افتتحت مؤسسة التجاري وفا بنك الحلقة ال 45 من سلسلة ندواتها الدورية لهذا العام بموضوع يستشرف توقعات النمو، تحت عنوان «العالم ، إفريقيا والمغرب أي توقعات لعام 2019؟ « وحاولت الندوة التي نظمتها مؤسسة التجاري وفابنك أمس الخميس بمقرها بالدارالبيضاء، أن تلامس مختلف توقعات النمو خلال العام الجاري الذي يأتي في سياق تطبعه الضبابية و يتسم في الغالب بتباطؤ عجلة النمو الاقتصادي العالمي للسنة الثانية على التوالي ، وهو ما يدعو إلى القلق على مجموعة من المستويات. وبالنسبة للمتدخلين ، يشكل تباطؤ عجلة النمو في الاقتصاديات العظمى مثل الصين، أكبر قوة اقتصادية في العالم، تحديًا للمحللين والاقتصاديين وصناع الرأي. تنضاف إليه مجموعة من المخاوف الأخرى، مثل الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين ، والتوترات الجيوسياسية ، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، وصعود حدة التيارات الشعبوية … وهو ما يثير الكثير من الشكوك التي تجعل المشهد الدولي ملبدا بالغيوم ما يجعل العديد من الدول لا تعرف كيف تتعامل مع هذا الوضع. فبعد أن عانت قبل عشر سنوات من داعيات الأزمة المالية العالمية وانهيار قطاع العقار، هل تخشى دول العالم صدمة أخرى؟ لا سيما وأن البعض يؤكد أن العالم بات على مشارف أزمة اقتصادية جديدة ، ولكن لا يمكن التنبؤ بتوقيتها،غير أن المؤكد هو أن انعكاساته ستكون لاشك حاسمة على الديمقراطية والقيم الليبرالية. ويعتقد المحللون أن العالم لم يأخذ العبرة و لم يستوعب الدروس الكافية من واحدة من أسوأ الأزمات المالية التي مر بها. وقد نبه إلى ذلك ألفونسو برات غاي ، وزير المالية والميزانية الأرجنتيني السابق في اجتماع حلقة الاقتصاديين مؤخرا حين قال: "بصرف النظر عن حقيقة أننا اليوم أصبحنا أكثر تنظيما ، فإن الوضع أسوأ من وجهة النظر الماكرواقتصادية" وفي كلمته ، أبرز فريدريك لوات Frederic Louat المدير العام لمكتب الدراسات والاستشارة Riser Maghreb مختلف المخاطر التي تتهدد الاقتصاد العالمي ، ومن أبرز معالمها، تراجع أسعار الفائدة الأمريكية التي لا تخفى انعكاساتها على الدول الناشئة وخصوصا تلك التي تقوم ديونها بالدولار. كما حذر من تباطؤ عجلة النمو في الصين ، والذي أخذ ينحدر منذ سنوات في اتجاه هبوطي. كيف يمكننا أن نبقى غير مبالين بهذا الواقع عندما نلاحظ أن مبيعات السيارات في الصين قد انخفضت بشكل كبير في 2018؟ انخفاض ملحوظ انعكس تأثيره على الاقتصاديات الكبرى التي لها بدورها تأثير سلبي على النمو الاقتصادي العالمي. بالاضافة إلى كل هذا فإن الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين إذا ما كانت تؤتي ثمارها لأحد الطرفين، فإنها ولا شك ستؤدي إلى تصاعد النزعة الحمائية التي ستحصد الأخضر واليابس تحت أقدام الاقتصاديات الصاعدة أو السائرة في طريق النمو. وبعد نبرة التشاؤم المبررة التي أبان عنها تحليل فريدريك لوات ، جاءت مداخلة عبدو ديوب ، العضو البارز في مكتب الدراسات والأبحات "مازارز" Mazars ، لتضفي بصيصا من الأمل في المستقبل، حيث ذكر الباحث بأن الأزمات والشكوك التي تحوم حول العالم يمكنها أن تشكل مصدرا للفرص بالنسبة للقارة الأفريقية. وقال الخبير الاقتصادي : لا يمكننا أن نتجاهل حقيقة أنه في السنوات الأخيرة تضاعف دين القارة إلى 57٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، وأن البطالة تؤثر على 60٪ من الشباب ، وأن التفاوتات الاجتماعية عميقة جدا، وأن الديمقراطية مازالت حلما بعيد المنال، غير أن هذا لا ينبغي أن يمنعنا من رؤية النصف المملوء من الكأس، الذي ألمح إليه أحدث تقرير للبنك الدوالي حول مناخ الأعمال، والذي يشير إلى تحسن في بيئة الأعمال في العديد من البلدان الأفريقية ، وذلك بفضل الإصلاحات التي تم إجراؤها مؤخرا. وهذه إشارة إيجابية للاستثمار الأجنبي المباشر. و أجمع المتدخلون على أن المغرب " يشكل في هذا السياق نموذجا حيا لهذه الديناميكية ، والتوقعات التي تهم النمو الاقتصادي في المملكة تدعو فعلا للتفاؤل. حيث يقدرها صندوق النقد الدولي في توقعاته التي نشرت في نونبر 2018 ، بمعدل نمو 3.2 ٪ في عام 2019 ، في حين يتوقع بنك المغرب معدل 3.1 ٪ ، مع أن الأمر يبقى مرهونا بمواصلة الإصلاحات الهيكلية المطلوبة.