لم يكن "هشام النهى" يظن بأن ما عاشه من لامبالاة وتهاون، بل وتهرب من المسؤولية، وفقا لتعبيره، من طرف سائق لسيارة إسعاف هو موظف بالجماعة القروية لمزوضية بعمالة شيشاوة، وهو الأمر الذي كاد أن يتسبب له في مضاعفات صحية وخيمة قد تصل إلى ما لاتحمد عقباه، سيتكرر وبأن نفس المعاناة سيعيشها مرة أخرى على بعد حوالي شهر من الواقعة الأولى، من نفس السائق، إضافة إلى سائق آخر رفض الردّ على الهاتف وتركه يرن حتى ولو كان المتصل يطلب النجدة أو هو على مقربة من الموت حتى؟ تفاصيل الواقعة تعود إلى صبيحة يوم الاثنين 22 دجنبر الجاري، حوالي الساعة الثانية و 22 دقيقة، أي بعد ساعتين وبضع دقائق من منتصف الليل، حين ارتفعت وبشكل مفاجئ درجات حرارة الرضيعة "خ.النهى"، فلذة كبد "هشام" التي لايتجاوز عمرها 8 أشهر، والتي وصلت إلى درجة خطيرة بلغت 40 درجة ونصف، مما جعل الوالدين يخشيان على رضيعتهما، حيث أصيبا بالحيرة والرعب نتيجة لهذا الارتفاع غير المبرر بالنسبة لهما، فقام الأب بالاتصال بسائق سيارة الإسعاف "م"، هذا الشخص الذي سبق وأن اتصل به شهرا قبل ذلك طالبا منه نقله إلى المستشفى في ساعة متأخرة من الليل على إثر نوبة صحية وألم فظيع أحسّ به، تبين أن السبب فيه هي "المرارة" التي تم استئصالها فيما بعد بناء على عملية جراحية، إلا أن السائق آنذاك اعتذر عن الحضور لتقديم المساعدة لهذا المواطن بدعوى أنه يبيت ليلا عند شخص آخر قصد نقله صباحا إلى المستشفى للخضوع لفحوصات بالأشعة، علما بأن المتصل كان في أمس الحاجة إلى تقديم المساعدة وهو ما لم يتم تمكينه منه، في حين ناب عن السائق أحد أصدقاء المشتكي الذي تطوع للقيام بذلك! نفس السائق الذي تم الاتصال به للمرة الثانية طلبا لتدخله لتقديم المساعدة لشخص في خطر، اعتذر عن الحضور بدعوى أنه غير معني بالمناوبة تلك الليلة، رغم توفره على مفاتيح سيارة الإسعاف، يقول "هشام"، وأحاله على السائق الثاني "ب . ز"، هذا الأخير الذي ورغم الاتصالات الهاتفية المتكررة، لم يقم بالرد على أي واحدة منها، فما كان من الوالد ، وعلى الرغم من وضعيته الصحية التي لاتزال تحتاج إلى الرعاية والذي يتعذر عليه القيادة، وخوفا على حياة ابنته، قام بنقلها على متن سيارته وهو يعاني الإجهاد، حيث تم نقلها إلى مستشفى محمد السادس الذي لاتزال توجد به لحدّ الساعة تحت الرعاية الطبية تتلقى العلاج. الأب/المواطن المتضرر، قدّم شكاية إلى عامل العمالة، وإلى وكيل الملك، ورئيس الجماعة، وذلك على خلفية الواقعتين، بالنظر إلى أن السائقين هما موضوعان رهن إشارة المواطنين لنقلهم في الحالات الطارئة نحو مختلف المرافق الصحية، علما بأن هؤلاء المواطنين هم من يؤدون ثمن البنزين من مالهم الخاص، وبالتالي فتوفير سيارة الإسعاف والسائق أمر يدخل ضمن الخدمات التي من المفروض ان توفرها الجماعة لسكان المنطقة، إلا أن المعنيين بالأمر، يضيف "هشام" يتعاملان بانتقائية مع الحالات التي تتصل بهما، ويحددان أولويات وفقا لتصورهما الخاص، فجعلا من سيارة الإسعاف الوحيدة وسيلة لممارسة كل أشكال التسلط، الذي يبلغ مداه حين لايتم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر، يكفل له الدستور المغربي الحق في الحياة التي يمكن أن يفارقها في كل وقت وحين بفعل هذا الإهمال والتهاون الذي يتم ارتكابه عن سبق إصرار وترصد، وهما اللذان قدمت بشأنهما شكايات عدة دون أن يسجل أي تدخل لتقويم هاته الاختلالات، يقول ذات المشتكي، وأخذا بعين الاعتبار أنه توجد بمرأب الجماعة 3 سيارات إسعاف تعاني الأعطاب والتي كان من الواجب إصلاحها ووضعها رهن إشارة المواطنين. فهل تتحرك سلطات عمالة شيشاوة لوضع حدّ لهذا التهاون والقطع مع الممارسات التي تعرض حياة المواطنين للخطر، أم أن هذا الوضع سيظل سائدا إلى أن تشرع السلطات في جرد لائحة الوفيات التي تهمّ مواطنين لقوا حتفهم ، لأنهم اتصلوا بمن يفترض فيهم أن يسعفوهم نقلا إلى المستشفى ولم يقوموا بهذا العمل الذي هو من صميم اختصاصهم؟