تحتفل الأممالمتحدة في 18 دجنبر كلّ عام، باليوم العالمي للغة العربية، التي يتحدثها ما يزيد عن 500 مليون شخص حول العالم. ويصادف الاحتفاء باللغة العربية هذا العام في بلادنا مرور عاصفة قوية من التضارب في الاراء بداية العام حول اعتماد العامية كلغة رئيس في المدارس تحل محل اللغة العربية والتي خلقت جدلا كبيرا في المجتمع المغربي بين مؤيد ومعارض وتخوف اكبر على واقع ومكانة هذه اللغة، باعتبارها من المكونات الهوياتية للمغاربة، حيث احتدمت السجالات بين التيار المدافع عنها والتيار الداعم للعامية في التعليم. خرجت اللغة العربية منتصرة كلغة رئيسية اولى في المدارس والمؤسسات المغربية. مما استدعى فؤاد بوعلي رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية يؤكد في إطار هذا الجدل أن اللغة العربية هي قضية وجود لهذا الوطن، وستظل جامعة لهذا الوطن وأبنائه ،وهي لغة قوية في قاموسها المعجمي والتركيبي والنحوي، ، هي ليست لغة جامدة تتطور على مر العصور وهذا ما يجعلها تتجدد باستمرار. وبالنسبة لمستقبل اللغة العربية في المغرب كلغة رئيسية في التعليم في ظل الدعوة باعتماد العامية ، يرى بوعلي ان التعليم هو المنطقة المظلمة في مسار اللغة العربية بالمغرب، فهناك محاولات للهيمنة الفرنسية وفرض هذه الأخيرة كلغة رسمية في المدرسة المغربية، وفرض العامية .ما يجري حاليا في المدرسة من سباق محموم بين مدراء الإقليميين للتعليم من أجل فرض اللغة الفرنسية هي الخيار الوحيد للاستعمال والتدريس الحقيقية، لذلك، اعتقد أن هذا يضرب في عمق الدستور المغربي، الذي تحدث عن اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية، وأيضا يضرب فيالمراسيم الحكومية وكذا في الانتماء الهوياتي لهذا الوطن. لذلك ينبغي إيقاف هذا النزيف وعلى أن الرهان الحقيقي سيكون للعربية كوسيلة وحيدة للخروج من النقاش اللغوي داخل المدرسة المغربية. وعن السبيل إلى النهوض باللغة العربية وحمايتها ، يقول بوعلي ،يجب أن تكون هناك إرادة سياسية لدى أصحاب القرار من أجل النهوض بها ومقاومة هذا التردي، كما يبغي توقيف النقاش العمومي الذي يحاول أن يجرنا إلى الارتماء في أحضان اللغة العامية. ينبغي على المجتمع أن يعي بأن القضاء أو تهميش اللغة العربية لا يضر المدرسة والمتلقي وإنما يضر بهوية هذه الجماعة البشرية التي اختارت المغرب عنوانا لها، فهذه اللغة هي برهان وجود المجتمع والدولة المغربية. وتجدر الاشارة إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت عام 1973 اعتبار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية لها ولكل المنظمات الدولية المنضوية تحتها ، حيث كانت اللغات الرسمية التي اعتمدتها منظمة الأممالمتحدة منذ أنشائها في 1945 خمس لغات حية هي اللغات الرسمية للمنظمة الدولية، الإسبانية والإنجليزية والروسية والصينية والفرنسيةحتى سنة 1973 دخلت اللغة العربية الأممالمتحدة ، فأصبحت منذ ذلك الحين لغة رسمية سادسة تتحدث بها الوفود العربية، وتصدر بها وثائق الأممالمتحدة، وقد أصبحت اللغة العربية لغة رسمية في الجمعية العامة للأمم المتحدة والهيئات الفرعية التابعة لها . ويرمي الاحتفاء بها كل 18 دجنبر بقرار من المجلس التنفيذي لليونيسكو، بعد أن اقترحت دول عربية منها المغرب والسعودية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس في أكتوبر 2012، تكريس هذا اليوم للاحتفال بها ،يرمي إلى لفت الانتباه إلى أهمية اللغة العربية والقيمة التاريخية التي تحظى بها، نظرا لمكانتها في الحضارة البشرية، ولإسهامات متكلميها في التطور العلمي على مدى القرون وإبراز الإسهام المعرفي والفكري والعلمي لهذه اللغة وأعلامها في مختلف مناحي المعرفة البشرية عبر التاريخ.