سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ردّا على مشروع قانون فتح رأسمال المصحات الخاصة للمستثمرين من غير الأطباء .. المجلس الاقتصادي والاجتماعي يؤكد أن خوصصة قطاع الصحة ستعمّق التفاوتات وستمس بالاستقرار الاجتماعي
أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على أن مشروع قانون 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، بعد إحالته عليه من طرف رئيس مجلس النواب من أجل إبداء الرأي، أن هذا المشروع لا ينخرط في إطار سياسة وطنية للصحة، مندمجة، منصفة اجتماعيا، ومستدامة اقتصاديا، معتبرا أن الاستثمار في قطاع الصحة هو وسيلة أساسية، لكنه لا ينبغي أن يشكل هدفا في حد ذاته، بقدر ما يتجلى الهدف في تحسين العرض الطبي على الصعيد الوطني كميا ونوعيا، معترفا بأن الهدف الذي يرسمه مشروع القانون قصد تشجيع الاستثمار في المنظومة الصحية ملائم، لكنه يعتبر الغاية من الاستثمار لا تستجيب للحاجيات الأساسية، بدون ربطه بخريطة صحية تنطبق على القطاع الخاص، وبدون انفتاح واضح لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مضيفا أن مشروع القانون هذا لا ينخرط بصفة كاملة في روح القانون الإطار 34-09، الذي كان يسعى إلى تحقيق تكامل بين القطاعين العمومي والخاص في إطار خريطة صحية ومخططات جهوية لعرض العلاجات، مؤكدا أن هذا القانون، وبسبب عدم تضمينه لأي حكم خاص من شأنه تشجيع تطوير المصحات أو المستشفيات الخاصة، سيما تلك التي لا تسعى إلى الربح، يمكن أن تساهم في إنجاز مهام الصحة العمومية، وبعدم تحديده لأرضية للعلاجات الأساسية، وبإعطائه الحرية المطلقة لإنشاء المصحات والعيادات، لا يساهم في تحسين عرض العلاجات على مستوى الإنصاف، من حيث الولوج إلى العلاجات، والوصول إلى مختلف جهات التراب الوطني. وشدد المجلس في جوابه على أن الصحة حق أساسي، لكنه ليس حقا فعليا للجميع، مؤكدا أن النظام الصحي بالمغرب هو نظام غير متوازن وغير فعال بما يكفي، مشيرا الى أن الدراسة النقدية لمشروع القانون المذكور قد استندت إلى مرتكزين اثنين، الأخذ في الاعتبار السياقَ القانوني القائم، والوضعيّة الحالية لمنظومة الصّحّيّة، وكذا الوضعيات السوسيو- اقتصاديّة لبلادنا، وكذا سؤالين أساسيين حول روح ومنهجية مشروع الإصلاح، والمتمثل في أخذ رأي الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، وخضوع مشروع القانون لتحليل مسبق للآثار التي يمكن أن يخلفها؟ ومن بين نقاط الضعف الذي وقف عليها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي أيضا، نجد عدم ضمان العديد من حقوق المرضى، ومن بينها الحق في الحصول على الملف الطبي، وفي سرية المعلومات التي تخصهم داخل المصحات أو عند انتقالها إلى مؤسسات التأمين، وعدم التمييز، وكذا الحق في الوصول إلى المعلومة وفهمها، فضلا عن عدم التنصيص على إلزامية محافظة الطبيب على الملفات الطبية، إلى جانب عدم إشارة مشروع القانون إلى حصر المسؤوليات الجنائية والمدنية والمهنية للطبيب في إطار مزاولته داخل المصحة، وعدم تحديده لمهام اللجنة الطبية للمؤسسة أو مهام لجنة الأخلاقيات سوى بكيفية مختصرة، وغيرها. واعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على أنه في غياب خدمة عمومية قوية، وحكامة سليمة لمنظومة الصحة، فإن الدينامية المتعلقة بخوصصة قطاع اجتماعي حساس كقطاع الصحة، تنطوي على العديد من المخاطر، ومن بينها تفاقم العجز الحالي الذي يعاني منه القطاع العمومي، والتقليص من العرض العمومي للعلاجات، مما يؤدي إلى تعميق التفاوتات والهشاشة والإقصاء الاجتماعي، وفي المدى البعيد إلى المس بالتماسك وبالاستقرار الاجتماعيين، إضافة إلى تفاقم تعرض النفقات الأسرية المباشرة، وتوسيع أعداد المجبرين على اللجوء إلى التمويل بواسطة نظام «راميد»، والرفع من نفقات صناديق التأمين عن المرض، إضافة إلى حرمان المرضى من حرية اختيارهم للطبيب والمؤسسة الاستشفائية، وكذا تبعية منظومة الصحة بصورة كبيرة للرساميل الخارجية، في حين وقف بالمقابل عند ما اعتبرها فرصا يتيحها هذا المشروع من قبيل اعتماد آليات تمكن الأطباء من العمل على تنظيم المهنة وتعزيزها، وإلزامية التكوين المستمر، وجلب التمويلات وإتاحة إمكانية بناء مؤسسات كبرى مجهزة، وكذا تطوير السياحة الطبية وتحسين عرض العلاجات في المدن الكبرى عن طريق المنافسة