حضر آباء وأمهات طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان أمام الكليات، صباح أمس الاثنين 10 يونيو 2019، من أجل الاحتجاج، ووضعوا على أذرعهم الشارات وصدحت حناجرهم بالشعارات، في حين غاب أبناؤهم عن المدرجات وقاطعوا الامتحانات، استجابة للدعوة التي وجهتها التنسيقية الوطنية لطلبة الطب. وعبّر آباء الطلبة وأمهاتهم عن مساندتهم لأطباء الغد من خلال مجموعة من الشعارات التي شجبت وندّدت بالمآل الذي وصل إليه هذا الملف، الذي كان يمكن تفاديه بتغليب لغة الحوار وتدبير تفاصيله بحكمة وحكامة، وفقا لتصريحات عدد منهم ل «الاتحاد الاشتراكي»، خلافا للكيفية التي تمت بها إدارة الأشواط السابقة التي أوصلت الجميع إلى الباب المسدود. وكان طلبة كليات الطب والصيدلة قد شددوا على قرار مقاطعة الامتحانات من خلال تصويتهم على هذه الخطوة في 15 ماي الفارط، مع اتخاذ قرار بتمديد مقاطعة طلبة السنة السابعة للتداريب الاستشفائية بالمستشفيات الجهوية والإقليمية لمدة أسبوعين ابتداء من أمس الاثنين، إلى جانب تثمين قرار اللجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين بمقاطعة حراسة الامتحانات. وتفاعلا مع هذا الموضوع، كان أساتذة كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، قد عقدوا بدورهم جمعا عاما يوم الثلاثاء 4 يونيو، ناقشوا من خلاله تطورات الحركة الاحتجاجية التي يخوضها طلبة كليات الطب والصيدلة وكليتي طب الأسنان، كما تم عرض مخرجات الوساطة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي ووزارة الصحة من جهة، والتنسيقية الوطنية لطلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان من جهة ثانية، بالإضافة إلى نتائج الاجتماع الأخير الذي عقده وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي مع اللجنة الوطنية للوساطة يوم الاثنين 3 يونيو 2019. وبعد تثمينهم لقرار الجمع العام السابق المنعقد يوم 29 ماي الماضي المتمثل في الدعوة إلى تأجيل الامتحانات إلى حين استكمال الشروط البيداغوجية، لأنه لم يتم إتمام الدروس النظرية والأشغال التطبيقية لفائدة الطلبة، فقد قرروا عدم الذهاب إلى الكلية وعدم المشاركة في الامتحانات المقرر تنظيمها ابتداء من 10 يونيو، وبالتالي عدم المشاركة في حراسة هذه الامتحانات. وأكد مصدر من التنسيقية الوطنية ل «الاتحاد الاشتراكي» أن مقاطعة امتحانات الدورة الربيعية العادية قد عرفت نجاحا بلغت نسبته 100 في المئة، في جميع كليات الطب والصيدلة العمومية، بكل من الدارالبيضاء والرباط ومراكش وأكادير ووجدة، مشددا على أن مطالب الطلبة جد مشروعة والملف المطلبي لا يتضمن أية نقطة تعجيزية، ويجب اعتماد الحوار الجاد عوض صدّ الأبواب ومحاولة تطبيق الأمر الواقع، منبها إلى تبعات مثل هذه القرارات التي وصفها بالمتسرعة. بالمقابل أكد عدد من الآباء عن سخطهم لطريقة تدبير هذا الملف رسميا، مستغربين عدم تفاعل الحكومة مع مبادرة المجموعات النيابية، مشددين على أنه لا يمكن اجتياز الامتحانات في الظرف الحالي، ليس فقط بسبب المطالب المرفوعة لوحدها، وإنما بالنظر كذلك إلى مقاطعة الدراسة، منبهين إلى كلفة السنة البيضاء، ومؤكدين أنه في حال عدم إيجاد حلول عملية للإشكال المطروح فإن مصير الدورة الاستدراكية سيكون مماثلا. ودعا عدد من الآباء في تصريحاتهم ل «الاتحاد الاشتراكي»إلى تغليب المصلحة العامة، وتوفير السبل التي من شأنها أن تساعد على فتح مساحة زمنية لاستدراك ما فات على مستوى الدراسة، يساعد خلالها الأساتذة الطلبة، حتى يتسنى اجتياز الامتحانات مستقبلا. وجدير بالذكر أن المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين كان قد تأسف من مآل هذا الملف الذي وصل، على حدّ تعبيره، إلى حدّ شد الحبل بين ممثلي الطلاب والحكومة، من خلال الإعلان عن الاستمرار في الإضراب ومقاطعة الامتحانات التي برمجتها مجالس الكليات ابتداء من أمس الاثنين، وأعرب عن تفهمه لقلق واستياء الأساتذة والآباء والأمهات والوسطاء من المسار الذي اتخذه هذا الملف، مع توجيهه تحية تقدير لكل من ساهم في محاولات إيجاد حلول لهاته الأزمة، مستعرضا في نفس الوقت الخلاصات التي تم التوصل إليها المتمثلة في قبول الوزيرين باسم الحكومة توقيع بلاغ مشترك توقعه كل الأطراف، متضمن لالتزامات القطاعين، الخاصة بكل نقطة من نقط الملف المطلبي بما فيها النقطة الخلافية المتمثلة في الإقامة، حسب جدولة واضحة المساطر والآجال، وناشد الطلاب بقبول العرض الحكومي، الذي اعتبره من ثمرات نضالهم من جهة، ونوّه بتجاوب الوزيرين مع الوساطات المتعددة من جهة أخرى، مع استئناف الحوار المسؤول والجاد مباشرة بعد فترة الامتحانات بمساهمة كل الأطراف، إضافة إلى دعوة الوزيرين إلى عدم إغلاق باب الحوار إلى آخر لحظة قبل تاريخ الامتحانات، وأعرب عن أسفه لفشل الاتصالات، التي تمت طيلة هاته المرحلة وآخرها أيام الجمعة والسبت والأحد في بلوغ اتفاق يتم من خلاله استئناف الحياة العادية بهاته المؤسسات، انطلاقا من يوم الاثنين 10 يونيو، مع تأجيل دورة الامتحان إلى تاريخ لاحق، تصادق عليه مجالس المؤسسات، مع التزام الوزارتين بإيجاد حلول متوافق عليها لكل عناصر الملف المطلبي دون سقف مسبق . وكانت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الصحة قد أكّدتا من خلال بلاغ صحفي، رفضه آباء وأمهات الطلبة من خلال بلاغ مماثل، أن الامتحانات ستجرى وفق البرمجة الزمنية التي صادقت عليها الهياكل الجامعية لكليات الطب والصيدلة والأسنان، أي ابتداء من أمس الاثنين، وتجاهلتا دعوة الفرق البرلمانية، المنتمية إلى الأغلبية والمعارضة، التي اقترحت حلولا وسطية تقضي ب»توضيح وتوثيق وترسيم الاتفاق حول النقط المحسومة والاتفاق على مواصلة الحوار حول النقط العالقة»، وفي حال حصول هذا الاتفاق «تحديد موعد جديد معقول لإجراء الامتحانات بما يرصد المكتسبات ويفتح آفاقا جديدة ويبعد شبح هدر سنة من العمل الدؤوب».