ياسين العرود: قائدٌ واعدٌ لرؤية اقتصادية جديدة في شمال المغرب    اختتام ملتقى الدراسات بالخارج وممثلو الجامعات والمعاهد.. يؤكدون نجاح الدورة الثالثة    عجز الميزانية يواصل "المنحى التنازلي"    أخنوش يترأس افتتاح مصنع جديد لمجموعة ليوني    أمريكا تغادر اتفاقية باريس للمناخ    روبيو وزيرا لخارجية الولايات المتحدة    توقيع بروتوكول لإنشاء ميناء جاف بأكادير لتعزيز البنية اللوجستية بجهة سوس ماسة    العمراني يحضر حفل تنصيب ترامب    توفير 2373 عونا ناطقا باللغة الأمازيغية بتعبيراتها الثلاث في متم سنة 2025    باكستان تبحث تعزيز التعاون الأمني مع المغرب في مكافحة الإرهاب    اتخاذ تدابير عملية لمواجهة موجة البرد بإقليم شفشاون    ترامب: الحقبة الذهبية لأميركا "بدأت للتو".. سنوقف الحروب وسأكون صانع السلام    ملفات أمنية تجمع حموشي والشودري    بريد المغرب يعزز دوره كرائد في الثقة الرقمية بالمغرب بحصوله على اعتماد من المديرية العامة لأمن نظم المعلومات    الوالي التازي: "أمانديس" ستواصل خدماتها إلى نهاية 2026.. والشركة الجهوية تبدأ التدبير التدريجي ابتداءً من 2025    السياحة الداخلية.. تسجيل 8.5 مليون ليلة مبيت بالفنادق المصنفة خلال سنة 2024    رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا يجدد التأكيد على دعم المجموعة الثابت لمغربية الصحراء    لمواجهة آثار التقلبات المناخية.. عامل إقليم الحسيمة يترأس أشغال لجنة اليقظة والتتبع    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" بستايل رومانسي رفقة سكينة كلامور    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    وزير الفلاحة: نعمل على إحصاء القطيع الوطني وإيجاد حلول للإنتاج    اتحاد نسائي: تعديلات المدونة مخيبة    موعد رحيل "مكتب هالا" عن الرجاء    برنامج يواكب الفلاحين بالجنوب الشرقي    مأساة مؤلمة: رضيع اليوتيوبر "عبير" يلحق بوالدته بعد عشرة أيام فقط من وفاتها    الناظور تحتضن بطولة للملاكمة تجمع الرياضة والثقافة في احتفال بالسنة الأمازيغية    عمر نجيب يكتب: غزة أثبتت للعالم أنها قادرة على تحمل الحرب الشاملة وعدم التزحزح عن الأرض..    الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية والسيد لوديي يستقبلان رئيس أركان القوات المسلحة بجمهورية إفريقيا الوسطى    الوزير بنسعيد يعلن عن تعميم خدمات جواز الشباب على الصعيد الوطني    إعادة انتخاب فلورينتينو بيريس رئيسا لريال مدريد    الأرصاد الجوية تحذر من رياح قوية    الكشف عن عرض فيلم اللؤلؤة السوداء للمخرج أيوب قنير    إضراب الأطباء بالمستشفى الحسني بالناظور لمدة 5 أيام    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. 116 وفاة و25 ألف إصابة ودعوات لتحرك عاجل    1000 يورو لمن يعثر عليها.. بدر هاري يستعيد محفظته    أغنية «ولاء» للفنان عبد الله الراني ..صوت الصحراء ينطق بالإيقاع والكلمات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ترامب يستعد لتسلم مهامه ويصبح الرئيس الأمريكي الأكبر سنا لحظة دخوله البيت الأبيض    المنتج عبد الحق مبشور في ذمة الله    نهضة بركان تنهي دور المجموعات باكتساح شباك ستيلينبوش بخماسية نظيفة    أمن البيضاء يفتح تحقيقا في ملابسات اعتداء على بائعة سمك    ابتسام الجرايدي تتألق في الدوري السعودي للسيدات وتدخل التشكيلة المثالية للجولة 11    سعر "البتكوين" يسجل مستوى قياسيا جديدا بتخطيه 109 آلاف دولار    تنظيم أول دورة من مهرجان السينما والتاريخ بمراكش    أنت تسأل وغزة تجيب..    "تيك توك" تعود للعمل بأمريكا وبكين تدعو واشنطن لتوفير بيئة منفتحة للشركات    عبوب زكرياء يقدم استقالته بعد خسارة الدفاع الحسني الجديدي أمام الوداد    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    منها ذهبية واحدة.. جيدو المغرب يحرز 11 ميدالية    إسرائيل تفرج عن 90 معتقلا فلسطينيا ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل مع حماس    إبداع النساء المغربيات في أطباق البسطيلة المغربية يبهر العالم    فريق كوري يبتكر شبكة عصبية لقراءة نوايا البشر من موجات الدماغ    إسدال الستار على فعاليات الدورة ال3 من المهرجان المغربي للموسيقى الأندلسية    الجزائر.. فيروس ينتشر ويملأ مستشفيات البلاد بالمرضى    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المُورَاتْوَار... طرِيق لِقَتل الإعْدَام

للمَرة الخامسة منذ ثَمان سنوات خَلت، سيُعرض قرار وقف تنفيذ عقوبة الإعدام على الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل التصويت عليه، وهو القرار الذي اقترحته عدد من الدول سَعيا لمناهضة تلك العقوبة وبسبب تزايد تنفيذها من قبل عدد من الدول وفي مُقدمتها الصين والولايات المتحدة الأمريكية والعراق وإيران وغيرها، وهو الموراتوار الذي تتزايد الأصوات المؤيدة له والتي ارتفعت إلى أكثر من مائة وعشر دولة خلال شهر نونبر الماضي أثناء عرض لقرار على اللجنة الثالثة.
وكلما اقترب الموعد الأممي بالجمعية العامة للتصويت على قرار وقف تنفيذ عقوبة الإعدام إلا وتهيأت الحكومة المغربية لاستقبال الرسُوب في الامتحان الدبلوماسي والسياسي أمام العالم، وهَوت القهقرى في سُلمِ المِصداقية في مجال حقوق الإنسان واحترام الحق في الحياة، وذلك لكونها تتخذ قرارا سلبيا وتمتنع عن التصويت وتسد آذانها لنداءات المجتمع المغربي لتتقمص بذلك صورة النعامة.
إن امتناعها عن التصويت لأربع دورات بالجمعية العامة للأمم المتحدة موقف غير مُشرف لها، ومَعناه أن الحكومة المغربية لا رأي لها ولا مَوقف واضح لها في ملف الإعدام لا تمتلك الشجاعة السياسية لتدافع عنه أمام المجتمع الدولي سواء الموافقة الصريحة أو المعارضة الصريحة للموراتوار.
وأمام هذا التردد الذي يرفضه كل عقل أو منطق، خصوصا عندما نعلم أن آخر تنفيذ للإعدام بالمغرب يرجع لما قبل عشرين سنة، نتساءل بحق ماذا تنتظر الحكومة المغربية لكي لا تقوم بتنفيذ عقوبة الإعدام ضد المحكومين بها والمحكومات بها ؟ ومتى ستطلق رصاصات الموت عليهن وعليهم ؟
هذان السؤالان  واردين سياسيا وحقوقيا،  وعليها الجواب عنهما مادامت ترفض التصويت إيجابيا وبنعم على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام عالميا،  وما دامت قد امتنعت عن التصويت أربع مرات وتختار الوقوف مع دول مَستنقع المناصِرين لعقوبة الإعدام والمُعارضين للحق في الحياة بكل الدلالات الفلسفية والفكرية والثقافية والعلمية.
وأمام هذا التردد المتوالي كذلك، يمكن نعت الحكومة المغربية ومن  دون أن تشعر بأي حرج  أو أن تحس بجُرح،  بأنها حكومة  الإعدام، لأن من يرفض الموراتوار مثل الحكومة المغربية لن يتردد في اراقة الدم بالتنفيذ متى شاء وضد أي محكوم به رجلا كان أم امرأة، مادام منظورها لعقوبة الإعدام  يختلط فيه ما هو ديني بما هو سياسي  وما هو شرعي  بما هو حقوقي وما هو روحي  بما  هو علمي وما هو خصوصي بما هو كوني.
أعتقد أن الحكومة  التي تصر الإبقاء على عقوبة الإعدام ولأتفه الأسباب، لن تستطيع أن تبرر موقفها لا بالقانون ولا بالأخلاق ولا حتى بالشريعة - ولو أن الشريعة ليست مصدرا من مصادر القانون الجنائي المغربي ولا قانون القضاء عسكري -  ومن حقنا أن نسائلها لماذا تدافع و تتشبث بعقوبة  بالإعدام وهي عقوبة وحشية وقاسية وخطيرة ، وتعارض إلغاءها بمبررات من الشريعة، من دون أن تتشبث بنفس القوة بنفس المنطق  بالعقوبات الأخرى التي ورد النص عليها بالقرآن؟ فهل عندها قتل الإنسان بالسيف أو بالسم أو بالرصاص باسم محكمة وبقناعة قضاة وبأمر من وزير،  أَقل وَقعا وأخَف ألما من قطع يد أو رَجم رجل أو جَلد امرأة ؟ 
وحتى ما يسمى عند الحكومة وعند بعض مَناصري عقوبة  الإعدام  بالحَل الثالث والذي يَميل للإبقاء على الإعدام مع تقليص حالاته، هو في الحقيقة تَمويه  سِياسوي مَضى عليه الزمن، لأن هذا الحل  ليس بِحل  جديد ولا بابتكار خلاق من دُعاته اليوم، بل إنه من جُملة الدعَوات التي طرحت من قِبل المتمسكِين بالإعدام منذ القرن التاسع عشر،  عندما كان الصراع مُؤججا  في أوروبا بين دعاة الإلغاء وبين مناصري الإعدام، وهو الصراع كما يعرف الجميع انتهى بانتصار الفكر المتنور والثقافة الإنسانية التي قطعت مع عقوبة الإعدام نهائيا، وانتهى بعدها مُقترح الحل الثالث، لأن الإعدام هو الإعدام سواء تعددت حالاته في القانون أو تقلصت، ولأن ما ينطبق على الكثير منها ينطبق على القليل كذلك وبالتالي يبقى الإعدام إعداما لا يغيره العدد والحالات.  
 على الحكومة وهي تمارس السياسة أن تقوم بقراءات لبعض الوثائق و المشاهد واستخلاص دلالاتها، مثل المادة العشرين من الدستور و نداء إلغاء الإعدام من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان وملاحظات المقرر المعني بالتعذيب ومقترحات المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتوصيات المقدمة للمغرب بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل...، وعليها أن ترى أمامها بِبصَرها وببصِيرتها أن هناك مجتمعا مدنيا وإعلاميا وصحفيا وحقوقيا قويا، و أمامها ائتلافات وشبكات من المناهضين للإعدام، وأممها نساء ورجال بالبرلمان من مختلف الفرق السياسية باستثناء حزب رئاسة الحكومة، وأن هناك مقترح قانون بالإلغاء قدم من أحزاب من المعارضة، وأن تدرك من كل ذلك أنها أصبحت أقلية لا تمثل رأي المجتمع بكل فئاته عندما تصر على عقوبة الإعدام وعندما تمتنع عن التصويت على الموراتوار.
فَيا حكومة المغرب، هَيْت? لكِ وَقفي في الآتي من الأيام القريبة بالجمعية لعامة للأمم المتحدة للتصويت بنعم وبإيجابية على قرار الموراتوار. الذي سيعرض على دول العالم للتصويت عليه، و تراجعي  عن موقف الامتناع عن التصويت بعد تجربة أربع دورات سلبية، وأنتِ مَدعوة ان  تَخرجي من عزلتك الداخلية و الإقليمية والدولية، وأنتِ مدعوة كذلك أن تتوقفي عن خلط الأوراق وخلط المواقف فيما يخص إلغاء عقوبة الإعدام والقبول بالموراتوار.          
هَيْثَ لكِ كذلك للاقتناع أن فِي إلغاء عقوبة الإعدام وفي وَقف تنفيذه بالتصويت على المُوراتوَار اعتراف بقيمة الإنسان، واعتراف بالتضحيات التي أسداها للبشرية فلاسفة ومفكرين ورجال ونساء قانون وحقوق وإعلام وسينما قبل قرن من الآن، ومن ثقافات مختلفة ومن مناطق قريبة وبعيدة من العالم.
أن لون الإعدام أحمر، ويبقى أحمر لا يتغير بتغير وسيلة القتل، مثلما يبقى القتل إعداما حتى لو تم باسم الدين.
الرباط: 18 دجنبر 2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.