الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية كان ويظل رقما أساسيا تستحضره، بقوة الصنعة والملكة وسعة المخيال وتملك لغة الآخر، لجن تحكيم الجوائز الأدبية مؤخرا، حازت بهاء طرابلسي جائزة «إيفوار» للأدب الإفريقي الناطق بالفرنسية برسم سنة 2014، عن مجموعتها القصصية «حدثوني عن الحب»، المكتوبة بالطبع بلغة موليير. وبهذا التتويج، لا تكون الكاتبة أول مغربية تفوز بهذه الجائزة التي تعتبر من أشهر وأهم الجوائز الأدبية الرافعة لراية اللغة الفرنسية عاليا في إفريقيا فحسب، بل مبدعة تذكرنا أن الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية كان ويظل رقما أساسيا تستحضره، بقوة الصنعة والملكة وسعة المخيال وتملك لغة الآخر، لجن تحكيم الجوائز الأدبية المخصصة للمؤلفات الممتطية صهوة لسان باريس والمقدسة لقواعد قاموس الأكاديمية الفرنسية. ينضاف اسم بهاء طرابلسي إذن إلى لائحة طويلة من الأدباء المغاربة الذين كتبوا باللغة الفرنسية، لسبب أو لآخر، وحصدوا جوائز أدبية عن إنتاجهم. وبالطبع، فاستحضارهم، في هذا المقام، سيغض الطرف عن الجوائز المخصصة لهم حصريا في المغرب والتي لا تضعهم في حلبة المنافسة مع مبدعين من جغرافيات أخرى (جائزتا الأطلس والمامونية?. في البدء كان الصفريوي وهو في التاسعة والثمانين من العمر، توفي، سنة 2004، الأديب الكبير وأحد مؤسسي الأدب المغاربي المكتوب بالفرنسية أحمد الصفريوي ، ليتذكر العالم أنه أول مغربي يوظف لغة الآخر فاز بجائزة فرانكفونية. في مطلع عشرينيات القرن الماضي، وبمبادرة من المقيم العام الجنرال ليوطي، ستحدث سلطات الحماية الفرنسية الجائزة الأدبية الكبرى للمغرب، على غرار جائزتي الجزائر وقرطاج، وهي الجوائز التي انضافت إلى أخرى بهدف تشجيع الأدب الفرنسي المتمحور حول المستعمرات، «الأدب الكولونيالي». ظلت هذه الجائزة حكرا على الكتاب الفرنسيين المقيمي في المغرب أو الذين زاروه واستلهموا أجواءه في كتاباتهم الأدبية، وذلك إلى حدود سنة 1947، السنة التي سينال خلالها أول مغربي جائزة المغرب الكبرى: أحمد الصفريوي. لقد حصد سليل فاس الجائزة عن مخطوط مؤلفه «سبحة العنبر» الذي هو مجموعة قصص قصيرة وحكايات، والذي لن يطبع إلا سنتين بعد ذلك في باريس ليحصل صاحبه بفضله على جائزة مارسلان غيران الممنوحة من قبل الأكاديمية الفرنسية. عبد الرحمان بن زيدان: حين حصدت العربية جائزة فرانكفونية! إذا كان أحمد الصفريوي أول كاتب مغربي فرنسي اللسان حصل على جائزة المغرب الكبرى، فإن مغربيا آخر سبقه إلى نيلها رغم أنه كان يكتب بالعربية. يتعلق الأمر بالفقيه والأديب و المؤرخ عبد الرحمان بن زيدان الذي توج بها في سنة 1936 عن «إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس». سنتان فقط عقب هذا التتويج، ستمنح جائزة فرنسية أخرى لصاحب «الإتحاف»، هي جائزة الماريشال لوي-هوبير ليوطي، ولكن هذه المرة عن مجموع أعماله. هذه الجائزة التي تمنحها إلى حدود الآن أكاديمية العلوم لما وراء البحار لم يتوج بها بن زيدان بمفرده، بل مغربيان آخران من بينهما الصفريوي. 3 مغاربة نالوا جائزة الماريشال ليوطي بمبادرة من الصحفي بول بورداري، أسست، في سنة 1923، جمعية علمية متخصصة في قضايا ما وراء البحار. وقد كان الجنرال ليوطي أحد مؤسسيها، هي التي حملت في البداية اسم «أكاديمية العلوم الكولونيالية» قبل أن تسمى ابتداء من 1957 «أكاديمية علوم ما وراء البحار». وإذا كان شعار هذه الأكاديمية هو «المعرفة، الفهم، الاحترام والحب»، فإنها أنشأت العديد من الجوائز العلمية والأدبية منها «جائزة الماريشال لويس-هوبير ليوطي» التي رأت النور في 1934 لتتويج مؤلف يتناول قضايا شمال إفريقيا أو إفريقيا جنوب الصحراء أو منطقة المحيط الهندي. في 1938 إذن، سينال عبد الرحمان الجائزة هذه عن مجموع أعماله التي صاغها بالعربية، ليليه بعدها كاتبان مغربيان آخران لكن عن أعمال صادرة بالفرنسية: - 1971: أحمد الصفريوي عن مجموع أعماله؛ - 2013: عبد المجيد القدوري عن «المغرب وأوربا ?من القرن 15 إلى القرن 18?: إشكالية التجاوز». غونكور الطاهر بن جلون واللعبي وفؤاد العروي تظل جائزة الغونكور للرواية أهم جائزة أدبية فرنسية، وقد نالها إلى حدود الآن مغربي واحد ووحيد هو الطاهر بن جلون، في سنة 1987 عن روايته «ليلة القدر». الطاهر بن جلون، الذي هو اليوم عضو لجنة تحكيم جائزة الغونكور للرواية وحاصل على وسام جوقة الشرف الفرنسي، راكم العديد من الجوائز الفرنسية والفرانكفونية نشير من بينها إلى: - 1976: جائزة الصداقة العربية الفرنسية عن ديوانه «أشجار اللوز من جروحها تموت»؛ - 2004: جائزة إمباك الدولية رواية عن «تلك العتمة الباهرة»؛ - 2005: جائزة عوليس عن مجموع أعماله؛ - 2011: جائزة إيريش-ماريا رومارك عن مؤلفه «الشرارة: انتفاضة في البلدان العربية». ورغم أنهما أقل شهرة وتأثيرا على المبيعات من «غونكور الرواية»، فالجائزتان المخصصتان للقصة والشعر والحاملتان لنفس الاسم تعتبران وسام فخر نال كل واحدة منهما مبدع مغربي. عبد اللطيف اللعبي، الذي حصل على «غونكور الشعر» في سنة 2009 عن مجموع إبداعاته الشعرية، فاز أيضا بالجائزة الكبرى للفرانكفونية الممنوحة من طرف الأكاديمية الفرنسية في عام 2011، وعلى جائزة ألان-بوسكي سنة 2006 عن ديوانه «اكتب الحياة». أما فؤاد العروي، الحائز على «غونكور القصة» في سنة 2013 عن مجموعته «قضية بنطال داسوكين الغريبة»، فقد راكم عدة جوائز فرانكفونية أخرى من بينها: - جائزة جون جيونو الكبرى ?2014، محن آخر سجلماسي?؛ - جائزة وسام الفرانكفونية الممنوحة من طرف الأكاديمية الفرنسية ?2014? - جائزة الطحلب الذهبي ?2011، سنة عند الفرنسيين?؛ - جائزة هيئة أهل الآداب الفرنسية الكبرى للقصة ?2004، لم تفهم شيئا عن الحسن الثاني?؛ - جائزتا المتوسط للثانويات وراديو-بور ?1998، عن أي حب جريح?؛ - جائزة ألبير كامي في سنة 1996 عن روايته « أسنان خبير المساحة». الخطيبي والشرايبي يعتبر عبد الكبير الخطيبي أول عربي توج بجائزة الربيع الكبرى التي تمنحها هيئة أهل الآداب الفرنسية، وذلك في سنة 2008 عن مجمل أعماله الشعرية. وقد فارق صاحب «النقد المزدوج» الحياة بعد الحصول على الكثير من الجوائز الفرنسية والفرانكفونية مثل: جائزة إفريقيا المتوسطية/المغرب العربي 1994، جائزة الأدب في الدورة الثانية لمهرجان «لازيو بين أوروبا والبحر الأبيض المتوسط» في إيطاليا عن مجموع أعماله الأدبية وتجربته الفكرية وخصوصاً روايته «صيف في ستوكهولم» 2008، و»جائزة الأكاديمية الفرنسية» 1994. ومن جهته، حاز إدريس الشرايبي هو الآخر العديد من الجوائز المخصصة لكتاب اللغة الفرنسية، من ضمنها جائزة إفريقيا المتوسطية في سنة 1973 عن مجمل أعماله، وجائزة الصداقة الفرنسية العربية في 1981، وجائزة مونديلو عن ترجمة عمله «ولادة في الفجر» إلى اللغة الإيطالية. الطايع وطرابلسي إذا كانت أعمال عبد لله الطايع قد ولجت نطاق المنافسة على عدة جوائز أدبية فرنسية ضمن اللوائح الطويلة أو القصيرة، فإنه لم يحصل إلى حد الآن إلا على جائزة واحدة هي جائزة فلور، وذلك في سنة 2010 عن رواية «يوم الملك». وتعتبر جائزة «إيفوار» التي نالتها يوم 7 نونبر الجاري بهاء طرابلسي عن مجموعتها القصصية «حدثوني عن الحب»، إحدى أهم الجوائز الفرانكفونية وأكثرها شهرة في إفريقيا الغربية، وقد أحدثتها في سنة 2008 جمعية أكوابا الإيفوارية للثقافة، علما أن تنظيمها يتم بمساهمة من وزارة الثقافة والفرانكفونية لكوت ديفوار. وتكافئ جائزة «إيفوار» أعمالا نشرت أو ترجمت إلى اللغة الفرنسية، تتعلق بالأدب الإفريقي، أبدعها كتاب أفارقة أو نشرتها دور نشر من القارة السمراء. تجدر الإشارة إلى أن فرنسا بمفردها تتوفر على ما لا يقل عن ألف وخمسمائة جائزة أدبية وثقافية في السنة الواحدة، وأنها تشجع البلدان المنتمية للمنظمة الدولية للفرانكفونية على تنظيم جوائز لفائدة كتاب لغة موليير.