عادت المدينة الأثرية ب «أغرم أوسار» – إقليمخنيفرة، إلى الواجهة، إثر «ضبط» شركة منجمية بصدد حفر بئر كبيرة وسط الموقع، وذلك في ما يشبه الصدفة عندما كان طاقم أحد البرامج التلفزيونية الوثائقية بصدد إنجاز حلقة خاصة بالموقع الأثري، ليفاجأ الجميع بوجود أشغال الحفر، الأمر الذي أثار غضب الساكنة والفعاليات المحلية، باعتبار أن ما تقوم به الشركة «يعد خرقا للقوانين الوطنية والدولية المعنية بحماية التراث والمباني الأثرية، والتي تمنع من إنشاء أي مشروع بمحيط أو وسط موقع أثري، مقابل العمل على برمجة حاجاته من ترميم وصيانة أو تأهيل لحمايته». وأكدت مصادر من عين المكان، أن وزارة الثقافة سبق لها، عام 2017، أن أوفدت لجنة مركزية للموقع وخرجت حينها بقراريحتم على الشركة المنجمية المعنية «احترام القوانين الجاري بها العمل،ويحذرها من مغبة إنجاز أي مشروع لها بالموقع الأثري «. وحسب المصادر ذاتها فإن «أعمال الحفر بالموقع تشرف على نهايتها، أمام مرأى ومسمع من الجهات والمراكز المسؤولة» ؟ و سبق للعديد من الفعاليات المهتمة بحماية المواقع الأثرية ، أن احتجت ضد قرار الشركة المنجمية المعنية بإنشاء مشروع «منجم ضخم» بقلب المدينة الأثرية، المسماة بين أبناء المنطقة ب «إغرم أوسار»، والتي تبعد عن مدينة مريرت بحوالي عشرة كيلومترات، حيث تمت مكاتبة الجهات المسؤولة في الموضوع. «هذا وكانت الشركة المنجمية ، حسب مصادرنا، قد قامت، خلال فترة ماضية، بدراسة إنشاء منجم داخل المنطقة، ولكن خارج أسوار المدينة الأثرية، وتم تقديم الدراسة لأحد الأبناك الأوربية قصد الحصول على قرض لتمويل المشروع، بما فيه إنجاز بئر منجمية بمعايير عالمية، انطلاقا من احترام سرعة وتيرة الإنتاج وتحسين ظروف العمل داخل الأنفاق الباطنية، ليتم قبول طلب الشركة بعد ذلك من طرف البنك الأوروبي، «غير أن إدارة الإنتاج عمدت إلى استبدال الموقع، عبر الدخول في التفاوض مع بعض ملاكي الأراضي داخل أسوار المدينة الأثرية وليس خارجها « . في السياق ذاته ، سبق ل «جمعية أبغور للتنمية القروية» بالمنطقة، عام 2014، أن وقعت اتفاقية شراكة مع «المعهد الايطالي للدراسات القديمة» و»المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث» و»جامعة المولى إسماعيل» إلى جانب «جماعة الحمام» و»الشركة المنجمية»، لأجل تثمين أسوار المدينة الأثرية، وتصنيفها ضمن التراث الوطني، مع إجراء تنقيبات داخلها تحت إشراف أركيولوجيين ايطاليين، بتنسيق مع باحثين مغاربة، ومن خلال النتائج الأولية للحفريات تبين أن تاريخ المدينة الأثرية يعود إلى العصور الوسطى، حيث تم الاتفاق على ترميم ما تبقى من أسوار والمساهمة في إحداث متحف محلي. و»إغرم أوسار»، مدينة ذكرتها كتب التاريخ بتسميات أخرى كغوام وعوام و أوركناس، منها كتاب «وصف إفريقيا» للحسن الوزان، و»إعلام الأعلام» للسان الدين بن الخطيب و»الاستبصار» لمؤلف مجهول… هذا وسبق لاجتماع عقد بمقرعمالة الاقليم، يوم الخميس 6 يوليوز 2017، أن تناول قرار الشركة المنجمية بإنشاء المشروع، وأشار عامل الإقليم يومها إلى أنه «فرصة استثمارية من غير المقبول التفريط فيها»، حسب قوله، مؤكدا أن «المشروع الذي تبلغ قيمته المالية 340 مليون درهم، سيوفر 800 منصب شغل على مدى حوالي 30 سنة»، داعيا إلى تعميق «البحث في الشروط والميكانزمات الضامنة لتحقيق المشروع الاستثماري مع صيانة الموروث الثقافي لمنطقة إغرم أوسار». كما سبق أن أشار المدير العام المساعد للشركة المنجمية إلى « أن دراسة المشروع الاستثماري استغرقت أكثر من 10 سنوات، وشملت الجانب التقني والمالي والبيئي، وتم عرضها على الجهات المختصة التي وافقت عليها، حسب قوله»، مبرزا «أن تمويل المشروع حظي بقبول البنك الأوروبي للتنمية « . هذا ويظل ملف المدينة الأثرية «إغرم أوسار» ، مثار اهتمام فعاليات محلية مهتمة، عبرت عن استيائها من «تجاهل» قيمة الموقع من قبل جهات مسؤولة ، رغم نداءات عدد من الباحثين المختصين، بضرورة العمل على حمايته ، محملة الجهات المعنية «كامل المسؤولية» بشأن ما قد يلحق الموقع من «تشويه أو تخريب « .