وزان والنواحي، «دار الضمانة» الشهيرة والقبائل المجاورة، أو إقليم / عمالة وزان كما صار الأمر منذ 2009؟، ظَلتْ مجرد رُكام بشري وجغرافيات زائدة أو تكميلية، تُقطعُ وتضافُ لهذا الإقليم أو ذاك… من إقليمالقنيطرة، الى إقليمسيدي قاسم، إلى إقليم شفشاون… وأخيراً وزان عمالة…؟ ومع هذا التهميش المتواصل للمدينة والنواحي منذ فجر الاستقلال، وأمام وصولِ الاختيارات السائدة إلى أوجِ التفقير بالناس وبالمنطقة أو أمام بلوغ السكين العظم كما يقولون، سكتتِ الدولة على فلاحة الكيف منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي بأغلب النواحي، في أجواء يطبعها تكريس الخوف المستدام في النفوس بواسطة المداهمات الموسمية والمتابعات هنا وهناك، وبالتفعيل المنظم لسيفِ الشكايات المجهولة والكيدية… فكان ما كان، ويكون، وما قد يكون…!؟ الماء، العطش، انقطاعات الكهرباء المتكررة والمتواصلة، النزاعات التي قد تصيرُ قاتلةً حول الماء في الدواوير القليلة التي تتوفر بها مصادر مياه طبيعية أو عيون الله، حُمى الحفرِ المضطردِ والعشوائي والمشبوهِ للآبار، تخريب وإتلاف القنوات الناشفة أصلاً من الماء، وكذا محطات الكهرباء بفعل السرقة المنظمة للتيار الكهربائي لاستعماله في الري خصوصاً، بتواطؤٍ مع عيون السلطة النائمة في عسل الرشاوي والهدايا… التزايد المضطرد والملحوظ لأعداد المرضى العقلانيين… ما يشبه الطرق، ما يشبه المستوصف، وما يشبه الإدارة والمسؤولين والمنتخبين والمواطنين عموماً.. إنها حالة الإقليم والمنطقة كل صيف… أما في باقي الفصول، فإن الكسلَ اللذيذَ ينيخُ فوق الديار، يستسلم له الطوب والحجر من الناس ومن الجماد والحيوان أيضاً…! القارئُ يُدركُأن كل عبارةٍ في الفقرتين أعلاه هي عنوانٌ صالحٌ لتحقيقٍ صحافي أو مقالات في الموضوع…لذلك سوف أكتفي هنا بمقاربة أسئلة ثلاثة؛ما السر الكامن وراء لغزِ العطش في وزان كل صيف؟ ولماذا ينقطع الضوء أو تيار الكهرباء عن الناس في النواحي أو في أغلب دواوير زومي كل صيف؟ وأي بديل تنموي، ملموس ومستدام، لفلاحة الخوف والذل والرشاوي القصرية والسجون والمتابعات الدائمة؛ أعني- هنا والآن ودائماً- زراعة الكيف اللعينة!؟ ما السر الكامن وراء لغزِ العطش في عمالة وزان كل صيف؟ في 2009، بعد مرور حوالي العقد من الزمن على حكم محمد السادس، صارتْ وزان عمالة.. تَنفسَ أهل «دار الضمانة» وقبائل بني مستارة وبني كلة (…) الصعداء، مُرددين- في السر والعلن- رحمتك، يا رب.. أخيراً، ها قد رُفِعَ الغضبُ والنسيان عنا..! أخيراً، وليس آخراً طبعاً؟ حيثُ عبرَ الوقتُ سريعاً- حوالي عقدٍ أخر من الزمن!- ليَجدَ المَلَأُ نفسه بين سدين أو أكثر (من بينها أكبر سد في القارة الإفريقية؟) يتسولُ الدولةَ ماءً للشرب… يخرجُ للاحتجاج، بينما القنوات وبعض السقايات المنجزة في إطار مشروع 34 مليار وزيادة (كأنها تبخرت!؟) تشكو بدورها العطشَ والتهميشَ المزمن، وكذا التعرضَ المتواصلَ للإتلافِ والخراب…؟ فما السر وراء هذا اللغز العجيب؟ من المسؤول؟ هل هي الدراسات السيئة؟ هل هو النهب والعبث القاتل؟ هل هي اللا كفاءة وضعف الموارد البشرية لدى المكتب الوطني للماء؟ هل هي العين النائمة للسلطات في رغد رشاوي فلاحة الكيف اللعينة ومافيات الحشيش؟ هل هم بعض المواطنين الذين اعترضواْ على نزع ما يملكون دونما تراضٍ مسبق أو تعويضٍ مثلاً؟ وهل هو التواطؤ العام لأخطبوط قوى الفساد والعبث والثراء الفاحش، المستشري من القمة إلى السفح، من «المنتخب» إلى «صاحب الصوت»، ومن وزان إلى الضواحي؟ مثل هذه الأسئلة الواضحة الحارقة وغيرها، طُرحتْ وتطرحُ في الصحافة، في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي المساجد وتجمعات الناس على امتداد الدواوير الغارقة في العطش والظلام كل صيف.. ولا يحتاجُ المرء إلى مزيدٍ من التوضيح، سيما أن شرح الواضحات قد باتَ من المفضحات، في هذه القطعة الغنية طبيعياً من الوطن، والمُفَقرَةِ سياسياً وتنموياً من لدن الحاكمين أو أغلب المسؤولين الذين تعاقبواْ ويتعاقبون على إدارة الشأن العام بها.. لماذا العطش، إذن؟ بل مَنِ المسؤول عن عطش العمالة كلها؟ وأين ذهبتْ كل ميزانيات إيصال الماء إلى الناس؟ وهل فعلاً رُفِعَ الغضب عن وزان، فصار عطشاً وملاحقةً وخوفاً مستداماً يُخيمُ على أعماقِ الأهالي في الدواوير المترامية، جراء فلاحة الكيف اللعينة وتصنيف المنطقة (في تعيينات رجال الدرك والسلطات وغيرهم؟) ضمن المناطق المذرة للثراء السريع.. إنها «الكويت»؛ يقول عنها وعن زومي خصوصاً، أفواج المتخرجين الجدد والقدامى معاً، في قلب عاصمة المملكة وغيرها… ويُجزمُ «عمي الشريف» (هو على مشارف القرن من العمر) أن لا أحد يُعين في قبيلتنا من رجال السلطة (يقصد قبيلة بني مستارة/ زومي؟)إلا إذا كانتْ لديه «الرْكيزة الصْحيحة» أو «الرشوة الغْليظة».. بل هما معاً؛ يضيف أحد الشباب المعطل، الذي كان لحظتها يسرقُ السمعَ لهذا الحديث الحزين… «حَامِيهَا حَرامِيها»؛ قال «سي احمد»، وانصرف، إلى بوق مسجد «الخيص» ليخبر الجماعة بالاجتماع غداً، حول مشكلة انقطاع تيار الكهرباء في أيام «العيد الكبير»…؟؟؟ ولماذا ينقطع الضوء عن الناس في النواحي أو في أغلب دواوير زومي؟ في مقاربةِ هذا السؤال، يَتفقُ المتدخلونوالأطراف الثلاثة (المكتب الوطني للماء والكهرباء/ السلطات المحلية/ غالبية الناس)، على جوابٍ واحد، على سببٍ واحد ومسببٍ واحدٍ أيضاً… إنهم «سُراق الضوء». لقد خَبِرَ الأهالي في هذه الدواوير المنسية كل «السراق».. من «سراق الزيت» و»سراق السمن» (وهي بالمناسبة كائنات غير آدمية!)، إلى السراق الآدميين عموماً في الجماعة والإقليم والجهة مثلاً، وفي مصالح المخزن المحلي كما يسمونه حتى الآن.. وهاهم اليوم، يكابدون العيش مع «سراق الضو» و»مافيا الظلام»، في القرن 21… لكن ما علاقة «سراق الضو» بظلمة الناس؟ «المْقَدْمية» في هذه الدواوير المترامية أو «العيون المُنَومة» للسلطة تحت مفعولِ ورغدِ الرشاوي القبلية والبعدية، يعرفون «سُراق الضوء».. يعرفونهم واحداً واحداً.. ومع كل «مقدم» لوائحُ أصحاب المضخات (البومبات ذات الخيول الوَعْرَة؟)، التي توصلُ بأسلاكِ وأعمدةِ الكهرباء مباشرةً، في عز الليل والنهار وكل الصيف، وذلك أمام أعين كل السلطة ومرأى كل الناس… فأين المشكل، إذن؟ هل هو في الحافلة؟ أم في السائق؟ أم في الركاب؟ هل هو من حاميها أم من حراميها؟ أم هو في كل هذا، ومنرأسِ كل هذا؟ في بنية الفساد وغياب المحاسبة؛ من العمالة والقيادات والدرك والشيوخ والمقدمين والمسؤولين في الجماعات والمكتب الوطني للماء والكهرباء… إلى المنتخبين و»سراقالضو» من «ضعاف النفوس» ومن شبكات التجارة في زراعةِ الكيف وتهريبِ الحشيش و»الغبرة» عموماً…؟ عموماً، كل هذا حدثَ ويحدثُ في العلن…لذلك صار بعض المقدمين والشيوخ (حتى لا يُقال كلهم !؟) في الدواوير التي رزقها الرب مصادر المياه الطبيعية (دوار الخيص على سبيل المثال فقط!)، وفي مختلفِ الدواوير التي حُفرتْ فيها عشرات الآبار (حتى لا يُقال مئات الآبار أيضاً؟) بواسطة «الصوندا» وغيرها(لم يحُترم في أغلبها لا القانون ولا المواصفات الرسمية ولا هم يحزنون؟)، ينصحون «سراق الضو» والسكان عموماً بتنظيم عملية السرقة هذه- في سياق «حَوْكَمَة السيبة» ربما؟- وذلك بما لا يؤدي إلى الظلام وانقطاع الضوء عن الناس والبيوت،وإلى إلحاقِ الضرر المبين بباقي المواطنين الصالحين؟! كل هذا حدث، ويحدثُ في العلن، في منطقةِ زومي وفي غيرها… السلطات المحلية تعرفُ «سراق الضو» واحداً واحداً.. نفس الجهات الرسمية تعرفُ أسماء كل المخربين واحداً واحداً..الغالبية العظمى من السكان يعرفون ويتحدثون عن هذا وذاك، وعن الرشاوي بالأسماء وبالأرقام في حالاتٍ كثيرة… فلمن يشكون الظلامَ والعطشَ والظالمين؟ ومن سيحميهم من ثأرِ «حراميها» ومن تواطؤِ «حاميها» مع «حراميها»…؟ وفي كل الأحوال… لقد حان وقتُ تنظيفِ المنطقةِ من كل المفسدين والمستفيدين من هذه «السيبة المنظمة»، وعلى رأسِهم «حاميها» و»حراميها»… أما الجواب عن سؤال؛ أي بديلٍ تنموي، ملموسٍ ومستدام، لفلاحةِ الخوفِ والذل والرشاوي القصريةِ والسجونِ والمتابعاتِ الدائمة؛ أعني- هنا والآن ودائماً- أي بديلٍ تنموي لزراعةِ الكيفِوالخوفِ والإذلالِ اللعينة!؟ فهو موضوعنا المقبل، في المقالة القادمة، وذلك بعون الله وتوفيقه دوماً.