ملف التقاعد أبعد ما يكون عن محطة «الاصلاح التوافقي» على الرغم من الكلام المكرر الذي لوكته الحكومة منذ مجيئها حول إصلاح أنظمة التقاعد ، فإن هذا الملف الشائك ما زال» يتجرجر» دون أن يصل إلى أي سيناريو نهائي وشمولي للإصلاح. الحكومة التي قالت على لسان وزيرها في الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد إن « سنة 2014 ستكون سنة إصلاح التقاعد « أخلفت وعدها مرة أخرى بعدما لجأت إلى الاصلاح الترقيعي حيث أثار مشروعها القاضي برفع سن الإحالة على التقاعد إلى 65 سنة بدل 60 سنة المعمول به حاليا، موجة غضب عارم في صفوف الموظفين والنقابات التي أصدرت بيانات تندد بالقرار وتصفه بالمتحايل، وهو ما ينذر بدخول الملف في 2015 في دوامة التجاذبات بين الحكومة والنقابات. وبينما تقوم وصفة الحكومة الخاصة بإصلاح الصندوق المغربي التقاعد على الرفع من سن الإحالة على المعاش على مرحلتين، من 60 سنة إلى 62 سنة ابتداء من شهر يوليوز 2015، ثم إلى 65 سنة بحلول 2021، إضافة إلى الرفع من مساهمة الموظفين في الصندوق من 20 في المئة إلى 28 في المئة دفعة واحدة، ثم مراجعة طريقة احتساب الأجور، باعتماد معدل الأجر خلال السنوات العشر الأخيرة قبل الإحالة على التقاعد، بدل احتساب آخر أجر. ترفض النقابات هذا التناول الترقيعي لاصلاح التقاعد وتطالب بمقاربة شاملة للملف تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي كأولوية في أي سيناريو مقترح. وهو ما تبين خلال أخر اجتماع عقدته الحكومة مع المركزيات النقابية في إطار اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد ، إذ تمسكت النقابات برفضها القاطع لمناقشة هذا الموضوع بمعزل عن الملف المطلبي برمته. وترى النقابات أن إصلاح التقاعد يمر حتما عبر اعتماد سيناريو يشمل قطبي القطاع الخاص والقطاع العام مع التدعيم بنظام تكميلي متوازن لكلا القطبين ، كما أنها تشترط تدبير المرحلة الانتقالية بشكل تدريجي قبل المرور إلى مرحلة القطبين. وهو ما يعني أن الملف في ظل هذا التجاذب مازال أبعد ما يكون عن محطة الوصول الى قرار إصلاح شمولي يحظى بالتوافق بين جميع الأطراف. أسعار الغازوال تحت رحمة السوق الدولي للنفط ستعمد الحكومة بداية من 2015 الى رفع الدعم نهائيا عن «الغازوال» بعد رفعه جزئيا منذ سنتين، حيث انتقل حجم الدعم من 2.50 درهم إلى 80 سنتيما في كل لتر منذ شهر أكتوبر الماضي، ليرتفع سعره بحوالي 37.55 في المائة وهو ما سيجعل أسعار هذه المادة الرئيسية في الاستهلاك الوطني تحت رحمة تقلبات السوق الدولية. هذا القرار غير المسبوق سينعكس بشكل واضح على أسعار الغازوال في السوق الوطني ، ستكون له أثار وخيمة على القدرة الشرائية للمستهلكين ، وإن كان ذلك ليس بشكل فوري بالنظر الى تراجع سعر النفط في السوق الدولي ، غير أنه في حالة عودة هذا الاخير الى الارتفاع، وهو أمر وارد في أية لحظة بسبب التقلبات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، فإن المغاربة سيكتوون بأسعار الغازوال كلما ارتفع سعرها في الخارج. مجهود الحكومة التي تفتخر بتمكنها من تقليص نفقات المقاصة من 55 مليار درهم سنة 2012 إلى 34 درهم في 2014 تنحصر في قرارها رفع الدعم عن المواد الأساسية دون تفعيل ما وعدت به من إجراءات للتخفيف من الانعكاسات السلبية المباشرة على القدرة الشرائية للمواطنين ، مع تبخر وعود الدعم المباشر للفقراء ..وهو ما يعني مزيدا من الضغط على الطلب الداخلي الذي تأثر كثيرا جراء الزيادات المتكررة في أسعار المحروقات، وما صاحبها من زيادات شملت جميع مناحي الاستهلاك, ولولا الظرفية الدولية التي ساهمت في انخفاض أسعار البترول في الأسواق العالمية لكانت هذه الانعكاسات كارثية على المواطنين، غير أن لا شئ يضمن مستقبلا استمرار الأسعار الدولية للبترول في منحاها التراجعي. إن الانخفاضات الأخيرة التي شهدتها أسعار المحروقات في المغرب تعود بالأساس إلى تراجع أسعار النفط في السوق الدولي ، والتي هوت بنحو 25 في المائة منذ يونيو الماضي ليهبط سعر خام برنت المستخرج من بحر الشمال إلى نحو 87 دولارا للبرميل، متأثرا بوفرة إمدادات المعروض وضعف الطلب، الأمر الذي ساعد على امتلاء المخزونات في أنحاء العالم. ولا فضل للحكومة في إقرار الأسعار الجديدة التي تبقى مع ذلك تحت رحمة السوق الدولي ، علما بأن أسواق النفط حساسة جدا وهشة للغاية، وأي خلل بالعرض سيؤثر مباشرة على الأسعار كما حدث في أزمات الشرق الأوسط منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي. شبح البطالة يخيم على المغاربة في 2015 في ظل عجز الحكومة عن تحقيق معدل نمو حقيقي يسمح بخلق فرص الشغل فإن شبح البطالة خلال العام القادم سيخيم على مزيد من الأسر ، وسيستمر في منحاه التصاعدي الذي تسارع بفعل تراجع وتيرة النمو في ظل الحكومة الملتحية ، حيث ارتفع معدل البطالة بالمغرب بأزيد من نصف نقطة خلال عام واحد بعدما وصل عدد العاطلين إلى 1.140.000 شخص، كما التحق 64 ألف عاطل جديد بطابور البطالة خلال الفترة ما بين الفصل الثالث من سنة 2013 ونفس الفصل من سنة 2014 حسبما كشفت عنه بيانات إحصائية أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط. وعلى الرغم من أن القطاعين الثانوي والثالثي شهدا إحداث 133 ألف منصب شغل، غير أن قطاع الفلاحة والغابة والصيد فقد 75 ألف منصب شغل ليرتفع بذلك معدل البطالة وطنيا من 9,1 بالمائة إلى 9,6 بالمائة وتشهد المدن المغربية ارتفاعا في عدد العاطلين أدى الى استفحال معدل البطالة بها لينتقل من 14 بالمائة إلى 14,5 بالمائة، ولم تسلم البوادي من هذه الموجة إذ شهدت هي الأخرى ارتفاعا في معدل البطالة بين ساكنتها، منتقلا من 3,7 بالمائة إلى 4,1 بالمائة . ويضرب وباء البطالة بالخصوص أوساط الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة حيث انتقل من 19,1 بالمائة إلى 20,6 بالمائة وزاد تفشيا بين صفوف حاملي الشهادات ليرتفع من 16,5 بالمائة إلى 16,8 بالمائة. الضرائب تهدد برفع تكاليف المعيشة في 2015 مع بداية تفعيل القانون المالي 2015 ستتعرف أسعار العديد من المواد الاستهلاكية زيادة مباشرة. وذلك بسبب رفع الحكومة للضريبة على القيمة المضافة لمجموعة من المنتجات بدءا بالمشروب الشعبي الأول للمغاربة : »الشاي« الذي سترتفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة الخاصة به من 14 في المائة إلى 20 في المائة، فيما قررت الحكومة مضاعفة الضريبة على القيمة المضافة لسعر الأرز من 10 في المائة إلى 20 في المائة. ونفس الزيادة اعتمدتها بخصوص المعجنات. وفي غضون العام القادم ستشهد تذاكر الاوطوروت زيادة ملحوظة بعدما تقرر الرفع من الضريبة على القيمة المضافة لاستعمال الطرق السيارة من 10 في المائة الى 20 في المائة، وهو ما يعني أن تركيبة أسعار النقل داخل الطرق السيارة ستشهد زيادة مباشرة مع مطلع العام القادم ، مع ما يعنيه ارتفاع كلفة نقل البضائع من انعكاس على أسعار كل المواد المنقولة.. ولم تسلم من موجة الإنزال الضريبي الذي خرجت به الحكومة في قانونها المالي 2015، القروض الموجهة للسكن الاقتصادي، والتي ظلت معفية من الضريبة على القيمة المضافة لسنوات طويلة، حيث قررت الحكومة تضريب هذا النوع من القروض بداية من يناير القادم. مسلسل الانزال الضريبي الذي سيستمر في 2015 والذي نهجته الحكومة منذ تسلمها مقاليد التسيير، كان بالاضافة الى قرارات رفع الدعم سببا في في ارتفاع تكاليف المعيشة وهو ما أكدته جميع الإحصائيات الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط .. ففي ظرف سنة واحدة، وبالضبط منذ نونبر 2013 إلى نونبر 2014، ارتفع المؤشر العام لأسعار الاستهلاك ب1.2 نقطة، وذلك نتيجة لارتفاع أسعار السكن والماء والكهرباء والمحروقات بمعدل 4.4 في المائة. كما شمل ارتفاع الأسعار قطاع النقل الذي عرف زيادة بمعدل 2.5 في المائة، وارتفعت تكاليف التعليم ب3.2 في المائة كما ارتفعت أسعار الملابس والأحذية ب1.3 في المائة . ولم يسلم من موجة الزيادة في الأسعار قطاع المطاعم والفنادق الذي عرف ارتفاعا ب 1.9 في المائة، كما أن مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية، عرف خلال سنة واحدة ارتفاعا ب %1,1 مع ما تعنيه كل نقطة تضخم من أعباء على المستهلكين. الحكومة مقبلة على اقتراض 2.8 مليار دولار في العام القادم كشفت الحكومة مرة أخرى من خلال قانون المالية 2015 أن شهيتها للديون مازالت مفتوحة على آخرها،?حيث تعتزم الاستمرار في الضغط على المديونية لحل مشاكل عجز الميزانية، على الرغم من أن نسبة الدين العمومي من الناتج الداخلي الخام قد فاقت عتبة 70 في المائة مع ما يعنيه ذلك من رهن لمستقبل البلاد وقراراتها السيادية لدى الأبناك والمؤسسات الدولية المانحة. فقد برمجت الحكومة ضمن ميزانية العام القادم اقتراض مبلغ إجمالي يعادل 2.8 مليار دولار،?أي ما يفوق 24 مليار درهم. وبفعل هذه السياسة الحكومية المفرطة في الاستدانة، بات المغرب ينفق على ديونه أكثر مما ينفقه على استثماراته في جميع القطاعات ، حيث من المقرر أن تصل نفقات الدين العمومي في العام المقبل إلى أزيد من 68 مليار درهم،?بينما لن يتعدى مجموع ما ستنفقه الدولة على الاستثمارات?54 مليار درهم ، وهو ما يعني أن الديون باتت تبتلع ما يناهز ربع ميزانية البلاد 22 في المائة في الوقت الذي تمثل فيه الاستثمارات العمومية سوى 17 في المائة من هذه الميزانية. ويذكر أن حاجة الخزينة إلى التمويل ارتفعت عند متم أكتوبر الماضي إلى 46.3 مليار درهم وذلك نتيجة عجز مالي بلغ 42.8 مليار درهم ورغم أن هذا العجز كان أدنى من 46.7 مليار درهم المسجلة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، أي بتراجع ناهز 3.9 مليار درهم، إلا أن الخزينة اضطرت مع ذلك إلى سحب 38.5 مليار درهم من القروض الداخلية و 7.8 مليار درهم من القروض الخارجية لسد هذا العجز.أي أن الحكومة الحكومة اقترضت 46.3 مليار درهم في 10 أشهر.