لم تكتمل الفرحة التونسية ببلوغ الدور نصف النهائي لكأس الأمم الإفريقية في كرة القدم للمرة الأولى منذ 15 عاما، إذ سقط نسور قرطاج أمام السنغال في مباراة رأى التونسيون أنها «سرقت» منهم، لكنها أيضا أعادت التذكير بالأداء الباهت في غالبية النسخة الحالية المقامة في مصر. وكانت نسخة 2019 في مصر فرصة مناسبة للمنتخب الأحمر ليضيف نجمه ثانية إلى سجله القاري، بعد الفوز الوحيد على أرضه عام 2004. دخل المنافسات بقيادة مدرب مخضرم قاريا هو الفرنسي ألان جيريس، وفي صفوفه نجوم قادرون على صنع الفارق: يوسف المساكني عائد بعد إصابة في الركبة أبعدته طويلا لاسيما عن مونديال روسيا 2018، وهبي الخزري قدم موسما طيبا مع سانتيتيان في الدوري الفرنسي، وطه ياسين الخنيسي ساهم بقيادة الترجي إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا، بحثا عن الاحتفال باللقب الأهم على مستوى أندية القارة السمراء. وكانت المجموعة الخامسة التي أوقعت القرعة المنتخب التونسي فيها، سهلة نظريا على الورق. فالمنتخب الثاني خلف السنغال على مستوى القارة في تصنيف الاتحاد الدولي للعبة (فيفا)، كان على موعد مع أنغولا، مالي، وموريتانيا، المنتخب العربي الذي يشارك للمرة الأولى في البطولة. وبدأت معالم القلق تساور التونسيين من الدور الأول: ثلاث مباريات، ثلاث تعادلات، اثنان بنتيجة واحدة (1-1) ضد أنغولاومالي، وثالث سلبي مع موريتانيا. من المفارقة أن تونس، المنتخب الوازن إفريقيا، أنهى مجموعته في المركز الثاني مكتفيا بثلاث نقاط وهدفين، وصداع لجيريس في حراسة المرمى بعد خطأين فادحين لفاروق بن مصطفى ومعز حسن، كلفا هدفين (وتعادلين) في المباراتين الأوليين. وجاء الدور ثمن النهائي والموعد مع غانا، وفرصة التعويض عما جرى، أو عما لم يجر كما يجب حتى الآن. وقدم التونسيون أداء مقبولا ضد غانا، لاسيما الخنيسي الذي وفى بوعده وسجل هدف التقدم، قبل أن يلغي مفعوله بديله رامي بدوي بهدف الوقت الضائع خطأ في مرمى فريقه. احتاجت تونس للترجيح، ودخول بن مصطفى بديلا من معز حسن في الثواني الأخيرة، لتعبر 5-4 بالركلات. في الدور ربع النهائي ضد مدغشقر، مفاجأة البطولة، بدا أن التونسيين أفلتوا للمرة الأولى من شباك الأداء المشكوك به: ترابط بين الخطوط، وثلاثية نظيفة ضمنت الفوز الأول في البطولة في الوقت الأصلي. وأتى هذا الفوز في اللحظة التي تريدها تونس: فك عقدة عدم تخطي الدور ربع النهائي منذ 2004، وعدم تحقيق الفوز في نسخة مصر 2019. وانتهى نصف النهائي على غير ما كانت تأمل تونس، في الملعب وخارجه. هدف بالنيران الصديقة من ديلان برون كان كافيا لإضاعة «حلم» العبور إلى النهائي، في مباراة ضد السنغال شهدت فرصا عدة لأسود تيرانغا بينها ركلة جزاء ضائعة، ومثلها للتونسيين، أضيفت إليها ركلة احتسبت لصالح نسور قرطاج في الدقائق الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني، قبل تراجع الحكم عن قراره بعد العودة لتقنية الفيديو «في إيه آر». وأثار القرار انتقادات واسعة في تونس وحديث المشجعين عن «سرقة». لكن اللاعبين خرجوا من لقاء السنغال ب «مردود طيب» بعدما قدموا «أفضل مباراة لنا في الكأس الإفريقية»، بحسب ما قال اللاعب وجدي كشريدة بعد نهاية المواجهة التي أقيمت على ملعب 30 يونيو في العاصمة المصرية.