يحتفل العالم في الثامن عشر من دجنبر من كل سنة باليوم العالمي للغة العربية؛ حيث تم الاعتراف بهذا اليوم من قبل الأممالمتحدة بعد مسار طويل من الصراع الذي خاضته الدول العربية من أجل الاعتراف بلغتها لغة عالمية. وأدرجت منظمة الأممالمتحدة اللغة العربية يوم الثامن عشر من دجنبر سنة 1973 ضمن لغات العمل الرسمية، لتكون بذلك واحدة من بين ست لغات تحتفي بها الأممالمتحدة، كما تقرر الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية بشكل رسمي منذ عام 2012. ويأتي هذا اليوم في سياق جدل كبير في المغرب حول استعمال الدارجة بدل اللغة العربية، خاصة بعد أن أصدر خبير التواصل المغربي نور الدين عيوش معجم الدارجة، الأول من نوعه الذي أعده "مركز تنمية الدارجة زاكورة". عيوش الذي احتفى بمعجمه الجديد قبل أيام، كشف أن هذا المعجم لن يكون الأخير الذي يتم إصداره حول الدارجة، بل سيتم العمل على إعداد قاموس إلكتروني بالدارجة المغربية، من أجل تمكين المغاربة، من مختلف مواقعهم، من إضافة كلمات بالدارجة وشرحها للاستفادة منها، موضحا أن المعجم تم الاشتغال عليه خلال أربع سنوات. دعوات عيوش المناصرة للدارجة تلقى معارضة شديدة من قبل الداعين إلى تقوية وجود اللغة العربية في المجال العمومي، أبرزهم الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، الذي يطالب باعتماد اللغة العربية في كل مراحل التعليم، وفي التكوين المهني، من خلال استعمالها لغة تدريس للمواد الأدبية والتقنية والعلمية في المدرسة والمعاهد والجامعات المغربية. ودعا فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف، في تصريح لهسبريس، إلى تطوير طرق تعليم اللغة العربية، ووضع الإجراءات التحفيزية الموازية لما يتطلبه التمكين للغة العربية في الأوساط التعليمية، والتعريب التدريجي للتعليم العالي عبر البدء بتعريب بعض المسالك أو الشعَب، موضحا أن "هذه المقترحات قابلة للتنفيذ، واشتغلنا عليها من خلال ورشات عمل علمية، خاصة في مجالات الطب والهندسة وتعليم العربية للأطفال وللناطقين بغيرها". وقال بوعلي إن "الإشكال يبقى في غياب إرادة سياسية حقيقية للنهوض بالتعليم، فبالأحرى النهوض باللغة العربية، بل قد نقول بدون حرج إن هناك إرادة للقضاء على العربية"، على حد تعبيره. وتحدث رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية عن معجم نور الدين عيوش الأخير، وقال: "لو ربطنا مشروع عيوش بسياق إثارته لفهمنا المقصود الحقيقي من كل هذا اللغط، فقبله أثار صديقه عزيمان قضية المجانية وبعدها تحدث عن فرنسة التعليم الإعدادي، وخرجات زميلهما بلمختار المتتالية التي تحاول ربط المدرسة المغربية بالسيد الفرنسي، لفهمنا أن المقصود واحد والخصم واحد". المتحدث دعا إلى "عدم الانشغال بالنقاش العلمي لمنتج عيوش والاهتمام بالنقاش السياسي المتمثل في محاولة التيار الفرنكفوني، بقيادة عزيمان وعيوش وبلمختار ومن يحركهم من خلف الستار، الانقلاب على كل التوافقات الوطنية التي تجلت في الدستور والرؤية الاستراتيجية للتعليم وغيرها، التي لم تحقق آمالهم في فرض نموذج تعليمي يجتر الأزمة في الوطن"، على حد تعبيره، مشددا على أن ما يعرفه المغرب هو "محرقة لغوية تحاول القضاء على العربية ومعها كل القيم المتعلقة بها". وفي الوقت الذي أوضح فيه أن نشر العامية في إعلام يمول من طرف المغاربة دون رغبتهم، والإشهار بالدارجة، وفرض الفرنسية في التعليم، "قفز إلى الأمام ضد كل مخرجات النقاش العمومي"، شدد على أن المستهدف من هذه الخطوات الجديدة هي اللغة العربية، ومن خلالها التوافقات المغربية على المستوى السياسي والديني والتاريخي واللغوي.