احتضنت قاعة خوان غويتسولو بفضاء المعرض الدولي للكتاب، أول أمس الخميس 14 فبراير ، لقاء احتفائيا بشاعر مغربي اختار الشعر ليقاوم صدأ العالم، الشاعر الذي حاز جائزة سركون بولص للشعر في دورتها الأولى 2018، والتي أسست لها «منشورات الجمل « برعاية مديرها الشاعر العراقي خالد أبو المعالي. الشاعرة علية الإدريسي البوزيدي التي قدمت للقاء، عرجت على أهم مراحل تجربة المحتفى به مبارك وساط الشعرية ، منذ أن وضع قدميه «على درج المياه العميقة» الى أن رأى «عيونا طالما سافرت»، هو الذي خاض تجربة الترجمة منذ ترجمته لرواية «المرتشي» للطاهر بنجلون، و «شذرات من سفر تكوين منسي»، لعبد اللطيف اللعبي قبل أن يتجه الى ترجمة بعض أعمال الشاعر المغربي الراحل محمد خير الدين وأندريه بروتون، وفرانز كافكا… من جهته، عاد الشاعر العراقي ومدير «منشورات الجمل» المانحة للجائزة خالد أبو المعالي الى دوافع تأسيس هذه الجائزة التي تحمل اسم شاعر لم يُلتفَت الى تجربته بما يكفي من انتباه واحتفاء، إقصاء حرم بولص من الفوز بأي جائزة عربية رغم مساره المضيء في الكتابة والترجمة ، وهو ما جعل الدار تفكر في تكريمه بعد وفاته في 2007، عبر إحداث هذه الجائزة التي تبرمت من تحمل تكاليفها المؤسسات الرسمية العراقية، لتأخذ المبادرة «دار الجمل» . وعن اختيار الشاعر المغربي مبارك وساط كأول فائز بالجائزة، أوضح أبو المعالي أن هذا الاخير» «امتاز بشحن قصيدته بطاقة تخيلية وبلاغية لافتة من عناصر مختبئة في مشهد واقعي تبدو مكتملة في ظاهرها اليومي، لكنها عصية على الاكتمال في جوهرها الغائب، وبسعيه إلى إدماج العالم الواقعي بعالم المخيلة. خاصة في ديوانه «عيون طالما سافرت»، إذ يدأب على تحويل الحياة اليومية بوصفها نثراً إلى شعر ينتمي للزمن دون أن يسقط في النثرية، ويصل إلى الإمساك بفكرة قصيدته دون أن يسقط في الذهنية، كما أن البناء في نصوصه خيط غير مرئي يحيل النثر إلى قصيدة عبر تماسك اللغة وطيفية الصورة وصفاء الفكرة ونموها». الشاعر نبيل منصر صاحب «أغنية طائر التم» والفائز بجائزة المغرب في الشعر سنة 2017، اعتبر في ورقته أن مبارك وساط الذي أمسك «فراشة من هيدروجين» قبل أن «يبتسم للعصافير»، يسير في نفس الأفق الشعري لسركون بولص، عبر اشتغاله بكثير من الجدية والعمق، مضيفا أن اقتران الجائزة في أول دوراتها باسم الشاعر مبارك وساط له دلالةرمزية لافتة، بما يمثله وساط من أفق كوني للقصيدة المغربية، وساط الذي يمثل تجربة تتجاوز مفهوم الجيل وتستعصي على التأطير الجيلي رغم أنه، شعريا، ينادي على شجرة أنساب كبيرة في الشعر العربي والمغربي والكوني، جيل محمد بنطلحة ومحمد السرغيني وعبد الله زريقة في أعماله الاخيرة، لا من حيث استنساخ التجربة بل كأفق للاشتغال والحفر في شعرية النثر. وأضاف منصر أن تجربة صاحب»راية الهواء « تتميز عن مجايليه بممارسة فعل الترجمة الشعرية ،وما تفتحه من ممكنات لتخصيب اللغة الشعرية وتوسيع آفاق المتخيلتجذير شجرة الأنساب ضمن آفاق كونية، كما تتميز عن شجرة الأنساب تلك باستثمار البناء الحكائي» من خلال حكاية تمتص أنساب الوجود وعناصر الطبيعة، وأمشاج السيرة المتخيلة في بناء نصي يتخذ شكل قصيدة – كتلة أو صيغة ومضة شذرية»، لافتا الى أن هذه التجربة العميقة اقترنت بحس وجودي لا يفصل اللغة عن جسد الشاعر، تجربة تنهار فيها الحدود وتتداخل فيها العوالم عبر «يد مشدودة الى عينيه وقلبه، الى لغته ومزاجه وخطوته في الحياة وفي العالم». وببساطة الشاعر وبخفة أكروبات حين يختار الشعر رياضة للروح، تكلم عبد القادر وساط عن شعر سركون بولص وعن علاقته بهذا الشعر، قبل أن ينثر بعضا من جنونه العاقل على الحضور، هو المؤمن بأن لا جدار آمن اليوم غير جدار الشعر بعد أن انهارت كل جدران العالم.