كما كان متوقعا، انطلق الموسم الدراسي 2019-2020 على وقع العديد من المتغيرات والمعيقات، الشئ الذي ادى الى تعثر الانطلاقة الرسمية للدراسة ما عدا في المستوى الابتدائي. ويعود سبب تعثر انطلاقة هذا الموسم الدراسي الى عدة اسباب اهمها، الخصاص الفظيع في الاطر الادارية بجميع مؤسسات الثانوي والاعدادي التاهيلي العمومي، مما يجعل مهمة الدخول المدرسي من تسجيل وإعادة التسجيل ومنح استعمالات الزمن للاساتذة تقع على عاتق المدراء وبعض الحراس العامون والمقتصدون، ذلك أن جل المؤسسات التعليمية العمومية لا تتوفر على اكثر من حارس عام رغم ان عدد التلاميذ بهذه المؤسسات تفوق الف تلميذ وتلميذة ،وبعض المديرين مكلفين بأكثر من مؤسسة ،ومن المقتصدين من هو مكلف بأكثر من مؤسستين، مما يجعل الاكاديميات والمديريات في بحث دائم على تسهيل هذه المؤمورية، لكن العبء كله يتحمله هؤلاء المديرون والمتبقي من الحراس العامين والمتطوعين من المقتصدين.
ارتباك كبير في التسجيل والانتقال .. وحارس عام واحد لأكثر من ألف تلميذ /ة المدير في المدارس العمومية يمنح شهادة المغادرة للراغبين في تغيير المؤسسة ويمنح الشواهد المدرسية لمن التحق بالتكوين المهني، وفي نفس الوقت يستقبل شواهد الراغبين في التسجيل بالمؤسسة ثم التوقف لتقديم الاستشارات لهذا وذلك،في حين ينتظره طابور من الامهات والاباء خارج مكتبه ،والذين غالبا ما تصدر منهم احتجاجات على تباطؤ الخدمة المقدمة من طرف الادارة ،مما يظطره لتهدئة الاوضاع وشرح الاكراهات امام عدم الاكتراث لكلامه مما يصعد من الموقف، وقد تتوقف في أغلب الاحيان عجلة التسجيل او تسليم شواهد المغادرة. قلة الحراس العامين جعل العديد من الثانويات التأهيلية الاعتماد على بعض التلميذات والتلاميذ في تسلم ملفات التلاميذ المسجلين حسب القسم والمستوى الدراسي ،على ان يراجعهم الحارس العام المتواجد أو المدير نفسه، ومن المؤسسات من اعتمد على الحارس الخاص في بعض الاعمال وهو ما يجعل ابواب مثل هذه المؤسسات تعج ببعض الخروقات خاصة اقتحام الغرباء ساحة هذه المؤسسات. حركة غير عادية أيضا تعرفها ادارة المؤسسات الاعدادية والتأهيلية ،ويقوم بها بعض الاساتذة والاستاذات، فهناك من يقصد مكتب الناظر او الناظرة او مكتب المدير من اجل طلب تغيير الساعات في استعمال الزمن الممنوح لهم ،لأسباب مختلفة يغلب عليها الدروس الخصوصية ، حتى يتسنى لهم ملاءمة استعمال الزمن مع المؤسسة الخصوصية التي يعملون بها ،مما يجعل العديد من الاساتذة يلجؤون إلى الادارة لطلب تغيير استعمال الزمن حتى يتماشى مع مصالح المؤسسة الخصوصية على حساب المؤسسة العمومية اسباب اخرى يتقدم بها بعض الراغبين في تغيير اوقات عملهم تجعل الادارة التربوية في حيرة من امرها ،كما يتطلب ذلك تضييع مزيد من الوقت والتأثير الكبير على باقي استعمالات الزمن خاصة تلك المسلمة للتلاميذ، فإذا ما لبي طلب فإن ذلك يتطلب تغيير استعمالات الزمن لأكثر من قسم ويجب إخبار التلاميذ بذلك ،واحيانا تتكرر العملية لنفس القسم يجعل الامهات والآباء في طرح عدة تساؤلات حول الموضوع خصوصا وان الامر ترتبط باستعمالات الزمن الدراسي لابنائها في عدة امور كالنقل وغيرها. ومقارنة مع شعار الدخول المدرسي الذي اختارته الوزارة الوصية ،نجد أن لا علاقة بمضمون الشعار مع الواقع الحي المعيش، فكيف لنا الحصول على مدرسة مواطنة والمواطن التلميذ يفقد داخل مؤسسته ابسط الحق في التعليم واكبر عدو له ولاسرته هو خلاف الموعد فالدراسة لم تنطلق يوم 05/09/2019 بل لحد الساعة لم تنطلق في اغلب الثانويات التأهيلية ولا يمكنها ان تنطلق في هذه الظروف التي لا تتوفر فيها الاطر الادارية والاعتماد على طرق تأخذ من الوقت الشئ الكثير، علما ان الزمن المدرسي بالغ الاهمية ولا يجب الاستهانة به وهدره. ومن الاسباب المعيقة الاخرى، في العديد من المناطق هو عدم تواجد ثانويات تأهيلية بالقرب من تجمعات سكانية تضطر المديرية الاقليمية المعنية البحث عن ثانويات تأهيلية وقد تكون خارج تراب نفوذها ،مما يجعل العديد من الاسر تدخل في مجال معاناة اخرى قد تدفع بالبعض منهم إلى ايقاف تدريس بناتهم لبعد المسافة الرابطة بين البيت والثانوية ولغياب النقل المدرسي الذي اصبحت تهيمن عليه بعض اللوبيات، والتي جعلت منه موردا اضافيا ودخلا سنويا مهما ،حيث تعمل جاهدة لبسط نفوذها عليه والانفراد به لوحدها والمثال الحي من منطقة بوسكورة. فأمام صمت فظيع لسلطات عمالة اقليم النواصر، رغم ان هذا الاقليم يعرف نهضة صناعة مهمة ومجالا معماريا مهما،لكن ذلك يبقى بعيدا عن المجال التربوي التعليمي ،فلولا المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين الجهة الدارالبيضاءسطات والمديرية الاقليمية بالنواصر لعرف منطقة بوسكورة ومناطق اخرى بالاقليم ارتفاع الهدر المدرسي ومشاكل اخرى نحن في غنى عنها. «صاحب محل الفوطوكوبي» يعوض خصاص الموارد البشرية في المؤسسات التعليمية مظاهر غير عادية أيضا تشوب الدخول المدرسي،حيث ظهرت بعض السلوكات غير العادية بمجموعة من المؤسسات التعليمية العمومية مست الى حد ما سمو العملية التربوية التعليمية، وتتجلى هذه المظاهر في بيع بعض الحراس الخاصين المكلفين بأبواب المؤسسة التعليمية لوازم التسجيل والاكثر غرابة داخل اسوار المؤسسة .وطبعا هذا السلوك لن يكون دون علم رئيس المؤسسة وتشمل هذه اللوازم اوراق الغياب وبطاقة التعريف المدرسية والاظرفة والطوابع البريدية وملف من الورق المقوى .وحين يتساءل التلاميذ في بعض المؤسسات التعليمية عن استعمالات الزمن يرشدهم الحارس الخاص انها موجودة عند صاحب محل النسخ فوطوكوبي القريب من المؤسسة. مؤسسات اخرى لا توجد بها بعض الوثائق مثل تلك الخاصة بطلب اعادة التوجيه والتي من المفروض تسليمها من طرف الحارس العام ،بل توجد هذه الوثيقة عند صاحب محل النسخ يتعامل مع هذه المؤسسة، وطبعا سيشتريها كل تلميذ احتاجها لطلب اعادة التوجيه بعض المقربين من مسؤولين بهذه المؤسسات التعليمية بكون هذه الطريقة تريحهم من توافد التلاميذ الراغبين في طلب تغيير توجيههم او استفسارهم عن استعمالات الزمن وذلك في غياب اطر ادارية تملءكل فراغ بالمؤسسة وتبقى الطاقة الكبرى حين تقرر مصلحة التخطيط في بعض المديريات تخصيص مسلك عن مسالك شعبة الخدمات في مؤسسة بمنطقة بعيدة، أو حين تحذفها من مؤسسة ومنحها لمؤسسة اخرى تشكل عائقا كبيرا على باقي التلاميذ بنفس المديرية، وبالتالي يتم حذف هذا المسلك لعدم قدرة التلاميذ المعنيين على الوصول الى تلك المؤسسة وارغموا على طلب شعبة توجد بالمؤسسات القريبة من سكانهم. هذا الامر المر تتحمله مصالح التخطيط والخريطة المدرسية التي لم تراع تواجد التلاميذ وخططت حسب منظورها الخاص من داخل مكاتبهم وكراسيهم المريحة. التكوين المهني وصعوبة الالتحاق لا يختلف اثنان على كون التكوين المهني احد الواجهات والطرق المؤدية إلى سوق الشغل، ولا شك ان النتائج المحققة كانت سببا رئيسيا في الانخراط الكلي لعالم الشغل في شتى المجالات، وما الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى ملحمة ثورة الملك والشعب إلا دعامة لهذا النوع من التعليم والتكوين المؤدي الى الشغل والى الحفاظ على كرامة المواطن، إلا ان التتبع للشأن التعليمي والتربوي والتكوين يلاحظ من خلال هذا الدخول المدرسي ان هناك اقبالا كبيرا من التلميذات والتلاميذ على قطاع التكوين المهني ليس فقط بالنسبة لغير المتفوقين في نيل شهادة الباكالوريا ،بل حتى الحاصلين عليها .واصبحت مراكز التكوين تعج بالتلاميذ والتلميذات وطوابير كبيرة على المكاتب والشبابيك. اما فيما يخص شعبة الخدمات التي تسلم لتلميذات وتلاميذ السنة الثالثة اعدادي الملتحقون بالثانوي التأهيلي، فإن توجيههم الى بعض انواع الخدمات جعل العديد من التلاميذ يلجؤون الى طلب تغيير التوجيه ،لأن دليل النوع هو دخيل عليهم فقط لان مركز التكوين المهني القريب من الثانوية التاهيلية المتمثل الى هؤلاء التلاميذ لا تتوفر الا على ذلك نوع من الخدمات، وبالتالي تفشل العملية لأنها لم تأت عن دراسة مسبقة معمقة واشراك مسؤولي الاسر وهم جمعيات الامهات والاباء والاولياء. لأن القررات العشوائية تؤدي الى عكس الاهداف المنشودة. التعليم الخصوصي.. تكاليف باهظة ومؤسسات ترفض تسجيل غير المتوفقين التعليم الخصوصي واكراهات الدخول المدرسي الكل يعرف ان اختيار التعليم الخصوصي هي قناعة شخصية مرتبطة بأحد الاسباب التي جعلت الاسرة تقرر الاعتماد في تعليم ابنائها او احدهم على التعليم الخصوصي الذي كان في بدايته مقصد كل من فشل في تعليمه بالمدرسة العمومية ،لكن مع مرور السنوات اضحى ملاذا لكل من اراد ان يرفع من وثيرة تعليم ابنائه لتدهور مستوى المدرسة العمومية او للهروب من التوقفات التي يعرفها الموسم الدراسي نتيجة الاضرابات التي تخوضها الشغيلة التعليمة من حين لآخر. الموسم الدراسي الحالي جعل العديد من الامهات والاباء يرفعون عدة شكايات شفوية واستنكارات متعددة ،بسبب الارتفاع الصاروخي لكلفة هذا النوع من التعليم،خاصة في الواجب الشهري وواجبات التسجيل، خصوصا ان هذا الدخول المدرسي جاء بعد اكراهات متعددة «رمضان-عيد الاضحى العودة من العطلة» وهي مناسبات تتطلب مصاريف مكلفة ،لم تتغلب عليها بعض الاسر إلا باللجوء إلى القروض البنكية، متسائلين عن من يوقف زحف هذه الزيادة الموسمية.و لم تقف مفاجئات العديد من المؤسسات الخصوصية عند حد الزيادة في واجبات التسجيل والواجب الشهري، بل تعدته الى ما هو غير مقبول، حين تمنع بعد التلميذات والتلاميذ من متابعة دراستهم بمؤسساتها بحجة ضعف المتعلم او المتعلمة، وبأنها لا تستطيع مسايرة تلاميذ وتلميذات القسم الجديد رغم نجاحهم . اشكال آخر يهدد الدخول المدرسي لهذا الموسم هو تخوف الاباء من هدر الزمن المدرسي في المدرسة العمومية مثل ما وقع السنة الماضية،مما جعل مجموعة من هؤلاء الاباء والامهات البحث عن مؤسسات تعليمية عمومية تضم اقل عدد من الاساتذة اطر الاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين حتى تضمن موسما دراسيا سالما من كل التوقفات التي عرفها الموسم الدراسي السابق.وفي هذا الشأن اكد للجريدة رئيس فرع جهة الدارالبيضاءسطات والنائب الاول لرئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات امهات واباء واولياء التلاميذ بالمغرب، ان الفيدرالية الوطنية لا يمكنها تحمل عبء هذه التهديدات غير المبررة للموسم الدراسي.مبديا في نفس الوقت استعداد جميع الامهات والاباء للدفاع عن مستقبل التلاميذ والتلميذات المغاربة والدفاع عن المدرسة المغربية.