يتسم أغلب لاعبي كرة القدم بالمحمدية بالذكاء وبالتقنيات الكروية الملفتة، ويلعبون بمستويات مختلفة، ومنهم المتألقون الذين يفرضون أنفسهم كلاعبين متميزين، ولا يوجد شك بأنهم يتمتعون بجودة عالية في اللعب، لذلك تتم مراقبتهم باستمرار من طرف عيون المسؤولين التقنيين عن المنتخبات الوطنية بكل فئاتها … المحمدية كمنبع لا ينضب لإنتاج اللاعبين المهاريين بمستويات تبهر المتتبعين، لم تبخل يوما في تزويد المنتخبات والأندية الوطنية بلاعبين ذاع صيتهم في الملاعب وطنيا، إفريقيا وعالميا، وعلى مدار عقود من الزمن … في هذا الشهر المبارك ننشر كل يوم على صفحات فسحة رمضان بجريدة الاتحاد الاشتراكي حلقات من تاريخ مشاركة لاعبين دوليين من أبناء المحمدية في المنتخبات الوطنية… عبد الفتاح الخطاري، اللاعب المكافح والإنسان الطيب، تربى في أحضان الأزقة الضيقة بحي شانطي جموع بالعالية، المحمدية، كبر وترعرع وسط الأحياء الشعبية التي يعيش أبناؤها كأسرة واحدة، يجمعهم الحب ومساعدة بعضهم البعض في الأفراح والأحزان، وتراهم يقفون كعائلات متراصة دائمة الحضور في النجاحات وفي الإخفاقات أيضا ..استطاع هذا الفتى القوي الشخصية أن يرسم لنفسه طريقا معبدة نحو المجد في ميدان كرة القدم، وأن يتتبع، دون كلل ولا ملل، خطوات النجاح والتألق. من مواليد 3 مارس 1977 بالمحمدية وسط أسرة متعددة الأفراد، أب وأم وسبعة إخوة، الطول 1،70 الوزن عندما كان لاعبا 70كلغ وبعد اعتزاله أصبح وزنه حاليا (95)كلغ، الحذاء الرياضي (41) متزوج وينتظر طفله الأول، قلب هجوم مع اللعب على الأجنحة عندما يوظفه المدرب للعب بهذا المركز. كانت انطلاقته بحي شانطي جموع بالعالية مع مداعبة الكرة وتعلم أبجدياتها الأولى والتعرف أكثر على تقنياتها وأسرارها، وكان بارعا، حسب قوله، في صنع كرات من الجوارب البالية واللعب بها، مؤكدا أن كرة مصنوعة بهذة الطريقة لها نكهة خاصة، فأي مبتدئ يتعلم بها كل أصناف الألعاب الكروية، كالاحتفاظ بالكرة وتمريرها بدقة ومراوغة المنافسين، ويأتي الدور على (التينيسة) لتعلم الضربات الرأسية وتلقي التمريرات الجانبية، وعندما اختمر تعلقه وعشقه لكرة القدم، انضم لفريق حي شانطي جموع الذي كان يشارك في دوريات الأحياء بقيادة «حفيظ درب رياض «وذلك قبل تلبية دعوة (الخويل)، رئيس ومدرب فريق الحسنية، الذي يشارك بدوره في بطولة فرق الأحياء بالمحمدية، وفي سنة 1992 جلبه مكتشفو المواهب بفريق اتحاد المحمدية إلى الأقسام الصغرى للفريق، وانضم للصغار ثم الشبان بقيادة المدربين عباس وحميد الداودي وبعد نضجه الكروي وتألقه مع الفئات السنية، اختاره المدرب محمد الدلاحي (كلاوة) ضمن مجموعة كبار الفريق، وكان ذلك سنة1995، واستطاع الخطاري حجز مكانه الرسمي في التشكيل الأول ولعب أدوار مهمة وسط الفريق نظرا للشخصية القوية التي يتمتع بها، وتألق بشكل كبير مما جعل الأندية الوطنية تهتم به وتطلب وده وتسعى لجلبه للعب بصفوفها، واستمر مع كبارالفريق حتى سنة 1999، وتمت إعارته لشباب المحمدية لمدة سنة 2000/99، وفي العام الموالي نجح فريق المغرب الفاسي في شراء عقده من الاتحاد وانضم بذلك لفريق المغرب الفاسي ولعب له موسمين2002/2000، (وتعتبر صفقة شراء عقد الخطاري من اتحاد المحمدية إلى المغرب الفاسي الأغلى في ذلك الوقت ..). بعد المغرب الفاسي نجح الوداد في ضمه لصفوفه ولعب له موسمين 2004/2002 وقدم مع الوداد مستويات جيدة وتألق في مباريات كثيرة، ونظرا لتوفر الوداد على الفائض من اللاعبين أعاره لشباب المحمدية، وفي سنة 2005 انتقل للخليج العربي ولعب على التوالي للبحرين البحريني، ثم ظفار العُماني حتى سنة 2008 حيث رجع للمغرب ولعب لاتحاد اتواركة، نهضة سطات، اتحاد المحمدية واعتزل اللعب نهائيا سنة 2011 وعمره 34 سنة. من المؤكد أن مسار عبد الفتاح الخطاري كان غنيا بالعطاء والتنوع تنوع الأندية التي لعب لها والمدربين الذين تدرب على أيديهم طيلة مسيرته، مما جعله يكسب الخبرة وتقنيات التدريب ويساعده على الاطلاع والنهل المعرفي في هذا الميدان الذي يطمح لأن يكمل فيه طريقه بعد اعتزال اللعب … حصل على دبلوم (c)من مشاركته في تداريب نظمتها جامعة كرة القدم للاعبين الدوليين، وهكذا بدأ عمله كمدرب مساعد لمحمد نجمي في فريق اتحاد المحمدية ثم مساعدا للجعواني في نفس الفريق، وعلى التوالي:كوار، قصاب بوجمعة لاعب الوداد سابقا والمدرب حاليا، الحريري، كمدرب مساعد لهم، وعندما سقط الاتحاد للقسم الوطني الثاني هواة، كان مدربه الرسمي وحقق معه إنجاز الصعود إلى القسم الأول هواة من جديد.. المنتخبات الوطنية:- بدأ المشوار مع منتخب عصبة الدارالبيضاء الكبرى، وهي من أكبر العصب على الصعيد الوطني من ناحية الممارسين لكرة القدم، وكان ذلك سنة 1994.- المنتخب الأولمبي سنة 1999، وتأهل معه للألعاب الأولمبية (سيدني2000)وكان يلعب في التشكيلة الرسمية وتوج هدافا للإقصائيات ولعب (24)مباراة رسمية وإعدادية، وفي سنة2000بعد الرجوع من سيدني نودي عليه للمنتخب الأول، ولعب له تحت قيادة هنري ميشيل، ثم هنري كاسبارجاك، وبعدهما كويلهو البرتغالي والمرحوم مديح، وعدد مبارياته الدولية مع منتخب الكبار(14) ولم يتذكر عدد الأهداف التي سجلها . ورغم أن عبد الفتاح الخطاري لعب في مستويات دولية ومع أندية كبيرة ،وبصمته في المنتخبات والأندية الوطنية مسجلة ماركة»الخطاري» إلا أنه لم يخرج من كل هذه السنوات التي لعب فيها كرة القدم بالحصاد المنتظر، وخاصة، عمل قار يضمن له مسيرة موفقة وهادئة طيلة ما تبقى من العمر وبالتالي يضمن لأسرته ولأبنائه الاستقرار المادي والمعيشي، وهو يضاف إلى كل اللاعبين الذين لم تنصفهم الكرة ومحيطها، وعندما استفسرته عن وضعه الاجتماعي قال:»الحمد لله مستورين رغم محن ومتاعب الحياة،عندي «كريمة» طاكسي صغير تدر علي1400درهم شهريا، ورغم أن هذا المبلغ قار، فإنه غير كاف لتغطية المصاريف الحياتية الباهظة، وعندما اشتغل مدربا كانعاون شويا بأجر المدرب، الحمد لله على كل حال…». نتمنى صادقين لعبد الفتاح الخطاري ولكل الرياضيين المغاربة المتضررين اجتماعيا، أن يفرج الله كربتهم وأن يجدوا آذانا صاغية تهتم بأوضاعهم وتصلح اختلالاتها قبل فوات الأوان.