كشف رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون تشكيلة حكومته الجديدة التي ضمت مجموعة من أشد الرافضين للتجربة الوحدوية الأوروبية الممثلة بالاتحاد الأوروبي، فيما اعتبر بنود اتفاق الانفصال عن الاتحاد الأوروبي "غير مقبولة". وأعلن جونسون عن تغييرات جذرية في تشكيلة الحكومة، حيث عين المزيد من المتشككين في الاتحاد الأوروبي، وذلك عقب توليه رئاسة الوزراء خلفا لتيريزا ماي، التي استقالت بعد فشلها في الفوز بموافقة البرلمان البريطاني على الاتفاق الخاص بانسحاب البلاد من التكتل، والذي كانت توصلت إليه مع بروكسل. وقال "تم رفض اتفاق الخروج ثلاث مرات، وبنوده غير مقبولة للبرلمان والبلاد" داعيا إلى "إلغاء بند شبكة الأمان" الذي يمنع عودة الحدود بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا الجنوبية المجاورة لها. وطالب رئيس وزراء بريطانيا الجديد في أول بيان له أمام البرلمان، بروكسل بإعادة التفاوض بشأن اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو مواجهة احتمال الانسحاب دون اتفاق. وقال جونسون للنواب "نحن على استعداد للتفاوض بنية صادقة من أجل التوصل إلى اتفاق بديل"، مضيفا "سندخل هذه المفاوضات بأقصى ما نملك من طاقة وعزم". وأوضح أنه يأمل في "أن يعيد قادة الاتحاد الأوروبي التفكير في رفضهم الحالي" لإعادة التفاوض بشأن اتفاق خروج بريطانيا من التكتل. وهدد "إذا لم يفعلوا ذلك، سنضطر إلى الخروج دون اتفاق" موضحا أنه طالب وزراءه الجدد بأن يجعلوا وضع الاستعدادات للخروج دون اتفاق "أولوية قصوى". ويلقي جل الذين صوتوا لصالح الخروج باللوم على ماي التي استقالت بعد فشلها في تأمين دعم البرلمان لصفقتها مع الكتلة ثلاث مرات، بينما يلوم حلفاؤها مؤيدي الخروج المتشددين الذين أغرقوا الصفقة لشعورهم بأنها ستبقي المملكة المتحدة مرتبطة بقواعد الاتحاد الأوروبي. وفاز جونسون على جيرمي هانت بأغلبية كبيرة وتولى منصب ماي كزعيم للحزب ورئيس للوزراء، متعهدا بإكمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإسكات المشككين، وتوحيد البلاد، وهزيمة زعيم حزب العمال المعارض وكل من يعتقد أنه لا يمكن للبلاد مغادرة الكتلة، لكنه يواجه نفس المشاكل التي واجهتها ماي: رئاسة حكومة دون أغلبية برلمانية مع معارضة معظم المشرعين لمغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. وتعهد المشرعون الذين يعارضون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون صفقة -بمن في ذلك بعض وزراء حكومة ماي الذين أقالهم جونسون- بشن معركة عندما يعود البرلمان من عطلة تستمر ستة أسابيع وتبدأ يوم الجمعة. ويتكهن بعض المراقبين بأن هؤلاء المشرعين سيستطيعون الإطاحة بالحكومة الجديدة بتصويت على حجب الثقة. كما يمكن أن يدعو جونسون إلى إجراء انتخابات مبكرة على أمل الحصول على أغلبية برلمانية تساند خططه، حيث لن تعقد الانتخابات القادمة قبل سنة 2022. ويصر الاتحاد الأوروبي على أنه لن يعيد التفاوض بشأن الاتفاق المبرم مع ماي بخصوص شروط رحيل بريطانيا وإطار العلاقات المستقبلية. لذلك، تواجه بريطانيا احتمال خروج فوضوي يحذر الاقتصاديون من أنه سيعطل التجارة لأنه يفرض رسوما جمركية بين بريطانيا والكتلة، ويخفض من قيمة الجنيه الإسترليني ويغرق المملكة المتحدة في حالة من الكساد. ونبه المفاوض الاوروبي ميشال بارنييه الخميس الى ان مطالب رئيس الوزراء البريطاني الجديد حول تعديل اتفاق بريكست "غير مقبولة"، داعيا الاتحاد الاوروبي الى الاستعداد لاحتمال خروج بريطانيا من دون اتفاق. وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية الخميس إن المفوضية "لن تعيد التفاوض حول اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد عندما يتعلق الأمر بمسألة شبكة الأمان الخاصة بإيرلندا "، وذلك رغم تأكيد رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون على أنه سيدفع صوب إجراء تغييرات بالاتفاق. وأكدت المتحدث باسم المفوضية مينا اندريفا في بروكسل أن المفوضية على استعداد لإضافة إعلان سياسي بشأن العلاقة المستقبلية بين الجانبين. وأضافت "نتوقع أن تفي المملكة المتحدة بالتزاماتها بشأن تجنب وجود حدود مشددة مع حماية مكانة إيرلندا في السوق الداخلية". وينص الترتيب المثير للجدل بشأن "شبكة الأمان" أو "باكستوب" على إبقاء كامل المملكة المتحدة في اتحاد جمركي لتجنّب إعادة الحدود الفعلية بين إيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد. ويرى جونسون أن تهديد الخروج الفوضوي من الاتحاد الأوروبي سيجبر بروكسل على الإذعان ومنح لندن شروطا أفضل ستتيح لها إبرام اتفاقيات تجارية مع قوى عالمية مثل الصين والولايات المتحدة. ويتمحور حل جونسون بشأن هذه الحدود حول اقتراحات رفضها الاتحاد الأوروبي والقادة الإيرلنديون لأنها إما غير قابلة للتطبيق أو غير كافية. وقال رئيس وزراء إيرلندا ليو فارادكار -الذي ستخسر بلاده المعتمدة على التجارة الكثير بسبب خروج بريطانيا دون اتفاق- لجونسون الأربعاء إن عليه التنازل.