الدريوش: قطاع الصيد سجل استثمارات فاقت 930 مليون درهم وخلق 126 ألف منصب شغل    حضور مغربي قوي في جوائز الكاف للسيدات    الحزب الحاكم في البرازيل: المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية    السلطات المحلية تداهم أوكار "الشيشا" في أكادير    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون        منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديداكتيك : من التصور إلى الأجرأة العملية ( ديداكتيك الاجتماعيات أنموذجا )


* استهلال :
مازال البحث متواصلا من أجل عقلنة و ترشيد العملية التعليمية- التعلمية ، وذلك ابتغاء ضبط عوامل تحسين مناخ الفصل ليكون أرضية تعلم ملائمة، لذا أصبحت الحاجة ملحة لإعادة النظر في واقعنا التعليمي ، من حيث طرق التدريس المتبعة فيه ، مع تغيير طرق التعليم و التربية القائمة على تغييب شخصية و مساهمة التلميذ في إنجاز العمل التعلمي داخل الفصل الدراسي .
- فما المقصود بالديداكتيك ؟
- و ما الفرق بين الديداكتيك العامة و الديداكتيك الخاصة ؟
- وما هي مميزات ديداكتيك مواد وحدة الاجتماعيات ؟
هذه مجموعة من الأسئلة المتعلقة بقضايا ديداكتيكية في غاية الأهمية ، سأحاول من خلال هذه المقالة التربوية الإجابة عنها - قدر الإمكان- و إلقاء بعض الضوء على تشعباتها المختلفة ، من غير ادعاء الحصرية و الشمول.
يعود إلحاح الباحثين التربويين على التذكير بالديداكتيك كتخصص مستقل إلى عدة أسباب ، منها ؛ الإضطراب الذي يعرفه التأليف في هذا الميدان ، مما يفقد هذا التخصص مصداقيته ، ويجعل مواضيعه مشتتة بين علوم التربية .1
للإحاطة بهذا الموضوع، سأحاول إدراج مجموعة من التعاريف لهذا المفهوم ، كما سأتناول مفاهيم أخرى ترتبط به أيما ارتباط ،وذلك بغية الإسهام في النقاش الدائر الذي تعرف منظومتنا التربوية حاليا. وقبل التطرق إلى هذه القضية التربوية ، لا بد من التطرق إلى بعض المفاهيم الأساس المتعلقة ب " الديداكتيك ".
I. مدخل للتعريف
بمفهوم الديداكتيك :
1. التعريف اللغوي للديداكتيك :
تنحدر كلمة " ديداكتيك La didactique " ؛ من حيث الاشتقاق اللغوي من أصل يوناني " didactikos " أو "didaskein " و تعني " فلنتعلم ؛ أي يعلم بعضنا بعضا "
و تعني حسب قاموس " روبير الصغير le petit Robert " : درَّس أو علم " Enseigner " ، و يقصد بها كل ما يهدف إلى التثقيف ، و إلى كل ما له علاقة بالتعليم .2
استخدمت هذه الكلمة في التربية أول مرة كمرادف لفن التعليم ، و قد استخدمها كومينوس أوكا مينسكي ( Kamensky أو Comenius ) ، و الذي يعد الأب الروحي للبيداغوجيا منذ 1657 م / في كتابه " الديداكتيكا الكبرىDidactica Magana " ، حيث يعرِّفها بالفن العام للتعليم في مختلف المواد التعليمية ، و يضيف ؛ بأنها ليست فنا للتعليم فقط بل للتربية أيضا . إن كلمة " ديداكتيك " حسب كومينوس تدل على تبليغ و إيصال المعارف إلى جميع الناس 3
للإشارة نجد في اللغة العربية عدة مصطلحات مقابلة لمفهوم "الديداكتيك " مثل : علم التعليم ، تدريسية ، ديداكتيكية ، تعليمية ....وفي هذا الصدد يقول : حنفي بن عيسى (2003) كلمة " تعليمية " في اللغة العربية مصدرها صناعي لكلمة تعليم ، وهذه الأخيرة مشتقة من علّم أي وضع علامة أو سمة من السمات للدلالة على الشيء دون إحضاره 4
2. التعريف الاصطلاحي للديداكتيك :
يقصد بالديداكتيك didactique ( تدريسية ، تعليمية ...) ؛ شق من البيداغوجيا موضوعه التدريس ( Lalande, A.1988) و الديداكتيك هي بالأساس ، تفكير في المادة الدراسية بغية تدريسها ، و هي تواجه مشكلات تتعلق بالمادة و بنيتها و منطقها .
كما تعني الديداكتيك الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات التعلم التي يعيشها المتربي "séduquant " ، لبلوغ هدف عقلي أو و جداني أو حسي-حركي.5
و تهتم الديداكتيك بطرق التدريس و بالبحث عن الممارسات البيداغوجية التي تساعد المتعلم على التحكم في المعارف و المهارات التي هو بصدد تعلمها. فهي إذن دراسة علمية لتنظيم وضعيات التعلم التي يعيشها المتعلم لبلوغ هدف عقلي أو وجداني أو حسي - حركي ، حيث يتعين على هذا المتعلم لعب الدور الأساسي .
بمعنى أن دور المدرّس هو تسهيل عملية تعلم التلميذ بتصنيف المادة التعليمية تصنيفا يلائم حاجات التلميذ ، ويحدد الطريقة الملائمة لتعلمه وتحضير الأدوات الضرورية و المساعدة على هذا التعلم ، و يرى " لوجوندر Legendre " بهذا الصدد ، أن الديداكتيك مرتبطة بما يأتي :
* كل ماهو مدرسي منظم لغرض التعليم ؛
* كل ما يتعلق بتخطيط التعليم مثل أي سيرورة ديداكتيكية ؛
* كل ما يساعد على التعليم ( وسائل ديداكتيكية)،
* كل ما يساعد على التعليم ( وسائل ديداكتيكية ) ؛ كل ما يسهل التعليم و التعلم ( برهنة ديداكتيكية) . 6
3. تعاريف صفوة من الباحثين التربويين لمفهوم " الديداكتيك " :
استعملت كلمة " ديداكتيك didactique " منذ مدة طويلة للدلالة على كل ما يرتبط بالتعليم من أنشطة تحدث في العادة داخل الأقسام و في المدارس ، و تستهدف نقل المعلومات و المهارات من المدرس إلى التلاميذ..... لكن ستعرف هذه الكلمة الكثير من التطور، وبالتالي الكثير من التعاريف و التي يمكن حصرها حاليا في اتجاهين رئيسيين :
- اتجاه ينظر إليها باعتبارها تشمل النشاط الذي يزاوله المدرس ، فتكون الديداكتيك مجرد صفة ننعت بها ذلك النشاط التعليمي، الذي يحدث أساسا داخل حجرات الدرس، والذي يمكن أن يستمد أصوله من البيداغوجيا .
- اتجاه يجعل من الديداكتيك علما مستقلا من علوم التربية 7
و بالتالي، فالديداكتيك نظريا ؛ تهتم بصياغة نماذج و نظريات تطبيقية- معيارية . أما تطبيقها فهي تسعى إلى التوصل إلى حصيلة متنوعة من النتائج التي يساعد كل من المدرس والمؤطر و المشرف ....على إدراك طبيعة عملهم و التبصر بالمشاكل التي تعترضهم.
و من هذا المنطلق، كثرت التعاريف التي تناولت " الديداكتيك " ؛ و من جملة هذه التعاريف ما سنورده على شكل توليفة تتغيا ضبط هذا المفهوم ، و ذلك وفق مقاربة تبسيطية هادفة :
- تعريف كومينوس أو كامينسكي ( الأب الروحي للبيداغوجيا 1657 م) : " الديداكتيك هي الفن العام للتعليم "
- تعريف " هيربارت " ( F.herbert ,1841) : " الديداكتيك نظرية للتعليم ، و هي نظرية تخص الأنشطة المتعلقة بالتعليم فقط ، أي كل ما يقوم به المعلم من نشاط ( تحليل نشاطات المتعلم في المدرسة )
- تعريف " أبلي " ( Aebli Hans , 1951 ) " الديداكتيك علم مساعد فقط للبيداغوجيا .."
- تعريف " جون ديوي " (Dewey.J ; 1959) " الديداكتيك نظرية للتعلم لا للتعليم "
- تعريف " أسطولفي " ( Jasmin.b,1973 ) " الديداكتيك ليست حقلا معرفيا قائما بذاته ، و قد لا تكون مدعوة لأن تصبح حقلا معرفيا مستقلا... "
- تعريف " بنشاميل " ( Pinchemel , 1988) : " الديداكتيك مجموع الطرق والأدوات التي تستهدف مساعدة المدرسين على تنظيم تعليمهم و ممارسة أفضل لمهنتهم " 8
- تعريف " غاستون ميالاريه "( G.Mialarret) : " الديداكتيك موضوع يهتم بالتدريس و يتخذه هدفا له ، و بالتالي فهو يحدد مجموعة من الطرق و التقنيات الخاصة بالتدريس مع تحديد وسائل العملية التعليمية- التعلمية " 9
- تعريف "بنيامنة صالح 1991" و تعريف محمد فاتحي ، 2004 م " الديداكتيك هي الاهتمام بالتفكير في المادة و مفاهيمها ، و بناء استراتيجيات لتدريسها "
- تعريف " أحمد أوزي ، 2006 " " كلمة ديداكتيك اصطلاح قديم - جديد، قديم حيث استخدم في الأدبيات التربوية منذ بداية القرن 17م و هو جديد بالنظر إلى الدلالات التي ما انفك يكتسبها حتى وقتنا الراهن .فمن خلال التعاريف التي وضعت له في البداية كان معناه فن التدريس، ومنذ ذلك الوقت أصبح مصطلح الديداكتيك مرتبطا بالتعليم دون تحديد دقيق لوظيفته " 10
- تعريف " الحسن اللحية 2008 "" الديداكتيك تأملات و مقترحات حول منهجيات تدريس تخصص معين قصد تحصيل المعارف و تملكها" 11
- تعريف " محمد الدريج " ، 2000-2004 " " نقصد بالديداكتيك أو علم التدريس ؛ الدراسة العلمية لطرق التدريس و تقنياته ولأشكال تنظيم مواقف التعلم ، التي يخضع لها التلميذ في المؤسسة التعليمية ، قصد بلوغ الأهداف المسطرة مؤسسيا ، سواء على المستوى العقلي أو الوجداني أو الحسي- الحركي ، و تحقيق المعارف و الكفايات و القدرات و القيم.
إن الديداكتيك يجعل من التدريس موضعا له ، فينصب اهتمامه على نشاط كل من الدرس والتلميذ و تفاعلهما داخل القسم ، وعلى مختلف المواقف التي تساعد على حصول التعلم ، لذا يصير تحليل العملية التعليمية في طليعة انشغالاته و يستهدف في جانبه النظري صياغة نماذج ونظريات تطبيقية-معيارية ، كما يعني في جانبه التطبيقي السعي للتوصل إلى حصيلة متنوعة من النتائج التي تساعد كلا من المدرس و المؤطر والمشرف التربوي و غيرهم 12
صفوة القول : الديداكتيك هي الدراسة العلمية لمحتويات التدريس و طرقه وتقنياته ، ولأشكال مواقف التعلم ، التي يخضع لها المتعلم ؛ دراسة تستهدف صياغة نماذج و نظريات تطبيقية و معيارية قصد بلوغ الأهداف المرجوة و تأمل المادة الدراسية من أجل تدريسها.
* الفصل بين الديداكتيك العامة والديداكتيك الخاصة :
رغم ما يكتنف تعريف الديداكتيك من صعوبات ، فإن معظم الدارسين المهتمين بهذا الحقل ، لجؤوا إلى التمييز في الديداكتيك بين نوعين أساسيين يتكاملان فيما بينهما بشكل كبير ، وهما :
أ- الديداكتيك العامة : تهتم بكل ما هو مشترك و عام في تدريس جميع المواد ، أي القواعد و الأسس العامة التي يتعين مراعاتها من غير أخذ خصوصيات هذه المادة أو تلك بعين الاعتبار.
إنها بمثابة التكوين الديداكتيكي الأولي للمدرسين و الدراسة العملية و خصائص الفعل التدريسي في علاقته بفعل التعلم .
و تسعى الديداكتيك العامة إلى تطبيق مبادئها و خلاصة نتائجها على مجموعة المواد التعليمية ، وتنقسم إلى قسمين :
- القسم الأول : يهتم بالوضعية التعليمية ، حيث تقدم المعطيات التي تعتبر أساسية لتخطيط كل موضوع وكل وسيلة تعليمية لمجموع التلاميذ.
- القسم الثاني : يهتم بالديداكتيك التي تدرس القوانين العامة للتدريس بغض النظر عن محتوى مختلف مواد التدريس 13
ب- الديداكتيك الخاصة أو النوعية : تهتم بتخطيط التعليم و التعلم الخاص بمادة معينة أو مهارات أو وسائل معينة ، مثل ديداكتيك العلوم و غيرها ...
* أنواع أخرى من الديداكتيك :
- الديداكتيك الاختباري : يهتم بالمعارف و الممارسات الميدانية المتراكمة خلال التكوينات لتوجيه ما ينبغي القيام به فعلا ؛ لذلك يعتبر موضوع نظريات الخبراء.
- الديداكتيك المعياري : هو وصف لأنشطة المدرسين بغاية الوقوف على التجديدات وتقويم الشروط الممكنة المؤثرة في تحصيل التلاميذ .
- الديداكتيك الأساسي : هو دراسة علمية لشروط الإنتاج و التواصل المعرفي المرتبط بالمعرفة المدرسة خاصة ، فهو من جهة ثانية رؤية تأملية للنسق الديداكتيكي برمته..... 14
II. ديداكتيك الاجتماعيات :
يقصد بديداكتيك الاجتماعيات ، " العلوم الاجتماعية " الدراسة العلمية لوضعيات و سيرورات تعليم و تعلم الاجتماعيات قصد تطويرها وتحسينها .
لقد تطور البحث في ديداكتيك الاجتماعيات من خلال أعمال ( Yost,1979) حول طرائق التدريس ، و أعمال ( 1972lohsuston; ) حول التدريس بالاكتشاف و التدريس بالبراهين و أعمال ( Gerly1971) حول الطرائق التدريسية و الوسائل المساعدة عليها . واهتمت الأبحاث العربية ، في هذا الصدد بطرق التدريس ونماذج بناء المنهاج : ( أبو الفتوح رضوان / 1962 ) ( أحمد حسين اللقاني و يونس أحمد رضوان 1989) ، (جودة أحمد سعادة 1984) (السكران ، م : 1989)
وتطورت ديداكتيك الاجتماعيات بالمغرب مع أبحاث امحمد زكور حول ديداكتيك الجغرافيا ، و أبحاث محمد فاتحي حول صعوبات التلاميذ في تأويل البيانات و الجداول الإحصائية ، و أبحاث محمد فتوحي في التربية البيئية.15
* المرجعية الديداكتيك لمادة الاجتماعيات :
تتمثل هذه المرجعية في تحديد مكونات فكر المادة ، و التي هي أساس منهجي للمعرفة الدراسية و مقوماتها الابستيمولوجية ؛ تتمفصل هذه المقومات على مستوى المفاهيم المهيكلة و النهج أي التعليمات المنهجية اللصيقة بالمادة و وسائل التعبير المعتمدة كأدوات تواصلية تساعد على تتبع مسارإنتاج المعرفة و منتوج المادة المعرفي و المفاهيمي.
أ) المرجعية الديداكتيكية لمادة التاريخ :
* الوظيفة المجتمعية و التكوينية : تنمية الذكاء الاجتماعي و الحس النقدي لدى المتعلمين و تربيتهم على معاني و قيم المواطنة.
* العطاء الابستيمولوجي و الديداكتيكي المستمد مما راكمته مادة التاريخ من مكتسبات معرفية و منهجية.
* الترابط بين أبعاد التكوين المعرفية و المهارية و الوجدانية و تعزيز بناء استقلالية المتعلم (ة) .
* التقاطع و التكامل بين التاريخ و مختلف المواد الدراسية ، سواء المتآخية أو غيرها.
* تحديد كفايات تربوية تقوم على إعمال العقل و التفكير لأجل إنتاج المعرفة التاريخية ، بدل استهلاكها جاهزة ، الأمر الذي يتطلب تدريب المتعلم على استعمال الأدوات المنهجية لمساءلة الماضي بفكر نقدي يستدمج نسبيته حتى يصبح مؤهلا للتموضع زمنيا و مجاليا 16
لذا ؛ ينبغي ألا تتحول دروس التاريخ إلى عروض مملة ، تقتصر فيها دور التلاميذ على استهلاك المعلومات الواردة في ملخصات الأساتذة ، و كأنها حقائق مطلقة ، مسلم بها ،.... بل يجب أن تساهم هذه الدروس في تحرير فكر التلاميذ..17
كما بإمكان تدريس التاريخ المساهمة في تحرير أفكار التلاميذ و جعلهم أكثر حرية و استقلالية و أكثر قدرة على الاختيار السليم بممارستهم للنقد ...18
عندما يهتم الإنسان بتاريخه فهو يهتم بذاته و يشرئب إلى المستقبل ، و الاهتمام بالتاريخ له أهداف ، و هو اهتمام غير مجاني ، بل اهتمام نحاول من خلاله بعث و تجديد الروح فينا و أن نرى المستقبل ..من هنا فالدولة التي تبحث عن المستقبل أفضل ... لابد لها أن تهتم بالتاريخ ...فالكل يعي أهمية المعرفة التاريخية بالنسبة للشعوب 19
ب) المرجعية الديداكتيكية لمادة الجغرافيا :
يتمحور الفكر الجغرافي حول مكونات رئيسية هي :
* مجالات الجغرافيا
* النهج الجغرافي
* المفاهيم المهيكلة
* وسائل التعبير الجغرافي
* الإنتاجات الجغرفية
يتم تشكيل المعرفة الجغرافية وفق عدة مستويات ؛ تعتمد على مرجعياتها العلمية و إشكالياتها المنهجية و أدواتها و تقنياتها..20
... و متطاباتها العلمية و الديداكتيكية التي يفرضها تدريس المادة ، و كذلك الاهتمام بالشبكات المفاهيمية المهيكلية للخطاب الجغرافي 21
إن الغاية البيداغوجية و مسؤولية الجغرافيا هي إعداد التلاميذ و المراهقين للعيش مع الآخرين في عالم يمنحهم في نفس الآن إمكانيات جديدة للتعبير و الإنجاز ... و ان يتمثلوا المفاهيم الأساسية و التوجهات المنهجية الكبرى للجغرافيا 22
إن الجغرافيا في حاجة اليوم مثل باقي المواد الدراسية الاخرى إلى إدماج تكنولوجيا المعلوميات و الاتصال ... التي ينبغي أن تستغل كوسائل ديداكتيكية من قبل المدرس ، وذلك بغية إكساب المتعلمين مبادئ التكنولوجيا و من أجل إدماجهم في المجتمع الرقمي ، و بالتالي جعل تكنولوجيا المعلوميات و الاتصال محركا للتنمية البشرية 23
ج) المرجعية الديداكتيكية لمادة التربية على المواطنة :
تستمد المرجعية الديداكتيكية لمادة التربية على المواطنة من :
* الدور الاجتماعي لقيم المواطنة و قيم حقوق الإنسان
* دور قيم المواطنة و حقوق الإنسان في تنمية الحاجيات الشخصية للفرد من خلال التفاعل الإيجابي مع المحيط الاجتماعي.
* اعتبار المواطنة مفهوما تحكمه محددات أساسية : ( المواطنة تمارس في مجتمع ديموقراطي ؛ تشترط المساواة بين كافة المواطنين و المواطنات ؛ المواطنة تعلم في أفق ممارسة ، فهي التربية على المبادرة و المسؤولية والاستقلالية...) 24
* تساهم التربية على المواطنة في إرساء قواعد المواطنة الصالحة ،لأنها تلقي الضوء على نظم الحكم و ما يتصل بها من هيئات و تنظيمات ....
* تسعى إلى إعداد المواطن الصالح الذي يتكيف مع البيئة و المجتمع ، أي يعرف حقوقه و واجباته فيمارسها في كل الظروف، ويعرف كيف يواجه المواقف المختلفة
* تساهم في تنمية الاتجاهات نحو الديموقراطية و الحرية و الانتماء الوطني و القومي ....
تتميز مادة الاجتماعيات عموما بغنى و تنوع مواضيعها و كونها حلقة وصل بين مجموعة من العلوم الإنسانية ، و لها القدرة على تنمية الحس النقدي وتشكيل الهوية و بناء الشخصية.25
تخريج عام :
لا عسف أن الديداكتيك تشتغل كمنظومة ، تكون فيها مختلف العناصر في تفاعل مستمر ، لذلك قال في شأنها المربي الكبير " فيرنيو " : " الديداكتيك تحليل لمسارات نقل و تملك المعارف "
لذلك ، بإمكاننا القول : إن الديداكتيك هي ربط للعلاقات بين مسارات التعليم و مسارات التعلم .
من هنا بات من الضروري اعتماد مرجعيات رصينة ترتكز على مبدإ المعرفة المبنية و ليس الجاهزة ، لتطوير البحث التربوي الوطني، وذلك من أجل تطوير الجوانب الإبستيمولوجية والديداكتيكية لمختلف المواد الدراسية.
وخلاصة القول : إن مواد الاجتماعيات استفادت من تطور البحث التربوي ، الذي شكل نتاجا حقيقيا للاصلاحات العميقة التي شهدها النظام التربوي و التعليمي ببلادنا ، لكنها مازلت في مسيس الحاجة إلى المزيد من التطوير ، وذلك تحقيقا للجودة المنشودة في ميدان التربية والتكوين بالمغرب .
المراجع و الهوامش :
1د. محمد الدريج (2011) " عودة إلى تعريف الديداكتيك أو علم التدريس كعلم مستقل " مجلة علوم التربية ، العدد : 47 ( مارس 2001) ص : 18
2 ذ. بنعيسى احسينات (2010) ، " حول مقاربة المنهاج الدراسي في مجال التربية و التعليم : من البيداغوجيا و الديداكتيك إلى المنهاج الدراسي " الجريدة التربوية ، العدد 33 (12 أبريل2010) ص :8
3د. محمد الدريج (2011) مرجع سابق ص8:
4د. محمد الدريج (2011) م.س ص:9
5 أ- د. عبد الكريم غريب (2006) ، " المنهل التربوي : معجم موسوعي في المصطلحات و المفاهيم البيداغوجية و الديداكتيكية و السيكولوجية - الجزء الأول A-H " منشورات عالم التربية ، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء ، الطبعة الأولى (2006) ص 262-264
6 المملكة المغربية - المجلس الاعلى للتعليم- هيئة تحرير مجلة دفاتر التربية و التكوين (2009) " مفاهيم مفتاحية : الديداكتيك " ، مجلة دفاتر التربية و التكوين ، العدد : 1 ( ملف : العلاقات البيداغوجية و التربوية داخل الفصل الدراسي )، نونبر 2009-ص: 80
7 د. محمد الدريج (2011) م.س ص7-8
8 المملكة المغربية وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين الأطر و البحث العلمي- قطاع التربية الوطنية -الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين لجهة الرباط سلا زمور زعير (2009) " مصوغة فرعية خاصة بمادة التاريخ-تخطيط وضعيات تعليمية- تعلمية استنادا إلى الوضعية الديداكتيكية " ، إعداد : ذ.شكير حسن ( فبراير2009) ص:3
9 ذ. عارف عبد العالي (1990) " الطرق الديداكتيكية : محاولة في التصنيف " مجلة الدراسات النفسية و التربوية ، العدد الحادي عشر ( دجنبر 1990) - ملف العدد : طرق و اساليب في الديداكتيك -ص : 23
10د. محمد الدريج (2011) م.س ص :9-10
11 ذ.الحسن اللحية (2008)،" دليل المدرس (ة) : التكويني و المهني"، دار الحرف للنشر و التوزيع ? القنيطرة-المغرب ، الطبعة الاولى (2008) ص:249-250
12د. محمد الدريج (2011) م.س ص: 11
13د. محمد الدريج (2011) م.س ص :18-19
14 ذ.الحسن اللحية (2008)، م.س ً249-250
15 أ- د. عبد الكريم غريب (2006)م.س ص:274
16 المصطفى الحسناوي(2009) " بيداغوجيا الكفايات بين التنظير و الممارسة الفعلية- الصفية : تحليل النص التاريخي بالثانوي الإعدادي نموذجا " مجلة الحياة المدرسية ، العدد : 16 ( أكتوبر 2009) ص31-32
17 ذ. العربي اكنينح (1993) " توظيف النصوص في تدريس التاريخ" ( الدليل التربوي: تدريسية النصوص ? الجزء الثاني 1993) تأليف نخبة من الأساتذة - إشراف محمد الدريج ، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص: 176
18 ذ.مصطفى حسني إدريسي " مساهمة ديداكتيكية في تحليل النص التاريخي " ، مجلة الدراسات النفسية و التربوية " ، العدد : 10( دجنبر 1989) ، ملف العدد : قضايا ديداكتيكية " ص 91
19 ذ. محمد معروف الدفالي (2013) " كلما كثرت أعداد المتعلمين كثرت الحاجة إلى المعرفة تاريخ البلاد )، جريدة " بيان اليوم " العدد : 6830 (الجمعة- الاحد : 11-13 يناير 2013 ) ، ص :7
20 ذ. المصطفى لخصاضي (2012) " تدريس التاريخ و الجغرافيا -حقل الجغرافيا : المرجعية الفكرية و الممارسة الديداكتيكية " ، مطبعة أفريقيا الشرق (2012)، ص37
21 ذ. العربي اسليماني (2003) ، " التمثلات المجالية و ديداكتيك الجغرافيا : أية علاقة ؟ " ، مجلة علوم التربية- المجلد الثالث - العدد 25 ، ( أكتوبر 2003) ص 112-117
22 بيير كيوليطو(2011) ،( كتاب : تدريس الجغرافيا في المدرسة " Enseigner la géographie a l'école ") تعريب ذ.محمد خير الدين ؛ مقالة " تدريس الجغرافيا في المدرسة ) جريدة " الاتحاد الاشتراكي " العدد 9721 ( الخميس3مارس 2011) ص :8 ( الصفحة الثانية من الملف التربوي)
23 ذة. نجية مختاري (2013) " تدريس الإعلاميات ، أداة في خدمة مواد أخرى أم علم قائم الذات ؟ " مجلة الإدارة التربوية ، العدد 3( نونبر 2013) ص45
24 المملكة المغربية ، وزارة التربية الوطنية و الشباب (2004) - كتاب في رحاب الاجتماعيات للسنةالأولى من التعليم الثانوي الإعدادي " دليل الأستاذ " ? مكتبة السلام الجديدة و الدار العالمية للكتاب- البيضاء ، الطبعة الأولى (1424 ه / 2003 م) ص:7-8-9
25 السعيد صنير (2002) ، " التدريس بالمفاهيم : في سبيل تنظيم و اختزال المحتوى المعرفي في مادة التاريخ " ، المجلة التربوية " تصدر عن الجمعية المغربية لمفتشي التعليم الثانوي " ، العدد : 8 ( مارس 2002) ص 100 -110
---------------
* باحث تربوي و ممارس بيداغوجي -الثانوية الإعدادية سيدي المدني بن الحسني عين عودة نيابة الصخيرات تمارة -


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.