انطلاقا من اشتغاله الدائم على منجزات الحداثة الشعرية العربية الذي تعكسه أعماله النقدية التي تناول فيها ملامح من هذه الحداثة ، بالاضافة الى سعيه الى الانفتاح على المنجز الشعري العالمي ، صدرت للكاتب والناقد المغربي حسن الغرفي الشهر الماضي، الطبعة الأولى من كتابه «نماذج عليا من الشعر العالمي الحديث: مقدمات وترجمات» والصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع بالأردن. اشتغال الغرفي في هذا الكتاب على أسماء شعرية بعينها، يجد ما يبرره في ما يمنحه هذا الانفتاح على عوالم شعرية أخرى من غنى وآفاق لتجديد وتطوير الشعر العربي المعاصر على مستوى الشكل والمضمون. فبعد أن انفتح حسن الغرفي على التجارب الشعرية الإفريقية ، خاصة جيل الرواد منها، في كتابه «في الشعر الإفريقي المعاصر: جيل الرواد نموذجا» ، جمع في هذا الإصدار الجديد أضمامة شعرية عالمية هي حصيلة ترجماته لمنجزات شعرية يجمعها أفق الحداثة في محليتها وعالميتها. يؤكد حسن الغرفي في تقديمه لهذا الكتاب على ما تمنحه ميزة مرافقة الشعراء الكبار الذين جعله الاطلاع على شعرهم وتجاربهم في الحياة، ينسج معهم علاقة روحية ممتدة في الزمن، علاقة تتجاوز علاقة المترجِم بالنص الأصلي الى علاقة تفاعل وجداني يتخطى النصَ الى صاحبِه والى عوالمه الشعرية المغايرة مكانيا لكنها تتوحد في عمق ونضح التجربة ، وهو ما جعله حريصا على انتقاء منتخبات شعرية لأهم الشعراء الذين حازوا اعترافا عالميا تعكسه أعمالهم التي ترجمت إلى أكثر من لغة. هكذا ينقلنا كتاب «نماذج عليا من الشعر العالمي» للدكتور حسن الغرفي الى عوالم أمير شعراء روسيا ألكسندر بوشكين أو «شمس الشعر الروسي التي لا تغيب» على حد تعبيره، مقدما نبذة عن مسيرته الإبداعية في الشعر والقصة والمسرح، باعتباره «لم يكن شاعرا على الورق فحسب، بل شعلة ملتهبة في كل مكان يحل به»، لننتقل الى عوالم الشاعر إدغار ألان بو، الأمريكي الذي عاشت قصائده غربة مشابهة لغربته، ثم شارل بودلير الذي وصل به تأمله الشعري العميق الى مرتبة التصوف، وأبولينير وجاك بريفير، سان جون بيرس، قبل أن يحط الرحال بأرض الشعر الأمريكو لاتيني مع فريديركو غارسيا لوركا، بابلو نيرودا، خورخي لويس بورخيس،أوكتافيو باث.