استغرق النقاش حول منظومة إصلاح القضاء عدة سنوات بدءا من تولية حقيبة وزارة العدل لوزير سياسي في ظل حكومة التناوب التوافقي التي يترأسها الأستاد عبد الرحمان اليوسفي بوصفه الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أنذاك سنة 1998 خلافا لما كان عليه الأمر مند استقلال المغرب سنة 1955 حيث كانت وزارة العدل ضمن وزارة السيادة كالداخلية و الأوقاف لا تسند لوزير سياسي, و كذلك الشأن بالنسبة لوزارة الخارجية إلا في حالات استثنائية , أما الأوقاف فمازالت تحتفظ بالطابع السيادي إلى يومنا هذا و لم تتضمن دساتير المملكة الجهاز القضائي كسلطة كما هو الشأن بالنسبة للسلطة التشريعية و التنفيذية, تم التنصيص على فصل السلطة التشريعية و التنفيذية و القضاء بدون سلطة ابتداء من دستور 1963 إلى دستور 2011 الذي أضفى على القضاء سلطة مستقلة عن سلطتي التشريع و التنفيذ, الشيء الذي يدل على أن السياسات المنتهجة في البلاد أزيد من نصف قرن لا تولي القضاء المكانة التي يستحقها و تليق به, بل تريد منه الحكومات المتتالية على الحكم طيلة هذه الفترة جهازا يخضع للتعليمات و مصادرة القانون لفائدتها, لا سيما في القضايا ذات الطابع السياسي أو النقابي أو الحقوقي. و بصفه عامة القضايا المتعلقة بحرية التعبير و الكرامة و حقوق المواطن , ومن الطبيعي أن يبقى القضاء على هذا الوضع رغم التنصيص في دستور 2011 على انه سلطة مستقلة, لكن لا يحظى بمكانته و باستقلاليته و نزاهته إلا في الدولة العادلة والديمقراطية و لا يستقيم في ظل الاستبداد و الظلم و الانحراف و الفساد خلافا للدين الإسلامي الذي أولى القضاء مكانة سامية لأنه هو الذي يبين الحكم الشرعي و الإلزام به , و الشريعة الإسلامية تشترط من تولاه شروطا لا يشترطها على جميع الوظائف و لا يتولاه من طلبه لقول شيخ الإسلام ابن تيمية ( و الواجب اتخاذ القضاء دينا و قربة فإنهما من اقرب المقربات و إنما فسد حال الأكثر بطلب الرئاسة و المال ) .وهكذا كما سبق ذكره, فإن منظومة إصلاح القضاء انطلق بعد تولية الوزير الاتحادي المرحوم بوزوبع حقيبة وزارة العدل و تمحور الإصلاح حول التخليق و التحديث و التطوير و التأهيل و تم الشروع في إصدار ترسانة قانونية متطورة مسايرة لتطورات العصر و متطلباته إلا أن هناك مجالات أخرى لم يشملها التغيير أو التعديل, مع العلم أن الوقت قد حان لتنظيمها من جديد لما لها من مصلحة في النمو و التنمية و الحد من الخصومات في شأنها و يتعلق الأمر مثلا بالنظام القانوني المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية حول أراضي الجموع و التي تشكل أكثر من 70في المائة من المساحات الفلاحية في المغرب, حيث بقيت وزارة الداخلية تمارس عليها وصايتها و يقع الاتجار بها و تندلع في شأنها نزاعات قبائلية تصل أحيانا إلى الاقتتال , و حالت دون استثمارها في التنمية, خاصة في العالم القروي و الحد من الخصومات التي تعرض على القضاء أكثر فأكثر .وهناك أيضا قوانين أخرى لم يشملها رغم مضي أزيد من قرن كقانون الالتزامات و العقود وغيرها , و الواضح في الأمر أن منظومة إصلاح القضاء مازالت مستمرة لحد ألان و نظمت في شأنها ندوات و لقاءات شارك فيها جميع الفاعلين من محامين و موثقين و مفوضين قضائيين و قضاة و خبراء و الضابطة القضائية, إلا أن المشروع الذي أعدته الآن وزارة العدل التي يتولاها الأستاذ مصطفى الرميد كمحامي أقصى مقترحات العمود الفقري للقضاء , وهم المحامون وجاء إقصاء المشروع المعد من طرف جمعية المحامين إما عمدا أو خطأ أو انتقاما أو تجاهلا , والحال إن الوزير الرميد يعرف تمام المعرفة أن الجمعية كمنظمة غير حكومية هي التي تساهم في تطوير العمل القضائي أكثر من غيرها من الفاعلين . ولم يتمكن نظام الاستبداد منذ سنوات من تدجينها و باتت صامدة تدافع عن استقلال القضاء و نزاهته و قضايا ذات الطابع السياسي أو النقابي أو الحقوقي و كل ما يتعلق بحرية التعبير ووقف المحامون سدا مانعا للنيل من المحامي و جاهدوا و اجتهدوا و قدموا تضحيات في مجال الحريات الفردية و الجماعية و حرية التعبير و كرامة المواطنين, و اليوم يأتي الاستاذ الرميد الوزير المحترم ليهمش المحامين و درء مشروعهم في إصلاح القضاء رغم أنهم معنيون بالدرجة الأولى .وها هي المهنة اليوم تتعرض للتهميش و الإجهاز عليها و على كرامتها في ظل حكومة يترأس فيها وزارة العدل محام في ظرفية سياسية أخرى مغايرةلما كانت عليه حيث تتسم بطابع الانفراج و حرية التعبير , وضمن مشاريع المنظومة مقتضيات قانونية تضرب في العمق المكتسبات الجوهرية و طالت بالأساس المسطرة المدنية و الجنائية الخ , وذلك في خضم تحولات دولية في المجال الحقوقي و القانوني بعدما شرع المغرب على امتداد بضع سنوات لتأهيل الجهاز القضائي في هذه الحقبة وسن ترسانة قانونية متطورة من اجل تشجيع وتعزيز دور القضاء و لتحقيق مجتمع اكثر حرية و اكثر عدالة و اكثر مساواة و انسجاما مع مقتضيات أحكام الشريعة الإسلامية و إصرارا على تشجيع الشباب من اجل أن يتبوؤا مراكز المسؤولية . وهكذا وفي خضم التحولات التي عرفتها المجتمعات الإنسانية في السنوات الأخيرة تضاعفت مسؤولية القضاء و أصبح واجبا عليه أن يساهم في تأسيس و بناء مجتمع ديمقراطي في بلادنا ويتمتع فيه المواطن بحقوقه الاجتماعية, حيث يتطلب الأمر القبول بمسؤوليات مدنية موازية من جانب المواطنين و المواطنات و جميع الفاعلين مع القضاء كالمحامي و كاتب الضبط و ضابط الشرطة القضائية المفوض القضائي و الموثقين و غيرهم و على هؤلاء أن يشاركوا في المشاركة الفعالية في تحسين و حماية الشأن المشترك كما يتطلب الأمر مساهمة الأحزاب السياسية بمؤسساتها العمومية و منظماتها و حركات مجتمعها المدني التي تتبلور لتستجيب لتطلعات الشعب و طموحاته في ظل نظام سياسي ديمقراطي ترتكز فيه الحكومة على سلطات شرعية قادرة و فعالة في بعدها الجديد للتضامن مسايرة لكل التغييرات و التحولات الدولية, و ذلك في عدة مجالات, والاجتماعية و أنظمة التربية و التكوين كي تتم مبادرة الاجتهاد و الابتكار لأكبر ممكن من الناس و السياسات الواجب اتخاذها بدون إقصاء أحد, ولا يتأتى ذلك إلا بإقامة الدولة الديمقراطية تعكس مؤسساتها الإرادة الشعبية وتضمن استقلالية القضاء و نزاهته من إحقاق الحق و استتباب الأمن و الاستقرار و التنمية و الديمقراطية , وذلك باحترام مكانته و توفيره الشروط الكفيلة للاضطلاع بالمهام المنوطة به ماديا و معنويا و استقراره نفسيا و العمل على تنقيته هو و جميع الفاعلين معه, من جميع عناصر الإفساد التي ازدادت قوة تنخر جسمه و تسيء إليه, و هي التي تشكل قوى مناهضة لكل إصلاح, و انعكس ذلك على مصداقيته و الثقة في قراراته و أحكامه و الحد من فساد المتقاضين و الفاعلين كمصدر للفساد, لإجهاز القضاة إلى جانب العناصر الدخيلة عليه, كما تفشت الرشوة بسرعة و بأية وسيلة و طال الأمر اغلب الفاعلين معه, لذلك فالعدل لا يتحقق إلا بقضاء نزيه في ظل الدولة الديمقراطية , وفي السنوات الأخيرة كثر الحديث عن انتشار الفساد في القضاء و الفاعلين معه و لا ينحصر مصدره في المتقاضين و المحامين حسب تصريحات وزير العدل و الحريات الحالي الاستاذ مصطفى الرميد و نسي المصدر الأساسي الذي يتجلى في السياسات المنتهجة مند سنوات و التي كانت لا تتوفر على إرادة جدية لنزاهة القضاء و استقلاله, بل تريد قضاء شكليا يعمل على مصادرة القانون لفائدة التعليمات, اللهم ما جاء على لسان العاهل المغربي جلالة الملك محمد السادس من تعهده من عدم التدخل في القضاء, أما ما سواه من بعض المسؤولين من مختلف مستوياتهم في الجهاز القضائي فتأتي أقوال البعض مخالفة لأفعاله, مع العلم أن مسؤولية منظومة إصلاح القضاء مسؤولية الجميع و ليس مسؤولية الوزارة وحدها , وجاء المشروع الذي لم تتم المصادقة عليه من قبل الجهاز التشريعي خاليا من الاقتراحات التي تضمنها الملف ألمطلبي لجمعية هيأة المحامين بالمغرب وتم الاكتفاء بالمشروع الذي أعدته وزارة العدل ليس إلا على ما يبدو. هذه هي الحالة التي يوجد عليها القضاء في بلدنا من الناحية السياسية و الواقعية إلا انه لا يستقيم عمليا إلا باستقامة المجتمع و إقامة دولة ديمقراطية و عادلة يسودها القانون بعيدا عن كل المؤثرات كيف ما كان نوعها و مصدرها و توفر القاضي لشروط العمل باطمئنان و ليطمئن إليه الناس من جانبهم و محاربة جميع مظاهر الفساد المتداخلة في شأنه وفي جميع الفاعلين المرتبطين به, الأمر الذي يتطلب أيضا الكفاءة و التكوين و النزاهة و الجرأة و التقوى. أما بالنسبة للإسلام, فقد حظي القضاء بمرتبة عالية و أولاه اهتماما بالغا و هو الذي يبين الحكم الشرعي و الإلزام به الفصل في الخصوصيات, فهو أساس الملك و لا يستقيم مجتمع إلا به و قد وردت في شأنه آيات قرآنية متعددة و أحاديث نبوية و أراء علماء و أئمة أهل السنة و الجماعة و غيرهم و كلها تدعو و تأمر بإقامة العدل و الإنصاف مع تحديد شروط من يتولاه, لأن مسؤولية القضاء مسؤولية بين القاضي وخالقه وبينه أيضا وبين عبده , وقد خصصت مقالين في مسألة العدل و الظلم استنادا إلى الكتاب و السنة منها ما يتعلق بالفرد باعتباره مخلوق ممتاز فضله سبحانه على سائر المخلوقات والأمم من الأوامر الإلهية التي تدعو إلى الحكم بالحق وبما انزل الله.وذلك بقوله تعالى في الآية 49 من سورة المائدة ( وان احكم بينهم بما انزل الله ..) وفي الآية 26 من سورة ص جاء الخطاب فيه موجها للنبي دا وود عليه السلام ( يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق.)فعن القاضي يقول شيخ الإسلام بن تيمية ( هو من جهة الإثبات , شاهد و من جهة الأمر و النهي مفت ومن جهة الإلزام هو سلطان ) وحكم الإسلام في القضاء فرض كفاية أما الإمام احمد فيقول : ) لابد للناس من حاكم لئلا تذهب حقوقهم ) . وهكذا على من يصلح للقضاء الدخول فيه إذا لم يوجد غيره وفي ذلك فضل لمن قوى عليه و فيه خطر عظيم في حق من لم يؤد الحق فيه ومن حيث على القاضي أن يجتهد في إقامة العدل بين الناس غاية ما يمكنه و لا يلزمه ما يعجز عنه و يفرض له و لي الأمر من بيت المال حتى يتفرغ للقيام بالقضاء و قد فرض الخلفاء الراشدون للقضاء من بيت المال ما يكفيهم , و هذا رأي ابن القيم أن المجتهد هو العالم بالكتاب و السنة و لا بين في اجتهاد ه تقليد غيره أحيانا أو أحدا من الأئمة إلا هو تقليد من هو اعلم منه في بعض الأحكام .و فيما يخص شروط من يتولى الحكم فقد اختلف العلماء في شأنه إلا أن اغلبهم يرى أن الشروط الواجب توفرها في القاضي, فقد أشار إليها ابن عبد البر في كتابه الكافي المتعلق بفقه أهل المدينة المالكي أن يكون موثوقا في دينه و صلاحه و علمه و يشترط أن يكون عالما بالسنة و الآثار و أحكام القرآن ووجوه الفقه واختلاف العلماء , ولذلك قال لا يتولاه حتى يكون أي القاضي عالما بما مضى من اختلاف أصحاب النبي (ص) و أئمة التابعين بالمدينة , وقال عبد الملك بن عبد العزيز أب أم سلمة و غيره او يكون صاحب رأي ليس له علم بالفقه كما لا ينبغي أن يفتي و ينصب نفسه للفتوى إلا من كان يفقه , إلا أن يفتي رجل رجلا آخر و بالتالي أن يكون ذا يقظة يفطن لأمور الناس و شرورهم صلب في قول الحق غير خائف لومة لائم مستثيرا فيما يشكل عليه لدوي العلم و الدين مستثبتا غير عجل, مع هذا انه جاء قول النبي «ص»لا يحكم القاضي وهو غضبان أو شبعان أو جائعا, وبالفعل فإن هذا الحديث النبوي الشريف و أراء العلماء و أئمة المذاهب و أهل السنة يجمعون على أن القاضي إنسان غير معصوم و انه بشر في المجتمع فلا يقبل منه ادني سلوك يمس الوقار و السلوك و مسؤول عن حقوق الناس في حرياتهم و حقوقهم و عليه أن يستحضر تقوى الله في الشاذة و الفاذة, لان الأمر يتعلق بحكم الله سبحانه و تعالى و أخذ حق المظلوم من الظالم و يتحرى الشبهة مصداقا لقول الرسول (ص)( ادرؤوا الحدود بالشبهات ) وهو أول من وجه إليه الأمر الإلهي الذي جاء في القران الكريم ( و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) تم يضيف سبحانه (( و لا يجرمنكم شنئان قوم ألا تعدلوا فاعدلوا هو اقرب للتقوى )) و يعنيه أيضا ما قيل عن بني إسرائيل في سورة المائدة (( من لم يحكم بما انزل الله فاؤلئك هم الظالمون )) , (( ومن لم يحكم بما انزل الله فاؤلئك هم الفاسقون )) , (( ومن لم يحكم بما انزل الله فاؤلئك هم الكافرون )) , ومن يريد التوسع في تفسير ما أشير إليه فليرجع على الأقل لكتابي «حكم تارك الصلاة لابن القيم « و « الاختيارات العقائدية للألباني « و لا باس أن أوضح مسألة الكفر في الآية (( و من لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون )) سواء في الكتاب أو السنة و أراء علمائهم حيث أن الأمر يتعلق بالكفر الاعتقاد و المعلن عنه و هو عدم الإيمان بما انزل الله و اخبر به رسوله و لا يوجد في عصرنا هذا أي حاكم أو قاضي تتوفر فيه سمات الكافر بتاتا , وهو ما اجمع عليه العلماء نذكر بعضهم «ابن تيمية في منهاج السنة النبوية « , «أبو السعود في تفسير» «الشنقيطي في أضواء البيان « , «الليث السمرقندي في تفسيره « , « ابن باز في قضية التكفير بين أهل السنة و أهل الضلال «, كما أن ليس هناك اختلاف بين شيوخ الإسلام و الأئمة الأعلام على انه كفر دون كفر و ظلم دون ظلم و فسق دون فسق و كبيرة من أعظم الكبائر , و لا يجب أن نعتبر قضاتنا كفارنا بالحكم بالقوانين الوضعية لأنهم مسلمون و مؤمنون استنادا إلى الآية المعلقة بالتكفير من لم يحكم بما انزل الله و هو مؤمن و مسلم و الآية نزلت في بني إسرائيل حيث حرفوا الثوراة و قد خصصت مقالا تم نشره .و لمعرفة الحالة التي يكون فيها الحاكم فاسقا أو ظالما أو كافرا, حيث أشار إلى أن الأمر يتعلق بالكفر الاعتقادي و الذي استأثر به الله تعالى , ومتى يكون الكفر عمليا على وجهين و كذلك الشأن بالنسبة لحالة الفسق و الظلم و هذا موضوع آخر طويل كتب فيه الكثير فقط, أشرت إلى هذين المرجعين لتسهيل المأمورية لمن يرغب في مزيد من المعرفة لما ذكر إلا أن القانون الوضعي المعمول به, فأغلبها ذات مرجعية دينية وإما الباقي فمرجعيته غربية, تم في الدول العربية الإسلامية أثناء وجودها تحت تأثير الاستعمار الغربي واغلبها أيضا أن لم نقل كلها تتعلق بالأموال والمعاملات التجارية, فمع ذلك فقد آن الأوان لتغيير القوانين الوضعية الذي مازال معمولا به من طرف هذه الدول . وكذلك الشأن بالنسبة للتعامل مع الابناك يجب على العلماء أن يجتمعوا ويصدروا فتوى في شأنها لزوال اللبس الذي يكتنفها, حيث يرى أغلبية الناس, خاصة من التيارات التي تنتسب مرجعية إسلامية,أما الآن جاءت بعض أراء العلماء لتبيحها لحالة الضرورة والمصلحة في مختلف المجالات استنادا على القياس و الاستصحاب وهذا ما يقوله المرحوم المكي الناصري في تفسيره للحزب الخامس من سورة البقرة, حيث جاء تحريم الربا وختم القرآن وانقطع الوحي بالآية 182 من السورة (اتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله وتوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) وهكذا باختصار, فإن القضاء يتوفر على ترسانة قانونية متطورة تحتاج إلى تفعيلها و كذلك مازال في حاجة مع جميع الفاعلين إلى استرجاع مصداقيته و الثقة فيه و على المشرع التدخل في عدة مجالات لصدور نصوص قانونية أو تعديلها لمسايرة تطور العصر ذلك. وعلى سبيل المثال فإن المغرب لا زال يتعامل عن بعد مع نصوص كانت في بداية عهد الحماية ومر عليها اكثر من قرن من الزمن لكن السلطة التشريعية هي أول سلطة تحتاج إلى ثورة شعبية شاملة, لايجب أن يتبوأها جهل أميون وفاسدون وهذه المؤسسة هي التي تضفي على الدولة الطابع الديمقراطية الذي ستكون الضمان لاستقلال القضاء ونزاهته, لكن الملاحظ أن الحكومة الحالية المنبثقة عن البرلمان حسب المنهجية المنصوص عليها في دستور 2012 سارت في اتجاه سيقود البلاد إذا قدر الله باستمرارها مستقبلا إلى ما كان عليه الأمر سابقا. وهنا أشير إلى أن هذا المقال يتزامن مع الانتخابات التي عرفتها نقابات المحامين بالمغرب , لانتخاب نقباء جدد و مجالس الهيئة, حيث أصبح من الواجب على المحامين ان يكونوا في مستوى اختيار أجهزة النقابة من الكفاءات النزيهة و المشهود لها بمصداقيتها و الدفاع عن المهنة, ونبلها و لا يمكن تحقيق الديمقراطية و حماية حقوق الإنسان و استقرار أمن البلد وتنميته إلا بإقامة قضاء نزيه هو وجميع الفاعلين و مستقل و كفؤ و شجاع كما لا يمكن ضمان استقلالية القضاء و نزاهته و الاضطلاع بمهامه الجسيمة إلا في ظل الدولة العادلة و الديمقراطية . وقد بين الكتاب و السنة و الإجماع عدالة القضاء في الإسلام و ما يجب ان يكون عليه القضاة من مستوى رفيع مما تعجز كل نظم الأرض عن الإتيان بمثيله أو قريب منه و صدق الله العظيم قوله ((افحكم الجاهلية يبغون و من احسن من الله حكما لقوم يوقنون ))اية 50 سورة المائدة.