رمضان شهر الصيام والصحة على حدّ سواء، وإذا كان مسموحا للبعض بالإمساك عن الأكل والشرب، لما لهذه الخطوة من «عائدات» إيجابية على صحة الفرد، فإن أشخاصا آخرين يشقّ عليهم الأمر، ويحظر عليهم الصيام خشية تبعات صحية وخيمة قد ترخي بظلالها عليهم، علما بأن هناك من يمتثل لتوجيهات الأطباء، في حين يأبى البعض الآخر إلا أن يخالفها وأن يصوم شهره كاملا مهما كانت التداعيات. خلال هذا الشهر الفضيل تُطرح العديد من الأسئلة المرتبطة بالصيام، جزء منها يخص الحالات التي يمكن للأطباء فيها السماح للأشخاص بالقيام بذلك، وشقّ يتعلق بموانع الصيام الصحية، وبالإجراءات والنصائح التي يتعين اتباعها والتقيّد بها. أسئلة تؤرق بال الكثيرين، بالنسبة للحوامل، لمرضى السكري والضغط الدموي، والقصور الكلوي، وغيرها من الأمراض المزمنة… وأسئلة أخرى تخص التغذية والجانب النفسي. تلتقون خلال هذا الشهر الفضيل مع سلسلة من الحوارات التي يتحدث عبرها عدد من الأطباء العامين والمتخصصين، كل في مجاله، مجيبين عن الأسئلة التي تطفو على السطح كلما حلّ الشهر الكريم بين ظهرانينا، وذلك إسهاما في نشر ثقافة صحية سليمة وفي تحقيق توعية شاملة انسجاما مع الغاية المثلى لهذا الشهر المبارك.
– ما هو النوم وهل هناك معدل يجب التقيد به على مستوى ساعاته؟ – إن النوم الذي يمكن أن يوصف بكونه عاديا هو الذي يضمن للشخص قسطا من الراحة خلال مدة معينة ليلا، فيستفيق بعدها وهو يحس بأنه حقق حاجته الطبيعية في هذا الصدد. هذه المدة تختلف ساعاتها من شخص لآخر، إذ أن المعدل المتداول المحدد في ثماني ساعات هو لا يسري على الجميع، لأن هناك من يحقق كفايته في النوم خلال 5 ساعات في حين أن هناك أشخاصا آخرين يجب أن يناموا لثماني ساعات أو تسعة، وبالتالي فعدد ساعات النوم الضرورية هي تختلف من شخص لآخر، اعتمادا على عامل السن، على اعتبار أن الأشخاص المتقدمين في السن ينامون مدة أقل، وكذلك بحسب النشاط الذي تمت ممارسته خلال النهار، بالنظر إلى أن مجموعة من الهرمونات هي التي تؤدي طبيعيا إلى النوم، ومنها هرمون رائع هو الميلاتونين، الذي يتم إفرازه بشكل طبيعي وجيد، إذا ما قضى الشخص يومه عاديا، تحت أشعة الشمس والضوء، وتميز نهاره بالحركة، مما يؤثر إيجابا على عملية الفرز ومن خلالها على النوم الذي يعالج عددا من الاختلالات الأخرى. إن النوم كتركيبة هو يمر من عدد من المراحل، التي تكون بمثابة مقدمة ممهدة له، كارتداء ملابس النوم، غسل الأسنان، إغلاق ستائر الغرفة، إطفاء المصابيح، وغيرها من الطقوس الليلية التي تعدّ الجسم للنوم الذي يمر بدورة تتكون من مراحل يكون فيها ما بين الخفيف جدا والخفيف، ثم العميق، فالعميق جدا وصولا إلى مرحلة نهائية التي تعرف ظهور الأحلام، وترتيب الدماغ لعدد من الأولويات انطلاقا مما عاشه الشخص في النهار، وبناء على ما سبق نستنتج على أن النوم ضروري للإنسان. – هذه الضرورة في أي خانة يمكن تصنيفها؟ – إن النوم جد ضروري وبالغ الأهمية لدرجة أنه يأتي في المرتبة الثالثة في سلم الأولويات بالنسبة للإنسان، بعد كل من التنفس الذي يتصدر القائمة متبوعا بشرب الماء، في حين يليه الأكل في المرتبة الرابعة، لأن الجسم يتأثر بقلة النوم أكثر من الأكل، علما بأن كل ما أسلفناه هو ضروري ولا يمكن فصل الواحد عن الآخر. – كيف يمكن تشخيص اختلالات النوم؟ – إن تبعات وتأثير النوم غير الجيد على الشخص تتبين خلال اليوم الموالي الذي يعرف حركية ضعيفة ونشاطا أقل مع حضور التعب، وهي بأجمعها علامات تدل على عدم الاستفادة من النوم كفاية، كما أن هناك العديد من الوسائل والآليات لقياس هذا الأمر، فضلا عن طرق علمية وأسئلة تساعد على الوقوف على معاناة الشخص من اختلالات على مستوى النوم من عدمه. وهنا يجب التنبيه إلى أن الحرارة المفرطة تعد من العوامل التي تؤثر على جودة النوم، إلى جانب القيام بتمارين رياضية كبيرة قبل التوجه إلى السرير، وتناول المأكولات التي يتطلب هضمها مجهودا كبيرا. – ما هي النصائح التي يمكنكم تقديمها في هذا الصدد للصائمين؟ – إن أغلب الأشخاص يقلّصون المدة الزمنية للنوم ليلا خلال شهر رمضان، وهو ما يؤثر عليهم خلال النهار وتكون لذلك انعكاسات وتداعيات مختلفة، وإذا كان يوصى بعدم الإكثار من اللحوم الحمراء على مستوى التغذية وتفادي المنبهات كالشاي والبن التي تؤدي إلى اضطرابات في النوم فيجب تنظيم عملية النوم ليلا بالخلود إليه حوالي الساعة 11 ليلا على أقصى تقدير من اجل منح الجسم راحة لمدة مناسبة، وخلال النهار إذا أحس الصائم بتراجع منسوب الانتباه عنده والتركيز، فإنه من المفيد أن يغفو قليلا، حتى يسمح باستكمال الدورة الطبيعية للنوم ومراحلها التي تكلمنا عنها، لأنه متى استيقظ الشخص فإنه يفتح عينيه عند إحدى تلك المراحل ويظل الجسم في وضعية انتظار من اجل إتمام الدورة الطبيعية للنوم. إن أغلب الأشخاص خلال شهر رمضان لا ينظمون وبكل أسف وقتهم، ويسهرون ليلا بشكل غير طبيعي وفي أغلب الأحيان بكيفية غير ضرورية، وهو ما يؤثر على نومهم وينعكس سلبا على مردوديتهم وعلى صحتهم، فالجسم ينتفع بالتغذية لكن قبلها بالنوم الذي يعد أكثر أهمية.