إذا أردنا أن نتحدث عن سنة 2014 من زاوية اهتمامنا فسنتطرق إلى 3 مواضيع بشكل مختصر، أولها موضوع السمنة، إذ لاحظنا بأن هاته السنة عرفت ارتفاعا في نسبة التحسيس والتوعية بمخاطرها ومضاعفاتها وزيادة الاهتمام بها، هذا المرض الذي له تبعات صحية عضوية وأخرى نفسية، إضافة إلى تبعات اقتصادية واجتماعية بالنظر إلى ثقل كلفته المادية ووقعه المرتفع، إذ تبلغ قيمة الخسارة المالية 24 مليار درهم، بفعل كلفة العلاجات التي تهمّ الأمراض المرتبطة بالسمنة كالسكري، الضغط الدموي، أمراض القلب والشرايين، الجلطة الدماغية ... الخ، وهو ما يمثل نسبة 2.8 بالمئة من الناتج الداخلي الخام للبلاد، حسب الدراسات التي أجريت في هذا الصدد، مما يؤكد أن السمنة أضحت من أخطر المشاكل الاجتماعية في العديد من الدول والتي تؤثر سلبا على إنتاجية الفرد التي تنخفض بسبب الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية والجسدية المرتبطة بالبدانة، أخذا بعين الاعتبار أن حوالي ثلث المغاربة هم يعانون إما من سمنة مرضية مفرطة والذين يقدر عددهم بحوالي 3 ملايين ونصف مغربي ومغربية أغلبهم يتراوح سنه ما بين 45 و 59 سنة، أو من الوزن الزائد الذي يعاني منه قرابة 10 ملايين شخص، 60 في المئة هم من النساء. وإن نحن أردنا أن نسرد مثالا على تأثير السمنة، فلن نجد أحسن من معاذ الشاب الذي وصل وزنه إلى 200 كيلوغرام فسدّت الآفاق في وجهه، وفقد الأمل في الحياة حتى، لكن وبفضل الله، ونتيجة للمتابعة الطبية ، فقد أمكن تقليص وزنه إلى النصف، وهو اليوم يخضع للعلاج ويتحسن من يوم لآخر، وبالتالي أضحى ينظر إلى الحياة بمنظور آخر، ليس هو الذي كان لديه قبل شهور من اليوم. وفي هذا الصدد نتمنى ونحن نودع سنة 2014، أن نتوفر في سنة 2015 على برنامج وطني للسمنة، وأن يكون اهتمام كل القطاعات الوزارية وغيرها من المتدخلين جماعيا بهذا المرض. الموضوع الثاني الذي عرف بدوره ارتفاعا في نسبة الوعي في التعاطي معه خلال سنة 2014 ، هو موضوع التجميل، الذي لم يعد ترفا أو نوعا من الكماليات، بل أضحى ضرورة علاجية، من أجل تقويم عدد من الاختلالات الجسمانية، إن بفعل الحروق، والتشوهات، أو الحوادث، أو نتيجة لتبعات السمنة، وغيرها من الضرورات التي تفرض نفسها يوما عن يوم، أو لكون معيار الجمال والرشاقة البدنية أصبح كذلك معيارا حاسما حتى بالنسبة لولوج مناصب العمل في سوق الشغل مما يدفع بالعديد من الأشخاص إلى استحضار هذا المعطى ومحاولة إزالة عقبته. إقبال وارتفاع في الطلب يفرض علينا كأطباء بالمقابل أن نحذر من المغامرة بزرع مواد في الجسم قد تضر بالصحة وتنطوي على مخاطر عدة، لذلك وجب أن تكون وجهة الراغب في الخضوع لعملية التجميل واضحة، فكل شخص هو مدعو لطرق أبواب المتخصصين في المجال وولوج مؤسسات تتوفر على الكفاءات البشرية والمعدات العلمية والتقنية الكفيلة بالرفع من نسب الضمانات المرجوة وتفادي أية اختلالات محتملة بنسب أكبر. أما بالنسبة للنقطة الأخيرة فتتعلق بموضوع السياحة الطبية، فسنة 2014 شهدت استقبال المغرب ومؤسساته الصحية لأعداد مهمة من الأجانب الذين جاؤوا من أجل غايات مجتمعة في غاية واحدة، صحية وسياحية في ذات الوقت، شجعتهم على ذلك الكفاءات المهنية للأطباء المغاربة، والكلفة المادية المنخفضة للعلاج مقارنة بدول أخرى، وبالتالي على الدولة أن تتعامل مع هذا الموضوع بالجدية المطلوبة، فالمغرب هو وجهة سياحية بفعل مؤهلاته الجغرافية الطبيعية منها والإنسانية، لكونه بلد التسامح والتعايش وحسن الضيافة والكرم، لكنّ للجانب الصحي حضورا وازنا في هذه المعادلة، وهو ما يجب تطويره بالنظر إلى العائدات المالية المهمة التي يمكن لبلادنا أن تجنيها من هذا المورد.