إحساس مرهف يماشي ريشتها ، وتناغم بديع يتراقص مع أوتار ذاك الإحساس فهي تلك الفنانة التي تطوع الألوان لأزيد من عشر سنوات ، لتحكي قصصا من خيال وواقع وتبهر العيون بجمال تشكيلي بأنامل تعزف على لوحاتها أغنية الفن التشكيلي الأصيل. إنها الفنانة التشكيلية المغربية البربرية الأصل فاطمة السعيدي .. فنانة تصبو الألوان في لوحاتها وتتحول إلى جمالية التكوين والشفافية في التعبير اللوني ، الذي يضفي على اللوحة إنسيابا ضوئيا تغمره شعوريا بخطوطها المتآلفة مع عاطفة اللون المترجمة لشعور يتخطى الواقع من خلال طاقة اللون وتدرجاته الغنية بالمعنى الفني، وبجوهر الاحساس بالصمت ضمن الاختلافات التي تبرزها في اللوحة حيث الأشكال المبعثرة في جغرافيا تضيق وتتسع، وفق إيقاعات تتجاور وتتجاوز النوتات البصرية فيها، برشاقة ريشة منغمسة بسحر التنقل من الواقع للمتخيل أو من الايقاع إلى الصمت، معتمدة الليونة والتوحد بين العناصر كافة أو بالأحرى الدمج الحسي والمادي والحزن والفرح والداكن والفاتح، وكأنها تدور في أفلاك الحياة تفتش عن التناسق في الأحاسيس والعواطف بين الألوان أو بين شخوص في محيط نحن منه. تخطو ريشة فاطمة السعيدي نحو الذكريات ، ذكريات الجلوس بالقرب من والدتها العزيزة لتسرق بنظراتها ما تنسجه الأم الحنونة ، تستخرج القديم والحديث وتقارن الماضي واليوم بخطوط فائقة الإنسجام تجمع في ما بينها عبر فواصل متجانسة، وإن تناقضت مع الاحجام والاشكال، ولكن تبقى وفق حركات منصهرة مع بعضها البعض، بصخب وهدوء وكأنها تجمع ولا تفرق.. مما يجعل ريشتها تميل الى الألوان الدافئة منها البنفسجي والبرتقالي والأزرق الفاتح، وبعمق فني تستدرج البصر من خلاله ، لتشعره وجدانيا بقيمة المكان والاحتفاظ فيه بذاكرة لوحاتها إيحائيا وفق نسيج تشكيلي تخوض غماره ريشة قادرة على ترجمة المشاعر والسمو اللوني. لتعابير داكنة تحصرها بين ضوء وفواصل أو بين فراغات وفواتح، وبتلاعب نفسي متأثرة بذاكرة المكان، وبالبعد عن الكثافة والتغيرات الزمنية والملامح والتضاريس التكوينية ضمن لجج الشفافية والضبابية مستخدمة الأضداد بين مساحة ومساحة ضمن اللوحة الواحدة، لتملأ ذاكرة اللوحة بوجدانيات هي من تجاويف الماضي وقوة الحاضر، وبتناسل تتجدد اللوحة من خلاله بصريا بديناميكة واستبطان ، وبالمعنى التجريدي التعبيري عن أدق تفاصيل الأمكنة، إن ضمن أشكال غمرتها بأطر جمالية هي صياغة تشكيلية موشاة بمربعات ومستطيلات ومثلثات وما إلى ذلك من معاني الأشكال الممزوجة بالروح الإنسانية . تسرح المخيلة عبر مساحات لوحات الفنانة فاطمة السعيدي، وتقاسيمها الممتدة كموسيقى اجتمعت فيها الأحاسيس بالحياة والوجود، وبتماسك مشدود مع الألوان وقدرتها على ترجمة حركة الزمن المسترسل بين شكل وشكل والفراغ والتلاشي وصعوباته. لهذا نجد في لوحاتها الكثير من الحنين وبشاعرية تنتفض منها لتشارك المكان قوة زواياه واعادة البحث عنه من خلال لوحة هي الماضي والحاضر والمكان الذي خرجت منه، ولا تستطيع العودة إليه إلا من خلال ريشتها وجمالية بحثها عن الذات بموضوعية بصرية هي لوحة تمثل ما حيك في الماضي وما تشكل في الحاضر، حيث تحس معها براحة كبيرة كالحامل بعد الوضع والتي تتمنى أن يكون مولودها في أحسن الأحوال. التشكيلية فاطمة السعيدي شاركت في عدة معارض منها معرض موبوليي بفرنسا، معرض ZNART CASABLANCA ، فاطمة السعيدي شاركت في معرضين بدار الشباب العنق والمكتبة الوسائطية بالدار البيضاء كما ستشارك شهر فبراير القادم في معرض لوبرا بالقاهرة.