نظم «الراصد الوطني للنشر والقراءة» ضمن فعاليات المعرض الجهوي الرابع للكتاب، ندوة حول: «الكتاب المغربي بين أزمة التوزيع والترويج الإعلامي» مساء يوم السبت 29 نونبر 2014 بمندوبية وزارة الثقافة (طنجة). الندوة انطلقت بكلمة الأستاذة عائشة بلحاج التي رحبت بالأساتذة المشاركين وبالحضور النوعي الذي لبى الدعوة، مشيرة إلى أن هذه الندوة تأتي في إطار سلسلة من الندوات يعتزم «رونق المغرب» تنظيمها على المستوى الوطني بإشراك جميع الأطراف المعنية بإنتاج الكتاب المغربي، متسائلة عن مدى تأثير ضعف التوزيع وغياب مؤسسة الوسيط بين الكاتب والقارئ على واقع الكتاب المغربي، وكذا دور الإعلام في تهميش وتدني مستوى القراءة خاصة وأن الكتاب مغيب من مختلف برامجه. وقد تطرق الأستاذ عثمان بن شقرون (كاتب/طنجة) في مداخلته، إلى أزمة الكتاب المغربي المتعددة والمركبة والمتداخلة فيما بينها، مؤكدا على أن الأزمة مرتبطة إلى حد بعيد بالتغيرات، التي طالت منظومة القيم الاجتماعية والثقافية بالأساس، ومن ثم وجب ربط سؤال القراءة أساسا بالاستهلاك الثقافي بشكل عام، متسائلا عن غياب دور المؤسسات الاقتصادية الكبرى الضاغطة والمتحكمة في دعم الكتاب وتشجيع القراءة ? كما تدعم المهرجانات -، ودور المؤسسة التربوية في تنشئة المواطن القارئ، واختتم مداخلته بالحديث عن المعاناة التي يعيشها الكاتب المغربي بين الناشر والموزع والتعتيم الإعلامي، خاصة وأن مسألة دعم الكاتب والكتاب تخضع لمنطق الريع الثقافي - يستفيد منه البعض دون البقية-، مشيرا إلى معاناته الشخصية مع عالم النشر، وغياب الظروف الملائمة للإبداع وإنتاج الكتاب المغربي. وفي السياق نفسه تحدث الأستاذ عبد الرزاق البقالي (شاعر/العرائش) في مداخلته عن أهمية الكتاب في نشر الوعي وتثبيت المواقف وصقل التجربة، إلا أنه يعاني من إشكالية القراءة والترويج الإعلامي في ظل سيادة المجتمعات العاشقة للمال والمظاهر والعنف -حسب الأستاذ البقالي-، مستشهدا بمعدل مبيعات كتاب القاص أحمد بوزفور الذي لم يتعد 250 نسخة، وهو القاص المعروف مقارنة مع الكاتب المهمش الذي لايزال يبحث عن مكان له في مكتبات لا يزورها أحد، كما أشار إلى جور دور النشر، وتحولها إلى مؤسسات تجارية كبرى، مما ساهم في زيادة تدهور الكتاب ونفور الكاتب من الكتابة وعوالمها، فهي تتعامل مع المبدع بمنطق الربح والخسارة ولا تهتم بجودة المنتوج الأدبي، إضافة إلى تورط الكاتب في توزيع كتابه بالمجان على الأصدقاء في غياب الموزع. في حين أكد الأستاذ محمد الكلاف (قاص/طنجة) في مداخلته على أن الكتاب يعاني من أزمة ثلاثية الأبعاد تتجلى في القراءة، النشر والتوزيع، وأن الكتاب يمر بعدة مراحل مرهقة بدءً من الإنتاج مرورا بالطبع والنشر وصولا إلى مرحلة التوزيع وهي مراحل تتطلب مجهودا ماديا ومعنويا، خاصة وأن دور النشر تفرض على الكاتب ثمنا تعجيزيا للطبع والموزع يطلب أتعابا كبيرة، بحجة غياب القارئ المفترض وارتفاع تكاليف التوزيع، كما أشار إلى سيادة المحسوبية والإقصاء في الدعم الذي تخصصه وزارة الثقافة للكتاب، إضافة إلى الاستغلال الفاحش لحاجة الكاتب وطموحه وآماله في نشر منتوجه، معبرا عن معاناته الشخصية بين الناشر والموزع. أما الأستاذة فاطمة الزهراء المرابط (قاصة/أصيلة) فقد عبرت في مداخلتها عن وجهة نظر «الراصد الوطني للنشر والقراءة» في هذا المجال، مشيرة إلى أن واقع التوزيع والترويج الإعلامي لا ينفصلان عن واقع القراءة، خاصة وأن الاكتساح التكنولوجي وانشغال القارئ المفترض عن الكتاب الورقي، يقتضي مجهودا مضاعفا في مجالي التوزيع والترويج، مؤكدة على أن غياب مؤسسات التوزيع ? كقطاعات خاصة أو عامة ? يدفع الكاتب إلى الاختفاء القسري والانزواء في أقبية المطابع وبيوت المبدعين، الأمر الذي أفرز ظاهرة المبدع الموزع كاستمرارية للمبدع الناشر، وفي السياق نفسه تساءلت الأستاذة المرابط عن دور الدولة في هذا الإطار وحدود مساهمتها في تنمية الكتاب باعتباره الجسر الوحيد للعبور نحو مجتمع المعرفة، كما تساءلت عن سر اختفاء الكتاب من التغطية الإعلامية الرسمية، وسيادة الرداءة في منتوج القنوات المغربية وخضوع البرامج اليتيمة التي تهتم بالكتاب إلى البيروقراطية والمحسوبية، في حين نوهت ببعض التجارب الإذاعية («حبر وقلم» بالإذاعة الوطنية، و»للثقافة أخبار» و»ضيف وكتاب» بإذاعة طنجة)، وكذا بعض الجرائد الورقية المواكبة للإصدارات الجديدة تعريفا وتقديما، واختتمت ورقتها بالتأكيد على أن «الراصد الوطني للنشر والقراءة» ورغم تواضع إمكانياته يسعى جاهدا لتوزيع منشوراته والترويج لها إعلاميا سواء على صفحات الإعلام الورقي أو الإلكتروني أو السمعي والبصري، مساهمة منه في إعادة الاعتبار للكتاب المغربي.