كيف يمكن لوزارة التربية الوطنية أن تعلن اليوم لطلبة يتابعون دراستهم منذ شهر شتنبر في مدارس الاقتصاد والتجارة بفرنسا Kedge Business School» و»Neoma Business Schoo ،أنهم محرومون من منحة الاستحقاق خلال الموسم الدراسي الحالي، وأن «تقديم الترشيح للحصول على منحة الاستحقاق لا يعني الحصول عليها بصفة تلقائية، وبالتالي فإن المترشح لا يحمل صفة «ممنوح» بمجرد وضعه لملف الترشيح». حسب ما أكدته وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في بلاغ لها هذا الاسبوع. لماذا يسمح المسؤولون لأنفسهم بالركوب على الثغرات المقصودة ليتحللوا من المسؤولية «تقديم الترشيح للحصول على المنحة لا يعني الحصول عليها بصفة تلقائية». ألم يكن الاجدر بوزارة تهتم بمستقبل تكوين طلبة، رجال ونساء الغد ،ان تكون واضحة من البداية في ربط الترشيح للمنحة بكل من يستحقها وكل من توفرت فيه الشروط دون أن تعقبها بجملة «لا يعني الحصول عليها بصفة تلقائية» التي عمدت لإلحاقها بالشرط كمنفذ للتخلص من المسؤولية بصفة قانونية.وإعطائها لمن تشاء وتحرم منها من تشاء. ألم تؤكد الوزارة في نفس بلاغها أنها «تتخذ كل التدابير اللازمة لتشجيع التميز والنبوغ والتفوق الدراسي وتمكين كل المتعلمين والمتعلمات في مختلف مستويات منظومة التربية والتكوين، من الاستفادة من نظام المنح الدراسية وفق مبادئ الاستحقاق والشفافية وتكافؤ الفرص، كما تنص على ذلك مقتضيات القانون الإطار 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.» فكيف استطاعت بهذا القرار أن «لا» تتخذ التدابير اللازمة لتشجيع التميز والنبوغ والتفوق الدراسي وتمكين كل المتعلمين والمتعلمات من الاستفادة من نظام المنح الدراسية وفق مبادئ الاستحقاق والشفافية وتكافؤ الفرص» (نص البلاغ )ألا يعكس هذا التناقض الصارخ بين الخطاب والواقع. كيف سمحت وزارة التربية الوطنية ان تضحي بمستقبل 105 من الشباب وتدفعهم للضياع في بلاد الغربة بلا دعم مادي يستحقونه وبنوا عليه آمالهم ومصيرهم، وأن تتركهم عرضة للتشرد والضياع مهددين بالانقطاع عن الدراسة. ألم يكن من الأجدر أن يتم توزيع الدعم المخصص لمنح الاستحقاق بالتساوي ضمانا لتكافؤ الفرص – كما جاء في كلمة الوزير- لكل الطلبة الذين تقدموا بملفات الترشيح التي توفرت على كل الشروط وتم قبولها «وفق مبادئ الاستحقاق والشفافية وتكافؤ الفرص» التي أكدها في البلاغ. الحديث هنا ليس على طلبة اختاروا عن طواعية الدراسة في فرنسا ،فهؤلاء طبعا يتحملون اعباء اختيارهم ويتحملون مصاريفها بدعم الاسر التي تبيع الغالي والنفيس من أجل ضمان تكوين جيد لأبنائها بعد عدم تمكنهم من ولوج المدارس الكبرى في المغرب. الحديث هنا عن النخبة من طلبة المغرب الذين اجتازوا بتفوق الاقسام التحضيرية في المغرب سنة 2019 خول لهم اجتياز المباريات في فرنسا لولوج المعاهد الكبرى بها . وبعد كد ومعاناة واجتياز العديد من المباريات، تمكنوا من التفوق والولوج الى مدارس التجارة Kedge Business School وNeoma Business School، اللتان جاء ذكرهما ضمن لائحة المدارس والمعاهد العليا التي يستفيد طلبتها من منحة الاستحقاق والتي تقدر بمبلغ 50 ألف درهم سنويا. قدم الطلبة ملفات الاستفادة من المنحة للجهات المختصة وحزموا امتعتهم حيث المستقبل يبدو فاتحا يديه لاحتضان الآمال والاحلام الكبيرة لشبان وشابات في مقتبل العمر، كلهم عزم على الاجتهاد والمثابرة للحصول على تكوين عال يعودون بعده للمساهمة في نماء الوطن، خصوصا وان عقد المنحة يحتم عليهم العودة للمغرب بعد نهاية دراستهم وهو أمر طبيعي. بعدما تكبدت الاسر عناء مصاريف النقل والكراء والعيش وغيرها ،منهم من باع ما يملك ومنهم من اقترض من الابناك ،على أمل أن تساعد المنحة في تغطية نصف مصاريف الدراسة التي تبلغ سنويا مايعادل 12.000 اورو،يتفاجأون بقرار كالقنبلة أجهز على الاخضر واليابس في منطقة الحلم الكبيرة التي رسمها هؤلاء الطلبة في اذهانهم . حولت حياتهم وحياة اسرهم الى جحيم حقيقي .تائهون لايعرفون ماذا يفعلون هل ينقطعون على الدراسة ويعودون الى المغرب.وكيف يعودون لنقطة الصفر بعد ما قطعوه من اشواط ومراحل كبيرة وما اجتازوه من مباريات .ثم كيف يستطيعوا ان يتخلوا عن الدراسة في اكبر المعاهد الكبرى التي كانوا يحلمون بها .. «لقد تم صرف المنحة ل 95 طالبا، وتم استثناء 105» هكذا دون سابق إشعار. قد يكون سهلا اتخاذ هذا القرار بجرة قلم في ردهات الوزارات، ولكنه قرار صعب على شباب بنوا عليه آمالا و أحلاما كبيرة ، بعدما ذهبوا وهم متأكدين من أن ملفهم تم قبوله من طرف الوزارة ويستوفي الشروط التي وضعتها من اجل صرف هذه المنحة لمدة 3 سنوات، وهي المدة التي تستغرقها الدراسة في هذه المدارس العليا، بناء على المرسوم الوزاري الصادر عن الوزارة الوصية بالجريدة الرسمية عدد 6648، والذي سبقته اجتماعات مع قطاعات وزارية أخرى من بينها القرار المشترك بين الوزارة المذكورة، ووزارة الثقافة بتاريخ 25 نونبر 2017 المتعلق بلائحة المدارس المخول للطلبة التسجيل بها للحصول على المنحة. الوزارة : الاعتمادات المالية لهذه السنة شملت فقط المدارس السبعة الأولى، و(كيدج ونيوما) خارج القائمة وزارة التربية الوطنية أوضحت في بلاغ لها في الموضوع أن منح الاستحقاق الخاصة بالتلميذات والتلاميذ المغاربة، الذين تابعوا دراستهم بالسنتين الأولى والثانية من الأقسام التحضيرية للمدارس والمعاهد العليا، والذين سيلتحقون مباشرة بالسنة الأولى بالمدارس والمعاهد العليا بالخارج «تخول في حدود الاعتمادات المالية المرصودة لهذه الغاية، ويتم توزيعها حسب ترتيب المدارس والطلبة». وأوضح ذات المصدر أن «الاعتمادات المالية لهذه السنة شملت فقط المدارس السبعة الأولى، بالتالي باقي المدارس من بينها NEOMA وKEDGE كانوا خارج القائمة»، مضيفا: «عدد المدارس المشمولة بالمنح تتغير من سنة إلى أخرى، ذلك أنه على سبيل المثال في السنة الماضية شملت الميزانية 10 مدارس ومعاهد عليا». يشار إلى أن القانون المحدد لشروط وكيفيات الحصول على منح الاستحقاق الخاصة بالتلميذات والتلاميذ المقبولين بالمدارس والمعاهد العليا بالخارج ينص على أن منحة الاستحقاق تخول لمدة 3 سنوات، وتحدد في مبلغ 50 ألف درهم سنويا موزعة على عشرة أشهر، فضلا عن مبلغ جزافي قدره 6 آلاف درهم سنويا لتغطية رسوم التسجيل. وتتولى مهمة حصر لائحة المدارس والمعاهد العليا التي يخول ولوجها الاستفادة من منحة الاستحقاق ورسوم التسجيل، إلى جانب اقتراح الحصة السنوية لمنح الاستحقاق في حدود الاعتمادات المالية المرصودة لهذه الغاية لجنة مركزية تتكون من السلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية، السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي، السلطة الحكومية المكلفة بالاقتصاد والمالية، السلطة الحكومية المكلفة بالشؤون الخارجية والتعاون، إلى جانب السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل والتكوين المهني. الطلبة: لم تضع الوزارة أمامنا احتمال عدم استفادتنا من منحة الاستحقاق و(كيدج ونيوما)، كانتا ضمن المستفيدين منذ سنوات «أشعر في بلاد المهجر أني تائهة ، ضائعة ،مهملة ويتيمة .فالمغرب بلدي التي عشت فيه 20 عاما يتخلى عني ولايهتم لحالي .فبعد نجاحي في مدرسة تعد من المدارس العليا التي يخول ولوجها للطلبة المغاربة منحة الاستحقاق، اتفاجأ بعد دخولي لها أن المغرب يحرمني من هذه المنحة التي كانت بارقة أمل تمكنني من حياة كريمة على أمل بناء مستقبل افضل والحصول على درجة عالية.» كانت هذه صرخة طالبة تعيش مع غيرها اليوم حالة من الضياع والخوف ،بعد ان اخبرتهم المدرسة بتسديد مستحقات الدراسة ، وقد اخبرنا بعض الاباء ان المسؤولين عن هذه المدارس الفرنسية تأثروا لوضعية الطلبة المغاربة وبادروا لطمأنتهم بأن يمهلوهم أجلا آخر لتسديد المستحقات ، بالطبع التي لا تقوى عليها الاسر . من جهته أكد طالب من مدرسة NEOMA، ، أن 70 في المائة من زملائه يفكرون في العودة إلى المغرب «لأنه لم يعد أمامهم خيار آخر أمام تخلي وزارة التعليم عنهم»، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة «لم تضع أمام الأسر احتمال عدم استفادتنا من منحة الاستحقاق، باعتبار أن مدرستي NEOMA وKEDGE كانتا دائما ضمن المستفيدين منذ سنوات». تقول إحدى الامهات وهي ترتجف ، «لقد صعقنا بهذا الخبر ، ماذا سنفعل الآن بعد ان شرع ابناؤنا في الدراسة .هل نضطرهم للعودة لأننا لا نقوى على تغطية مصاريفهم ،لقد بعنا أشياءنا ومنا من اقترض من البنوك لتأمين مصارف المباريات ومصارف الذهاب وكلنا امل في المنحة لتساعدنا على مصاريف الدراسة ، لو كنا نعرف منذ البداية ان الوزارة لاتعطي هذه المنحة كنا بحثنا عن معاهد اخرى غير مكلفة أو تركنا ابناءنا في المغرب أو التجأنا إلى حلول اخرى .. أب حائر يضيف «حرمان أبنائنا من المنحة كان قرارا صادما، وبعضهم اليوم يفكر في العودة إلى المغرب بسبب تكاليف الدراسة الباهظة وهو الأمر الذي يهدد مستقبلهم الدراسي».فيما يعقب أب آخر بحزن «من المؤسف ان نعطي لفرنسا خيرة ابنائنا على طبق من ذهب الذين اجتازوا عن جدارة الامتحانات والمباريات صيف هذا العام .إن عدم حصولهم على المنحة سيحفزهم بأن لا يعودوا للمغرب ستحتضنهم فرنسا التي لم تبدل شيئا في تكوينهم». حال هؤلاء الطلبة وأسرهم اليوم مؤلم ومحزن ويستدعي مراجعة الوزارة لهذا القرار الذي جاء بعد بداية الدراسة بشهرين ،ليربك حياة الطلبة وقد يجهز على مسارهم الدراسي . وان يتم الإعلان مسبقا وقبل بداية الموسم الدراسي عن المدارس التي ستستفيد من المنح حتى يتسنى للطلبة وأسرهم أن يختاروا ما يتناسب وامكانياتهم المادية دون الاعتماد على جهة قد تتخلى عنهم وسط الطريق.وأن تعمل الوزارة الوصية أيضا على تطبيق رافعة القانون الاطار التي تنص على الاستحقاق والشفافية وتكافؤ الفرص وان تجعل ابناء المغاربة سواسية في الاستفادة من المنح التي يستحقونها .فكم من الطلبة المغربة في الخارج لايستفيدون وهم يستحقون ذلك وولنا في الموضوع امثلة عدة منها حالة طالب يجتاز الدروس التحضيرية في ظرف سنة واحدة ويلتحق بمدرسة البوليتكنيك بباريس وهذا امر يحدث لأول مرة ورغم ذلك حرم من حقه في الاستفادة من منحة الاستحقاق . نفس حالة طالبة مغربية متميزة اجتازت شهادة الدروس التحضيرية في فرنسا في ظرف سنة واحدة .ولتفوقها تم قبولها في أكبر المدارس المرتبة الثالثة ضمن العشرة التي تستحق منحة الاستحقاق ،وتم حرمانها من حقها الكامل في المنحة التي منحت لطلبة آخرين لم يحصلوا على شهادة الدروس التحضيرية الا بعد 3 سنوات.