يعد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أبرز المشاركين في قمة مجموعة السبع في بياريتس يومي السبت والأحد الماضيين ، التي تشكل أول حضور له على الساحة الدولية، وسيقوم خلالها بلقاء مرتقب بشدة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب المؤيد لبريكست بدون اتفاق. وأكدت مديرة مركز دراسات «معهد من أجل الحكومات» برونوين مادوكس في حديث مع وكالة فرانس برس «سنرى ما إذا كان بوريس جونسون (…) قادرا على أن يظهر وجها آخر للعالم»، غير ذاك الذي أظهره حين كان وزيرا للخارجية، معتبرة أن جونسون كان «مخيبا للآمال» في ذلك الدور في إشارة إلى هفواته. ولعب جونسون الذي خلف تيريزا ماي في أواخر يونيو، دوره كرئيس للوزراء على المستوى الدولي هذا الأسبوع من خلال محاولته فرض رؤيته حول بريكست على المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في برلين وعلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس. أما اللقاء الأكثر ترقبا فهو مع دونالد ترامب. وكان ترامب قد قال إنه ينتظر «بفارغ الصبر» أن يلتقي جونسون الذي سبق أن أبدى الرئيس الأميركي إعجابه به وتحدث معه أكثر من مرة هاتفيا . واعتبرت الباحثة في مركز «أوبن يوروب» آنا ناديبايدزي في حديث مع فرانس برس أن «طبيعة الرسالة التي سيرسلها (جونسون) لها أهمية كبرى»، فهي «مؤشر على الاتجاه الذي ستسلكه المملكة المتحدة بعد بريكست». يجمع بين بوريس جونسون، الملقب «ترامب البريطاني»، والرئيس الاميركي الشعر الأشقر نفسه ووجهة النظر المناهضة للاتحاد الأوروبي نفسها، لكن أيضا يشكل كلاهما موضع انقسام في بلدهما، ويشتركان في موقفهما الشعبوي ونزعتهما الاستفزازية. إزالة العوائق الأميركية من أمام الشركات البريطانية و حض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إزالة «العوائق الكبيرة» التي تعترض الشركات البريطانية في الأسواق الاميركية، معتبرا أن هذه العوائق تهدد ابرام اتفاق للتجارة الحرة بين البلدين بعد بريكست. وفي حديث له مع الصحافة مع انطلاق قمة مجموعة السبع في بياريتس في فرنسا، أشار جونسون الى سلسلة من السلع البريطانية مثل أحواض الاستحمام وفطائر لحم الخنزير المحبوبة في بريطانيا التي لا يسمح بدخولها الى الولاياتالمتحدة. وقال «أعتقد بوجود فرصة هائلة أمام بريطانيا، لكن علينا أن نفهم بأنه لن يكون كل شيء سهل التحقيق». وأضاف «لا تزال هناك عوائق كبيرة غير مفهومة أمام الشركات البريطانية في الولاياتالمتحدة»، لافتا الى أنه أثار هذه القضية مع ترامب خلال حديثهما الهاتفي، وسيعيد الكر ة عندما يلتقيان صباح الأحد. وقال «من المهم للغاية اننا إذا كنا سنبرم اتفاقية تجارة حرة رائعة، أن تعمل هذه الاتفاقية لصالح الشركات البريطانية». وكان ترامب أعلن الخميس عن رغبته بإقامة علاقات تجارية وثيقة مع بريطانيا بعد بريكست، مشيرا الى اتفاق «رائع» قيد التحضير حاليا. ويرى جونسون وغيره من المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن إبرام اتفاقية تجارية مع واشنطن أمر أساسي لإنجاح بريكست، ما يخلق فرصا جديدة أمام الشركات البريطانية. لكن هذه القضية يمكن أن تتحول ايضا الى نقطة خلاف بين جونسون وترامب، بالرغم من العلاقة الطيبة التي تجمع بينهما. واشتكى جونسون على طريقته الخاصة من عدم قدرة الأميركيين على تذوق فطائر ميلتون ماوبراي بلحم الخنزير الشهيرة في بريطانيا، وقال أن هذه المعجنات «غير مسموح حاليا بدخولها الى السوق الأميركي بسبب قيود تضعها إدارة الغذاء والدواء الأميركية»، دون أن يعطي ايضاحات أكثر. وشدد على أن «هناك فرصا هائلة لشركات المملكة المتحدة يجب فتحها»، مضيفا اننا «نعتزم اغتنام هذه الفرص، لكن هذا سيتطلب تسويات مع اصدقائنا الأميركيين الذين عليهم أن يوسعوا مقاربتهم، لوجود الكثير من القيود حاليا». ووصل جونسون إلى السلطة بلعب دور منقذ بريكست. وهو يطمح إلى توقيع اتفاق تجاري كبير مع الولاياتالمتحدة يكون علاجا للضربات الاقتصادية المتوقعة في حال خروج لندن من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق. وأكد جونسون أن المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر في حال نجح أو لم ينجح في إعادة التفاوض على اتفاق الخروج الذي توصلت إليه تيريزا ماي مع بروكسل… جونسون: على الاتحاد الأوروبي «التخلي» عن شبكة الأمان الإيرلندية قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون السبت إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي التخلي عن إصراره على شبكة الأمان الإيرلندية لتجنب بريكست من دون اتفاق. وقال جونسون للصحافيين اثناء توجهه لللمشاركة في قمة مجموعة السبع في بياريتس «لا أريد بريكست من دون اتفاق. أقول لاصدقائنا في الاتحاد الأوروبي إذا كانوا لا يريدون بريكست من دون اتفاق، علينا التخلص من شبكة الأمان من المعاهدة». ورد أيضا على رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الذي كان قد حض جونسون على ألا يتذكره التاريخ بأنه «سيد اللا إتفاق». وقال جونسون «إذا كان دونالد توسك لا يريد أن يع رف عنه التاريخ بأنه سيد بريكست من دون اتفاق، يتعين اخذ تلك النقطة في عين الاعتبار أيضا». وكان توسك قد قال خلال مؤتمر صحافي في بياريتس «مسألة واحدة لن أتعاون بشأنها هي +لا اتفاق+ ولا زلت آمل ألا يريد رئيس الوزراء جونسون أن يتذكره التاريخ بأنه سيد اللا إتفاق». وأضاف «نحن على استعداد للإصغاء لآراء عملانية وواقعية ومقبولة من جميع الدول الأعضاء ومنها إيرلندا. في حال كانت الحكومة البريطانية مستعدة لطرحها للنقاش». وشبكة الأمان بند يضمن عدم عودة النقاط الحدودية بين إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي وإقليم إيرلندا الشمالية البريطاني. ووصف جونسون ذلك البند بأنه «غير ديموقراطي» لانه يطلب من لندن الابقاء على قوانينها متماشية مع قوانين الاتحاد الأوروبي خلال مرحلة انتقالية عندما تخرج بريطانيا من عضوية الاتحاد. ويقول الاتحاد الأوروبي إن شبكة الأمان ضرورية لتجنب عودة حدود يمكن أن تؤدي إلى اقتتال مذهبي في الجزيرة. حلول بديلة ورغم المودة الظاهرة خلال لقائهما مع جونسون، إلا أن أنغيلا ميركل وإيمانويل ماكرون أوضحا له أن على لندن تقديم حلول بديلة من أجل بريكست. سيسمح نجاح دولي لجونسون بأن يثبت مكانته كقائد على المستوى الداخلي، بحسب مادوكس. إلا أن انتكاسة على المستوى الدولي قد تؤدي إلى إضعافه في وقت يواجه فيه انتقادات عديدة في المملكة المتحدة، وفي ظل تكهنات بإمكانية إجراء انتخابات مبكرة. ويرى خبراء أنه سيكون هناك ثمن مقابل اتفاق تبادل حر سريع مع الولاياتالمتحدة، ولا يستبعدون تحولا جزئيا في السياسة الخارجية البريطانية. وأوضح الباحث المتخصص بالسياسة الخارجية الأميركية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا دينا ألين لفرانس برس «أظهر ترامب بوضوح أنه يرى التجارة عرضا» لا ربح فيه للطرف الآخر، متابعا «لا أرى سببا في أن يتحول ترامب فجأة ليكون لطيفا وكريما مع المملكة المتحدة». وعلى الأمد القصير، يمكن لخروج بدون اتفاق من الاتحاد الأوروبي أن يسمم العلاقات بين الأوروبيين، ما سيعقد تعريف العلاقة الجديدة بين لندن وبروكسل، بحسب ألين. واعتبر الباحث أن «الأمر خطير وساذج. فاتفاق تجاري سحري مع الولاياتالمتحدة، البعيدة آلاف الكيلومترات، لا يمكن أن يعوض عن الأضرار التي ستتسبب بها علاقات اقتصادية (متوترة) مع الاتحاد الأوروبي»، أكبر شريك اقتصادي لبريطانيا. ورأت آنا ناديبايدزي أن «علاقة وثيقة مع الولاياتالمتحدة قد تتطلب تقديم تنازلات (…) والابتعاد أكثر عن أوروبا» في الملفات الدولية الكبرى، مضيفة «لكن ذلك يعتمد بشدة على شروط بريكست». وحتى الآن، اتخذت لندن موقفا مماثلا لشركائها الأوروبيين بدعم الاتفاق النووي الإيراني وهو موقف أعاد تأكيده مصدر دبلوماسي بريطاني عشية قمة مجموعة السبع. وأعلنت لندن في الأثناء مشاركتها مطلع غشت في «مهمة أمنية بحرية» مع الولاياتالمتحدة في الخليج، اعتبرت خطوة أولى باتجاه إبعاد البلاد عن الاتحاد الأوروبي. ورأى شارلز غرانت مدير مركز «سنتر فور يوبيان ريفورم» أن جونسون «يواجه معضلة» لأنه «يوجد حدود لما يريد أن يذهب إليه» خصوصا بشأن ملف التغير المناخي.