بعد ميثاق اللاتمركز الإداري الذي يعتبر ورشا كبيرا فتحه المغرب ويعكف على تنزيله بالسرعة المطلوبة، يستعد محمد بنعبد القادر، الوزير المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية للإقدام على خطوة أساسية لا تقل أهمية عن الأولى تتمثل في تفعيل الفصل 57 من الدستور المتعلق بإقرار الحكامة الجيدة داخل المرافق العمومية. وهكذا سيعرض المسؤول الحكومي مشروع قانون بمثابة ميثاق المرافق العمومية في المجلس الحكومي الذي سينعقد يوم غد الخميس 4 يوليوز الجاري، تفعيلا للمقتضيات الدستورية في باب التدبير والحكامة الجيدة بالإدارات العمومية. ويعتبر ميثاق المرافق العمومية أحد المشاريع العشرة الأساسية ضمن التحول التدبيري الذي يجب أن تعرفه الإدارة المغربية والذي جاء في الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة الذي قدمته وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية في مجلس حكومي سابق. ويندرج مشروع ميثاق المرافق العمومية في إطار تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالمبادئ العامة والقواعد المؤطرة للحكامة الجيدة وخاصة في ما يتعلق بتسيير الإدارات العمومية والأجهزة العمومية والجهات والجماعات الترابية الأخرى، ويعتمد هذا المشروع، حسب معطيات لوزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، على وضع إطار مرجعي يضبط التزامات المرافق العمومية، سواء على مستوى التنظيم أو على مستوى التسيير، مع تحديد الضمانات المؤطرة لعلاقة المرفق العمومي بالمرتفقين من خلال تحديد واجبات الموظف وحقوق المرتفق. كما يتضمن ميثاق المرافق العمومية المبادئ الموجهة للعمل الإداري من أجل تكريس سيادة القانون وترسيخ ثقافة المرفق العام ودعم النزاهة والمصداقية والحياد وربط المسؤولية بالمحاسبة. ويهدف هذا المشروع إلى تحديد التزامات المرافق العمومية وضوابط العمل العمومي في انسجام تام مع الغاية الأساسية المتمثلة في رعاية المصلحة العامة وخدمة المواطن واعتماد إطار مرجعي يحدد القواعد التنظيمية والتدبيرية المؤطرة لمختلف الالتزامات المنوطة بالمرافق العمومية وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وتدعيم المشاركة المواطنة، مع تحديد حقوق وواجبات المرتفقين في علاقتهم بالإدارة. يذكر أن من أقوى المفاهيم التي جاء بها الدستور الجديد هو مفهوم الحكامة الجيدة، كتعبير عن الفلسفة العامة التي أسسها من أجل إحداث التغيير المنشود والحد من الفساد وسوء التدبير الذي تعاني منه مؤسسات الدولة والمجتمع. وخصص الدستور الجديد للحكامة الجيدة بابا كاملا، الباب الثاني عشر، من 17 فصلا (الفصول من 154 إلى 171)، وينقسم إلى شقين، يتعلق الأول بمبادئ عامة والثاني بتحديد المؤسسات والهيئات العاملة على تفعيل هذه المبادئ. وفي ما يتعلق بالمبادئ العامة، يمكن التمييز فيها بين مبادئ تنظيمية ومبادئ سلوكية وأخرى محاسبية. وفي إطار تحديد وتقنين هذه المبادئ العامة للحكامة، يؤكد الفصل 157 أن ميثاقا للمرافق العمومية سيحدد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجماعات الترابية والأجهزة العمومية. أما في ما يخص المبادئ التنظيمية، التي تهتم بتنظيم المرافق العمومية، ينص الفصل 154 على أنها تنظم على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات. كما يؤكد الفصل 159 أن الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة تكون مستقلة وتستفيد من دعم أجهزة الدولة، ويمكن للقانون أن يُحدث عند الضرورة هيئات أخرى للضبط والحكامة.