعلقة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والتي تكون المملكة المغربية قد صادقت عليها، تعتبر قابلة للتطبيق على الحالات المنصوص عليها في هذا القانون. وفي حالة وجود تعارض بين مقتضيات هذا القانون ومقتضيات معاهدة دولية صادقت عليها المملكة المغربية، تطبق مقتضيات المعاهدة الدولية». - فهل تمت قراءة القانون المغربي بعيون خبيرة وطنية ؟ - فماذا اذن لو أن «أصحاب الحقوق» قرروا اللجوء الى المنظمات العالمية والأممية المختصة، والمحاكم الدولية الخاصة، للمطالبة بحقوقهم المخولة لهم أصلا وشرعا، وتعويضهم عن الخسارة التي تكون قد لحقت بتجاراتهم ومنتوجاتهم واستثماراتهم..؟ - وماذا لو أن الدول المعنية بقرار المنع المغربي قررت من جانبها قطع علاقاتها التجارية مع المغرب، أو على أقل تقدير، منع دخول المنتوجات والسلع، ذات العلامة التجارية المغربية، الى بلدانها ؟ ألا يعد قرار الحكومة ومقرر وزير الاتصال المغربي بمثابة انقلاب على «المرجعية الاقتصادية» و»الأخلاقية» كذلك، واعلان حرب تجارية مكشوفة على بلدان العالم الفكري التجاري ؟ - ألا يشكل ذلك تهديدا «للنظام الاقتصادي العالمي الجديد»...وتكبيلا للتجارة العالمية التي لا تستفيد منها شيئا البلدان العربية الاسلامية ؟ (*) خبير قضائي، وسيط و حكم دولي معتمد في حقوق الملكية الفكرية الأدبية و العلمية و الفنية (*) عضو مركز الوساطة و التحكيم بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية (*) مؤسس مدرسة «حقوق المؤلف الاسلامية» [1] - Accord sur les Aspects des Droits de Propriété Intellectuelle qui touchent au Commerce (ADPIC/TRIPs) - ضمن عملنا الثالث [2] - عنوان 3 أعمال خاصة ب «العولمة الظلامية» و»العولمة الغاشية» و»العولمة المعمعة» صادرة عامي 1999-2000[3] - الأنبياء 45 [4] - مقتطفات من عملنا الثالث: ايلاف الملكية الفكرية...أس العولمة...[5] - صحيفة الوطن الكويتية/فؤاد الهاشم ليوم 16 يونيو 1996 [6] - ضمن عملنا الثالث جاهز للنشر منذ 1996 [7] - ضمن أعمالنا الأول والثالث و الرابع [8]