من بين الأشكال النضالية،التي يعتبرها الكيان الصهيوني، تهديدا استراتيجيا له، حملة مقاطعة إسرائيل بسبب الاحتلال الاستيطاني، التي تستهدف الضغط على هذا الكيان على مختلف المستويات الثقافية والاقتصادية والرياضية، والمطالبة بالكف عن سياسة اللاعقاب التي ينهجها المجتمع الدولي، تجاه الجرائم التي يرتكبها. وفي هذا الإطار، يمكن وضع التظاهرة التي نظمت ضد المغني اليهودي، الجزائري الأصل، إنريكو ماسياس، في الدارالبيضاء، باعتباره أحد النشطاء المساندين للاحتلال وللجيش الإسرائيلي، ضمن مواقفه المعلنة ضد حقوق الشعب الفلسطيني، بل أكثر من ذلك، فإنه ينصب نفسه كأحد أشد المدافعين عما يرتكبه جيش الكيان من جرائم ضد هذا الشعب. لذلك، فإن الاحتجاج على استضافته في المغرب، يدخل في إطار حملة مقاطعة الكيان الاستيطاني العنصري، التي انطلقت سنة 2005، في نداء وجهته مجموعة من التنظيمات السياسية والنقابية، الفلسطينية، من أجل خوض هذه الحملة، على غرار ما تم ضد نظام الأبارتايد، في جنوب إفريقيا، وقد تجاوبت العديد من المنظمات والشخصيات، عبر العالم، مع هذا النداء، وترجم ذلك في ما يسمى حملة BDS، التي تستهدف الشركات والهيئات والشخصيات التي تتعاون مع الاستعمار الإستيطاني الصهيوني. وقد نجحت هذه الحملة في دفع الاتحاد الأوروبي، إلى سحب الامتيازات الجبائية على المنتوجات الواردة من المستوطنات الإسرائيلية، مع فرض الإعلان عن مصدرها، كما امتنعت شركات عن التعامل مع هذه المستوطنات، مخافة التأثير على استثماراتها في عدد من بلدان العالم، بالإضافة إلى اتخاذ مواقف المقاطعة من طرف جامعات غربية، وشخصيات ثقافية وفنية… وعرفت هذه الحملة نجاحات في دول مثل بريطانيا ودول اسكاندينافية وجنوب إفريقيا، وما زالت تواصل انتشارها، لتوسيع المقاطعة الشاملة للكيان الصهيوني. ووعياً منها بخطورة الحملة، لجأت دولة الاحتلال الإسرائيلي، سنة 2015، إلى تشكيل جهاز من الاستخبارات والجيش، لمواجهة تأثيرها، عبر مخطط لمحاولة تزيين صورتها، ووضع ملفات حول نشطاء حملة المقاطعة، للتضييق عليهم، في عدد من البلدان الغربية، ومنعهم من دخول الأراضي المحتلة.