لم يكن أشد المتفائلين من محبي فريق الاتحاد البيضاوي يتوقعون أن تبلغ «البيضة» المجد في موسم عودتها إلى بطولة القسم الوطني الثاني. بدأت المغامرة بإيقاع عادي، وتمكن أحفاد العربي الزاولي من كسب المسافات نحو اللقب الفضي، وكبرت الآمال بعد التغلب على الاتحاد الزموري للخميسات في ربع النهاية، وتضخمت الأحلام بعبور محطة الدفاع الحسني الجديدي في نصف النهائي، قبل أن يكتبوا التاريخ أول أمس الاثنين بالملعب الشرفي بوجدة، ويحققوا الوعد الذي قطعوه أمام المؤسس المجاهد السي عبد الرحمان اليوسفي، قبل التوجه إلى طنجة لمواجهة الدفاع الجديدي. دخل أبناء الحي المحمدي المباراة النهائية بتصميم على قلب الموازين والتوقعات التي كانت تذهب في اتجاه تتويج حسنية أكادير باللقب، بالنظر إلى فارق الإمكانيات بين الطرفين، والخبرة والتجربة التي راكمها الفريق السوسي محليا وقاريا. وعندما سجل السينغالي سيسي، في الدقيقة 14، هدف التقدم السوسي، بعدما أحسن التعامل مع كرة قادمة من الجهة اليسري، حيث كان باعدي نشيطا، اعتقد الجميع أن قطار الحي المحمدي سيتوقف هنا، وأن الحسنية ستنهي المواجهة باستعراض كبير، خاصة وأنها كانت مساندا بجماهير تتجاوز الحضور البيضاوي بكثير، لكن أبناء المدرب مصطفى العسري رفضوا الاستسلام، وآمنوا بالحظوظ، ولم يتأثروا بالضغط الذي مارسه عليهم المدرب غاموندي من خلال لاعبيه، الذين فرضوا سيطرة ميدانية على مجربات الجولة الأولى، التي كان فيها الحضور الاتحادي دفاعيا، مع بعض المحاولات المرتدة، التي أثمرت هدف التعادل في الدقيقة 17، بعد كرة مرتدة من الزاوية، تصدى لها الهداف أسامة المليوي، من خارج منطقة العمليات، ليهزم الحارس المتقدم عبد الرحمان الحواصلي، الذي يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية. هدف الطاس أعاد الأمور إلى نقطة البداية، ومنح لاعبي الحي المحمدي حافزا معنويا كبيرا، جعلهم يتعاملون مع المباراة بعقلانية، وحضور ذهني كبير، ذلك أنهم لم يتأثروا بالضغط الأكاديري، عبر العديد من المحاولات السانحة للتهديف، بواسطة كل من البركاوي، الذي افتقد الفعالية، وباعدي والفحلي، بل كان الفريق البيضاوي قريبا من هز الشباك السوسية، في الدقيقة 29 بواسطة المتحرك المليوي، الذي علت تسديدته القائم، لينتهي الشوط الأول بنتيجة التعادل. وخلال الجولة الثانية، دخل أبناء الحي المحمدي بنفس مغاير، حيث كانوا الأكثر حضور فوق رقعة الميدان، وكانت محاولاتهم أخطر، بواسطة الثنائي زيلا والمليوي، اللذين خلقا متاعب لدفاع الحسنية. ورغم بعض الضغط الأكاديري، إلا أن الحسم كان بيضاويا، بواسطة تقنية الفيديو، التي أصلحت خطأ الحكم عادل زوراق، الذي كانت أغلب قراراته صائبة، بعدما اعتبر سقوط زيلا في منطقة العمليات تمويها، وأنذر المهاجم الاتحادي، قبل إن يلجأ إلى «الفار»، ويمنح الطاس ضربة جزاء، انبرى لها الهداف المليوي، مسجلا هدف التفوق. وقبله كاد السوسيون أن يبلغوا المراد في الدقيقة 63، بعدما صد الحارس كرة خطيرة لسيسي، الذي كان مصدر إزعاج الدفاع البيضاوي. ورغم التغييرات التي قام بها غاموندي، فإن النتيجة ظلت على حالها، لينهي زوراق اللقاء وسط فرحة غامرة للاعبي الاتحاد، الذين تماهوا مع الجماهير في لحظة نشوة، بأول ألقاب القلعة البيضاء.