المرأة توصف بأنها الكائن الضعيف بسبب شعورها الدائم بالخوف من الآخر ومن المستقبل، وأهم نقاط ضعف المرأة الأمومة، وفي حال كانت عقيمة فإن خوفها يكون مضاعفا ويرجع ذلك إلى شعورها بالحرمان من أهم مكونات أنوثتها ومن توجسها من فشل حياتها الزوجية وخشيتها من الوحدة عندما تتقدم في السن. العقم لا يفقد المرأة شعورها بأنوثتها كاملة والطمأنينة في الحياة الزوجية فقط, بل يجعلها تعيش في حلقة مغلقة من عدم التوازن العاطفي والذهني وتكون فريسة سهلة للحزن واليأس والاضطراب وقد تتعمق هذه المعاناة إن صاحبها فشل في الحياة الزوجية وتعاني نظرة قاسية من المجتمع. هذه الوضعية يمكن أن تدفعها أحياناً إلى ارتكاب جريمة لا تشعر بمدى خطورتها إلا بعد القيام بها، كأن تقوم مثلاً باختطاف طفل تنسبه لنفسها، حتى يمنحها ذلك بعض الأمان والاستقرار في حياتها. لكن هذه الحالة من اليأس ليست حكرا على المرأة, بل قد يعاني منها الرجل إن أصيب بالعجز أو العُقم. ولا يكاد يمر يوم دون أن نسمع من وسائل الإعلام أخبارا عن اختطاف مواليد جدد, سواء من المستشفيات أو من الفضاءات العامة، وغالبا ما يكون المتهم في مثل هذه الجريمة إما امرأة عقيمة أو رجلا يسعى للحصول بطريقة غير شرعية على ما لم يرزقه الله به. ونظرا لتزايد مشاكل الإنجاب وتطورها كبقية الأمراض في هذا العصر, سواء بسبب العقم أو غيره من العوائق الصحية, فإن عيادات الطب النفسي باتت أكثر امتلاء بأناس يعانون من أزمات نفسية بسبب عدم الإنجاب. العقم شرارة لكثير من الأضرار، منها: سوء الحالة النفسية أو انهيار الأسرة، وقد يصل الأمر إلى ارتكاب جرائم خطف الأطفال ويؤكد د. محمد ماجد أستاذ علم الاجتماع والمتخصص في أبحاث الجريمة، أن المشاكل الأسرية بسبب عدم الإنجاب تحدث نتيجة وجود عقليات غير سوية تُعاني من قلة الوعي والإيمان، فالاعتراض على إرادة الله ليس من الدين أو الأخلاق، والمشكلة الحقيقية هي الازدواجية ومُمارسة طقوس الدين بحماس كاذب دون التمسك الصادق بأسسه، ما يجعل العُقم شرارة لكثير من الأضرار، منها: سوء الحالة النفسية أو انهيار الأسرة، وقد يصل الأمر إلى ارتكاب جرائم خطف وتجارة الأطفال، خاصة إذا كانت الزوجة هي السبب وتخشى أن يتركها زوجها وتنهار حياتها. وتتفق د.ماجدة حافظ أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس مع ما قيل، وتضيف: الطلاق دائماً هو الحل في أغلب الحالات، فالزوج سريعاً ما يستسلم ويبحث عن امرأة أخرى تحقّق له الأمل المنشود، ويثبت من خلالها رجولته وقُدرته على الإنجاب، وكأن عدم الإنجاب جريمة يود نفيها عن نفسه، ورغم هذا لا يشعر بأي ذنب. الوضع يختلف عندما تكتشف الزوجة أن زوجها هو السبب، وتفكّر ألف مرة قبل أن تطلب الطلاق، ففي ظل النسق الثقافي والاجتماعي الذي نعيشه، صعب على المرأة السعي للحصول على لقب "مُطلقة"، حتى لو كان السبب رغبتها في إشباع غريزة الأمومة، وإذا أصبحت مطلقة فعليها أن تتوقّع وابلاً من الاتهامات اللاذعة، لأنها فشلت ولم تنجح في القيام بدور الزوجة الصبور الأصيلة التي تتحمّل زوجها مهما كان، كما عليها أن تتحمّل نظرات الشك باعتبارها مُطلقة. العادات والتقاليد تفرض على المرأة الشرقية أن تعيش لمجرد أن تكون زوجة وأماً فقط، وإذا تزوجت ولم تنجب تقع المأساة. وتعقّب د.سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس قائلة: تفرض العادات والتقاليد على المرأة الشرقية أن تعيش لمجرد أن تكون زوجة وأماً فقط، وعندما لا تتزوّج الفتاة يصبح الأمر كارثة وتتهم بالعنوسة، وإذا تزوجت ولم تنجب تقع المأساة، لأن ذلك قد يؤدي إلى فشلها في حياتها الزوجية. مما يؤكد رجعية نظرة المجتمع للمرأة، لأنها تظل إنسانا من حقه أن يعيش ويتمتّع بحياته، واستقلاله الاقتصادي وعمله الذي يحبه، ولكن الواقع غير ذلك. من هنا تبدأ سلسلة جرائم خطف الأطفال أو شراء أو سرقة طفل، لأن المرأة تخشى نظرة المجتمع القاسية، وأيضاً موقف الزوج الذي يريد أن يكون له طفل بأي شكل، وعلى ذلك فنحن نواجه مُشكلة مُجتمع وليس مُشكلة امرأة فقط. وتؤكد د.كاميليا شكري عضو الهيئة العليا بحزب الوفد المصري: أن بعض فئات من المجتمع تنظر للمرأة كأم فقط، ولذلك تحدث هذه الجرائم، وإذا كانت المرأة لا تنجب، فيجب أن يكون هناك نوع من الكفالة، ويجب أن يحترم المجتمع الأسر التي تكفل طفلاً. وعن موقف القانون من مُرتكبي مثل هذه الجرائم، يقول د.علاء أبو الفتوح المحامي: المشرع يراعي ظروف كل جريمة على حِدة ومدى أهلية مُرتكبها، لأن هناك ما يُسمى بموانع العقاب، وهذه الموانع قد ترجع إلى فقدان الإنسان للتمييز كالجنون، وكثير من القوانين تنص على أنه لا عقاب لمن يكون فاقداً للشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل، إما لأنه مجنون أو مُصاب بعاهة عقلية، أو يُعاني من غيبوبة إثر تناول عقاقير مُخدرة غصباً عنه أو دون أن يعرف.