نظم فرع اتحاد كتاب المغرب بالجديدة بتعاون مع مؤسسة عبد الواحد القادري يوم الجمعة 21 نونبر 2014 جلسة حوار في موضوع «السبعينيات : تجربة الحياة والكتابة» وذلك بحضور عدد من الباحثين والمهتمين والطلبة. ومعلوم أن مرحلة السبعينيات من القرن الماضي شكلت انعطافة دقيقة في تاريخ المغرب المعاصر. تجلت تلك الانعطافة في التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التي ميزت هذه المرحلة المرجعية التي بدأت زمنيا من نهاية الستينيات وامتدت إلى الثمانينيات. وبغاية تقريب الجيل الحالي من هذه المرحلة، دعا فرع الاتحاد ثلة من الكتاب والفاعلين الجمعويين لتقديم وجهة نظرهم عن تلك المرحلة من خلال تجربتهم الشخصية كما عاشوها وخبروها. وقد ساهم في الحوار الأساتذة : نور الدين السعودي، الطاهر المحفوظي، عبد المجيد نوسي، المصطفى اجماهري، محمد مستقيم، الحبيب الدايم ربي، عز الدين الماعزي، محمد لفطيسي والكاتب اليمني بشير زندال. في بداية اللقاء قدم مسير الجلسة، ذ. عبد المجيد نوسي، وجهة نظره في الموضوع داعيا إلى الاستفادة من تلك المرحلة الغنية بالأسماء والأحداث والتفاعل الإيجابي مع تراثها الزاخر بمعاني التضحية وقيم الحداثة. ووقف المتدخل عند ميسم الصراع الذي طبع تلك المرحلة وقطبية المواجهة بين الدولة من جهة والحركة النضالية من جهة أخرى، كما لاحظ أن ذلك الصراع تجلى خاصة على المستوى الفكري وهو ما أعطى رمزية كبيرة للفعل الثقافي الذي ما زال صداه ممتدا إلى اليوم. وأعطيت الكلمة لنور الدين السعودي، الذي سبق أن أصدر كتابا عن تجربته السجنية، فتطرق للعوامل التاريخية الوطنية والعالمية التي مهدت لمرحلة السبعينيات والتي جعلتها تعرف تلك الخصوبة المعرفية والنفس الثوري. كما أشار بكثير من الاعتزاز إلى أن جيل السبعينيات يعتبر محظوظا لمعايشته لتلك الفترة الفريدة والتي تفاعل مع زخمها تفاعلا صادقا. أما الطاهر المحفوظي، صاحب يوميات «أفول الليل» فأشار إلى أن أبناء فترة بداية الاستقلال هم الذين كتب لهم أن يعيشوا شبابهم في مرحلة قلقة من تاريخ المغرب المعاصر. هذه المرحلة، يقول المتدخل، غذتها أحلام مشروعة لأبناء الطبقات الشعبية والتي ما لبثت أن اصطدمت بجدار التسلط والتجاهل. واعتبر الطاهر المحفوظي بأنه رغم الغنى المادي والرمزي لتلك المرحلة إلا أن التوثيق بشأنها مازال ضعيفا وقاصرا باستثناء الكتابات التي تناولت تجربة الاعتقال. ووقف الباحث المصطفى اجماهري في كلمته عند ثلاث عناصر ميزت حركية السبعينيات وهي كونها كانت مدينية مقتصرة على المدن المغربية الرئيسية التي كانت بمثابة عواصم مفتوحة على الحياة والمعرفة وعاجة بالتحولات الاجتماعية والفكرية. والعنصر الثاني، يقول اجماهري، هو الفوران الثقافي والفكري المنقطع النظير لدى التلاميذ والطلبة بفضل أساتذة كانوا قادة فكر. أما العنصر الثالث فتمثل في هيمنة الفكر الماركسي على الحركة الطلابية وهو ما كان أحد أسباب تراجعها لأن الطلبة المنحدرين من الطبقات الشعبية وإن كان لهم ميل طبيعي نحو اليسار الوطني إلا أن حساسيتهم ضد الفكر الماركسي البولشفي كانت واقعا مفهوما. واعتبر محمد مستقيم أن فترة السبعينيات كانت مرحلة الحلم والأمل لدى شباب المغرب المتطلع وقتها إلى الرقي والانعتاق، ووقف عند الأدوار التي لعبتها المدرسة العمومية في توعية الشباب بفضل رعيل من الأساتذة الملتزمين وكذا بفضل الجمعيات الثقافية النشيطة التي قامت بدور تأطيري فاعل. أما عز الدين الماعزي فاعتبر أن المرحلة تميزت بزخم من الأحداث الكبيرة التي لم يكن لها مثيل في تاريخ المغرب، إلا أنه لاحظ أن هذه الفترة بما لها وما عليها لم تتم مساءلتها بطريقة علمية للاستفادة منها ومن دروسها. وأوضح الحبيب الدايم ربي بأن العجيب في مرحلة السبعينيات أنها بقدر ما كانت مختنقة سياسيا واجتماعيا إلا أنها كانت متفتحة ثقافيا على مشارب غنية من التوجهات المعارضة والاحتجاجية. واختتم الحوار بكلمة الكاتب اليمني البشير زندال الذي رأى بأن ما عرفته مرحلة السبعينيات من قلق وجودي لم يكن خاصا بالمغرب وحده بل عم كثيرا من دول المعمور وربما شمل العالم بأسره.