شارك ممثلون عن 22 دولة، ضمنهم 17 وزيرا مكلفا بالصيد البحري، في المؤتمر رفيع المستوى الذي نظم مساء أول أمس الثلاثاء بأكادير بهدف إطلاق مبادرة «الحزام الأزرق» من أجل التنمية المستدامة للصيد البحري في إفريقيا. وتمخض الاجتماع، الذي حضره ممثلون عن الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأغذية العالمية والعديد من معاهد البحوث البحرية في إفريقيا وأوروبا، عن تشكيل فريق عمل لقيادة المبادرة وإصدار إعلان أكادير حول مبادرة الحزام الأزرق، والذي أكدت فيه الدول المشاركة التزامها بمبادئه ودعت فيه إلى تشجيع الاستثمار في قطاع الصيد البحري ووضع آليات لتمويل التنمية المستدامة والناجعة للقطاع. وللإشارة، فإن مبادرة الحزام الأزرق تعد من بين المبادرات التي كان جلالة الملك محمد السادس قد أعلن عنها لصالح إفريقيا خلال مؤتمر الأطراف للأمم المتحدة حول تغير المناخ كوب 22 الذي انعقد في مراكش نهاية عام 2016. وتهدف المبادرة إلى تشكيل منصة للشراكة والتعاون وتبادل الخبرات بين الدول الإفريقية في مجال الاقتصاد الأزرق، وذلك بهدف التنمية المستدامة للصيد البحري في إفريقيا وحمايته من المخاطر التي تتهدده نتيجة تغير المناخ والاستغلال المفرط للثروات السمكية. وتتوفر إفريقيا على 27.6 ألف كيلومتر من السواحل، بينها 3.7 ألف كيلومتر في المغرب وحده. وتتوزع السواحل الإفريقية بين البحر الأبيض المتوسط بطول 5200 كيلومتر، والمحيط الأطلسي بطول 10800 كيلومتر، والمحيط الهندي بطول 8600 كيلومتر، والبحر الأحمر بطول 3000 كيلومتر. وتتوفر 39 دولة إفريقية على ساحل بحري. إضافة إلى ذلك توجد في إفريقيا العديد من البحيرات والأنهار والأحواض والمجاري المائية القارية التي يمارس فيها صيد أسماك المياه العذبة. غير أن الثروات البحرية للقارة الإفريقية معرضة للاستنزاف وسوء الاستغلال، من جانب بسبب الصيد غير القانوني الذي تمارس أساطيل العديد من الدول في المياه الإقليمية الإفريقية، ومن جهة ثانية، بسبب اتفاقيات الصيد غير المتوازنة التي أبرمتها عدة دول إفريقية والتي تسمح لأساطيل الدول الشريكة باستغلال المصايد الإفريقية بطرق وأساليب تؤدي في غالب الأحيان إلى استنزاف هذه الثروات. ومن أبرز النقاط التي ركزت عليها تدخلات المشاركين في المؤتمر رفيع المستوى حول الحزام الأزرق، تعزيز التعاون في مجال مراقبة السواحل ومكافحة الصيد غير القانوني، وتنسيق العمل في مجال إبرام اتفاقيات الصيد التي تتيح للأساطيل الأجنبية ممارسة نشاطها في المياه الإقليمية الإفريقية، وتبادل المعطيات العلمية والإحصائية بين الدول الإفريقية، وتعزيز التعاون بين المعاهد الإفريقية للبحوث البحرية من أجل توفير الدراسات والمعطيات العلمية اللازمة لاتخاذ القرار، كما تحدث المشاركون عن المخاطر المرتبطة بالتغير المناخي، خاصة تحول التيارات البحرية وارتفاع معدل حموضة المحيطات وحرارة المياه، إضافة إلى المخاطر البيئية الأخرى كالتلوث الناتج عن النشاط البشري، والتي تؤدي إلى تراجع التنوع الإحيائي في البحار والمحيطات وتدهور بيئتها. وشدد المشاركون على ضرورة تكاثف الجهود لمواجهة هذه التحديات، ووضع آليات للتعاون وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى في مجال الاقتصاد الأزرق، إضافة إلى تعبئة التمويلات واستقطاب الاستثمارات من أجل تحقيق التنمية المستدامة لقطاع الصيد البحري الإفريقي، الذي يلعب دورا اجتماعيا واقتصاديا أساسيا بالنسبة للدول الإفريقية المطلة على البحر. وأشار عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري ورئيس المؤتمر رفيع المستوى حول الحزام الأزرق، إلى أن وزن إفريقيا في مجال الصيد البحري في العالم لايزال متدنيا مقارنة بقدراتها، إذ لا تتجاوز حصة إفريقيا في إنتاج الصيد البحري العالمي 7 في المائة، كما أن حصتها في التجارة الدولية لمنتجات الصيد البحري لا تتجاوز 3 في المائة، مشددا على الدور الذي يمكن لقطاع الصيد البحري المستدام أن يلعبه في تحقيق الأمن الغذائي لإفريقيا وكرافد من روافد النمو والتنمية بالنسبة للبلدان الإفريقية. كما استعرض أخنوش خلال المؤتمر التجربة المغربية الرائدة إفريقيا في مجال الصيد البحري، معبرا عن استعداد المغرب لوضع هذه الخبرة والتجربة رهن إشارة الأشقاء الأفارقة. وأعاد أخنوش التذكير بالتوجيهات الملكية في هذا المجال، وبالأهداف والأسس التي حددها صاحب الجلالة لمبادرة الحزام الأزرق.