ترأست الأميرة للا حسناء، مساء الثلاثاء بلوس أنجلس، حفل عشاء يحتفي بالدولة العلوية باعتبارها «دولة تسامح»، نظمته الطائفة اليهودية السفاردية «إم هابانيم». وقام عمدة لوس أنجلس السابق، أنطونيو فيارايغوسا، بتلاوة إعلان إقرار 19 نونبر «يوم المغرب بلوس أنجلس»، اعترافا بالالتزام الملكي بترسيخ قيم التسامح والسلام، قبل تسليمه نص هذا الإعلان إلى الأميرة للا حسناء. إثر ذلك، قامت سموها، باسم جلالة الملك، بتوشيح موريس مارسيانو، وهو رجل أعمال، بوسام العرش من درجة قائد، وجاك ريموخ، وهو رجل أعمال أيضا، وسيدني شريكي، الرئيس المؤسس لطائفة «إم هابانيم»، والحاخام جوشوا بيتون، الزعيم الروحي للطائفة اليهودية السفاردية «إم هابانيم»، بوسام العرش من درجة ضابط. وموريس مارسيانو رجل أعمال مرموق، انضم، عقب تقاعده سنة 2012، إلى مجلس إدارة متحف الفن المعاصر، على الخصوص. وأسس جاك ريموخ، وهو من مواليد مدينة فاس، إحدى أكبر شركات المنتجات الجلدية في العالم، حيث يعد أحد أبرز الفاعلين الرائدين في هذا القطاع. ومن جانبه، تابع سيدني شيريكي، الذي رأى النور بمدينة الدارالبيضاء، دراسته بالمدرسة الصناعية والتجارية، وفي سنة 1948، هاجر إلى الولاياتالمتحدة حيث عمل في هيئة المهندسين وشق بذلك مسارا مهنيا مرموقا طيلة 40 عاما تقلد خلالها العديد من مناصب المسؤولية في مناطق مختلفة من العالم. وشريكي، وهو أحد مؤسسي الطائفة اليهودية السفاردية «إم هابانيم» سنة 1974، شاعر وكاتب، وسبق أن ألف كتابا حول المغرب. ومن جهته، يقيم الحاخام جوشوا بيتان، وهو من مواليد مدينة وزان، في لوس أنجلس منذ أزيد من 45 عاما، وهو محاضر يتحدث أربع لغات بطلاقة، ويجمع بين رؤية سفاردية/ مغربية متأصلة وبين معرفة عميقة بواقع وتحديات المجتمع الحديث. وفي تصريحات عقب مراسم تسليم الأوسمة، عبر الموشحون عن عميق تأثرهم واعتزازهم البالغ بهذا التوشيح من جلالة الملك، معربين عن عميق امتنانهم وعرفانهم لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، لدور جلالته الحاسم في حماية الطائفة اليهودية بالمغرب، والحفاظ على التراث اليهودي المغربي وتعزيز التسامح والعيش المشترك. إثر ذلك، قدم لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، «الكتاب الذهبي»، وهو إصدار يضم مجموعة شهادات للطائفة اليهودية المغربية التي تحافظ على التراث المغربي بالولاياتالمتحدة، وكذا قرار لمجلسي النواب والشيوخ بولاية كاليفورنيا، يعترف بجلالة الملك محمد السادس وأمته كرواد للتسامح ومناهضة معاداة السامية في شمال إفريقيا. وترأست الأميرة للا حسناء، عقب ذلك، حفل العشاء الذي يحتفي بالدولة العلوية باعتبارها «دولة تسامح». وتميز هذا الحفل بفقرات موسيقية قدمها الفنانون أمين الدبي وميشيل أبيخزر وموش لوك ومحمد باجدوب. شخصيات يهودية مغربية وأعرب رجل الأعمال موريس مارسيانو، الذي تم توشيحه بوسام العرش من درجة قائد، عن فخره البالغ بتلقي هذا التوشيح الذي يشهد، برأيه، على العناية السامية التي ما فتئ جلالة الملك يحيط بها المغاربة أينما كانوا. وأكد رجل الأعمال البارز، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن «تعلقي بالمغرب كان قويا دائما»، مضيفا «أننا كمغاربة نعيش بالخارج، لا ننسى أبدا جذورنا وتقاليدنا». وقال «أحرص دائما على العودة إلى المغرب كلما أمكنني ذلك من أجل زيارة الأماكن التي عشنا فيها، فبالنسبة لنا هو تعلق يستمر مدى الحياة». من جانبه، قال الحاخام جوشوا بيتون، الزعيم الروحي للطائفة اليهودية السفاردية «إم هابانيم»، الذي تم توشيحه بوسام العرش من درجة ضابط، إنه ل»شرف عظيم» و»سعادة بالغة» أن يحظى بهذا التوشيح. وشدد الحاخام بيتون، وهو من مواليد مدينة وزان، والذي يعيش في لوس أنجلس منذ أزيد من 45 عاما، على أن هذا التوشيح «يكتسي دلالات كبيرة بالنسبة لي، لأنه يمثل تكريما لوالدي ولأجدادي الذين نقلوا إلينا قيم خدمة مجتمعاتنا وفعل كل ما بوسعنا من أجل الآخرين». من جهته، قال رجل الأعمال جاك ريموخ، الذي تم توشيحه بوسام العرش من درجة ضابط، إن كافة اليهود المغاربة يظلون متعلقين ببلدهم الأصل ويعبرون عن تقديرهم واحترامهم لشخص جلالة الملك محمد السادس، الكريم، مشيرا إلى أنه، خلال كل رحلة إلى المغرب وإلى مدينة فاس، مسقط رأسه، يعاين عن كثب التقدم الذي تم إحرازه، على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، من قبل المملكة التي تظل أرضا للسلام والعيش المشترك. وتضم ولاية كاليفورنيا جالية يهودية مغربية كبيرة يقدر تعداد أفرادها بحوالي 20 ألف شخص حافظوا على روابط قوية مع بلدهم الأصل. لقاء بلوس أنجلس وفي كنيس الطائفة اليهودية السفاردية «إم هابانيم»، بالحي الشمالي لهوليوود، توافد العديد من أفراد الجالية اليهودية من جميع الأعمار لحضور هذا الحدث الكبير الذي أقيم مؤخرا بحضور سفيرة المغرب بواشنطن، للا جمالة العلوي، وسيرج بيرديغو، السفير المتجول لجلالة الملك، والعديد من الحاخامات، وكذا أساتذة وباحثين وأكاديميين. وفي مداخلة بهذه المناسبة، تضرع الحاخام جوشوا بيتان للعلي القدير بأن يحفظ جلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، وينعم على جلالته، وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة، بموفور الصحة والسعادة وطول العمر.كما أقيمت صلوات للترحم على روحي جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني طيب الله ثراهما. وشدد الحاخام على أن كافة اليهود المغاربة يظلون متشبثين أشد ما يكون التشبث ببلدهم الأصل ويعربون عن تقديرهم واحترامهم لشخص جلالة الملك محمد السادس، الكريم. وأضاف أن « جلالة الملك محمد السادس ووالده المنعم، المغفور له الحسن الثاني، وجده المنعم، المغفور له محمد الخامس، أحاطوا شعب بلدهم بعظيم العطف والعناية، وأبانوا عن تسامح ولطف مثاليين تجاه جاليتنا اليهودية». وقال «لا يسعنا إلا أن نعرب لجلالة الملك عن جزيل الشكر على ما يواصل القيام به لصون أماكننا المقدسة، وتجديد البيع والاعتراف بمساهمة جاليتنا اليهودية بالمغرب على مر السنين»، مضيفا «أننا، كيهود مغاربة، فخورون غاية الفخر بتراثنا المغربي وببلدنا الأصل، فأحفادنا، الذين ولد آباؤهم بالولاياتالمتحدة، يعتبرون أنفسهم مغاربة في المقام الأول وبافتخار». وعقب افتتاح معرض للصور يسلط الضوء على جوانب مختلفة من التراث الثقافي اليهودي المغربي وعلى قصص يهود مغاربة، نوهت سفيرة المغرب لدى الولاياتالمتحدة، للا جمالة العلوي، في كلمة بهذه المناسبة، بالروابط المتينة والحقيقية بين أفراد الجالية اليهودية بالولاياتالمتحدة والمغرب، «رغم مرور السنين أو بعد المسافة»، مشددة على أن هذا يثبت أن «ما نشترك فيه، كمغاربة، مميز حقا». وقالت سفيرة جلالة الملك «إنها رابطة حقيقية تجمعنا، كإخوة وأخوات، جميعنا من ملة إبراهيم، متحدين بحبنا لملكنا ولبلدنا الحبيب، الذي سمح لنا بالتعايش في سلام ووئام طيلة عقود». وأكدت للا جمالة العلوي أن «تاريخنا وتراثنا يتجاوز كل الانقسامات، فالاعتزاز الذي يطبع احتفالكم ب(مغربيتكم …) ليس مبعثا للسرور فحسب، بل لأمل عريض أيضا»، معربة عن أملها في أن يظل بلدنا، في هذه الظروف المضطربة التي تعيشها العديد من مناطق العالم، «مرفأ للسلام والتفاهم المتبادل الذي ميزه على مر القرون». وأشارت إلى أنه مثلما هو مبتغى هذا اللقاء، «نحن ننظر إلى الماضي بكل افتخار، لكننا نتطلع أيضا للمستقبل بتفاؤل كبير»، مبرزة أن هذا التفاؤل ينبع من «الإيمان الراسخ لدى عاهلنا، جلالة الملك محمد السادس، بالحفاظ على تراث أجداده ومن التزام جلالته الثابت بصون التراث العبري للمغرب وحمايته والاحتفاء به، والذي هو جزء لا يتجزأ مما يجعل بلادنا استثنائية للغاية». وتابعت للا جمالة العلوي أن «تفاؤلنا نابع أيضا من الحرص الخالص لدى أجيالنا الشابة، سواء في المغرب أو بين الشتات في جميع أنحاء العالم، على حماية وصون هذا الرابط الخاص». وقالت ‹كسفيرة لجلالة الملك، أعلم أن المغرب ما زال يسكن قلوبكم جميعا، وأشجعكم على مواصلة تمثيل ودعم بلدكم بقدراتكم المتنوعة، فجميعكم سفراء استثنائيون لما يجعل المغرب متميزا بهذا الشكل، ولا أحد مؤهل أفضل منكم ليحكي عن تاريخنا». من جانبه، أكد سيرج بيرديغو، في كلمته، أن الهوية اليهودية جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية وأن ديباجة الدستور أكدت على الجذور العبرية للأمة المغربية. كما أبرز العناية السامية والتعاطف الذي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، يحيط بهما اليهود المغاربة، مذكرا بعمل وجهود جلالة المغفور لهما الحسن الثاني ومحمد الخامس للدفاع عن اليهود وحمايتهم. وبعدما أبرز الجهود المبذولة، تحت قيادة جلالة الملك، لتعزيز الروابط مع الجاليات اليهودية المغربية في الشتات، وسبل الحوار والسلام، وصون التراث اليهودي المغربي، ذكر بيرديغو أن هذا التقدم تحقق في وقت تعاني فيه بلدان كثيرة عبر العالم من ويلات الحروب ومن عدم الاستقرار وتنامي العنصرية والتعصب. كما استعرض بيرديغو، وهو أيضا أمين عام مجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، التقدم المحرز على مستوى ترميم 167 من المقابر اليهودية في جميع أنحاء المملكة، وهي المبادرة التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس سنة 2010. إثر ذلك، تمت دعوة الحضور لمشاهدة الفيلم الوثائقي «ياحسرة.. دوك ليام» الذي أخرجه سيرج ومارك بيرديغو. وينبش الشريط الذي تخللته موسيقى يهودية مغربية، في صفحات تاريخية وفضاءات لعيش اليهود المغاربة، حيث يسافر بالمشاهد إلى سنوات الخمسينيات، عبر مشاهد من حياتهم اليومية (حفلات وعادات وتقاليد وطبخ ومزارات). ويبرز الشريط كثافة وتنوع أسلوب عيش اليهود المغاربة، كما يقدم نظرة مفعمة بمشاعر عاطفية عن حياة طائفة في فترة حاسمة من تاريخ المغرب. وحسب الباحث المغربي عمر بوم، أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلس، يعيش نحو 100 ألف يهودي مغربي بالولاياتالمتحدة، بينهم حوالي 20 ألفا في لوس أنجلس وحدها. وقال نائب رئيس كرسي «ليميلسون» بجامعة كاليفورنيا إن «هؤلاء الأفراد لم ينجحوا في مجتمعاتهم فحسب، بل نجحوا أيضا في الحفاظ على هويتهم الثقافية والدينية دون أن يفقدوا خصوصياتهم اللغوية والدينية». وأشار إلى أن مبادرة جلالة الملك محمد السادس لترميم المقابر والمعابد والأحياء اليهودية أثمرت «نتائج إيجابية غير مسبوقة على الصعيدين الوطني والعالمي»، وعززت صورة المغرب كبلد للتسامح والحوار بين الأديان والتعايش السلمي. وفي نفس السياق أكد سيرج بيرديغو، السفير المتجول لجلالة الملك، في تصريح للصحافة، أن احتفاء الجالية اليهودية المغربية، مساء الثلاثاء في لوس أنجلس، بالدولة العلوية باعتبارها «دولة تسامح»، يعبر عن روابط متينة وصادقة ومخلصة ووفية تجمع هذه الجالية بالمغرب، مؤكدا أن «الجالية اليهودية بلوس أنجلس جالية قوية، إنهم مغاربة مقيمون هنا منذ نحو 50 سنة وحافظوا على روابط مع المغرب ومع ملكهم وثقافتهم». وأوضح أن يهود لوس أنجلس طالما «رغبوا في الاقتراب أكثر من المغرب، وكانت الطريقة التي وجدوا أنها تعبر عن ذلك هي تنظيم هذا الحفل للاحتفاء بالدولة العلوية التي وفرت الحماية لليهود على مدى قرون». وأبرز بيرديغو أن اليهود المغاربة، ورغم عامل الزمن والبعد الجغرافي، نجحوا في الحفاظ على حياة مغربية حقيقية في كاليفورنيا، حتى أنهم أنشأوا معابد يهودية تعد من بين أهم المعابد بمدينة لوس أنجلس، مشددا على أنهم حافظوا أيضا، طوال هذه السنين، على «روابط متينة وصادقة ومخلصة ووفية» مع المغرب. وأضاف بيرديغو، وهو أيضا أمين عام مجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، أن «الروابط بين الجالية اليهودية المغربية والدولة العلوية رائعة للغاية». كما شدد على «الحب والإجلال» الذي يكنه اليهود لجلالة المغفور له محمد الخامس، الذي يعتبرونه الملك الذي أنقذهم من همجية النازية، ولجلالة المغفور له الحسن الثاني، الذي أحاطهم دائما بعناية سامية، واليوم، لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الذي حافظ على هذا النهج وعرف كيف يكرس من خلال دستور سنة 2011، الرافد العبري في الهوية المتعددة للمغرب. وقال إن «هذا شيء فريد من نوعه في العالم وينبغي أن يكون مثالا يحتذى»، مشيرا إلى أن المغرب وحده «محظوظ بالتوفر على إمارة المؤمنين».