- يطرح سؤال الجودة بإلحاح في يوميات الصيدلي المغربي من طرف المستهلك/المريض، ما هو تعليقكم على ذلك؟ - الجودة ، بكل تأكيد، هي من الأولويات التي يحرص عليها الصيادلة الشرفاء الغيورون على مهنة الصيدلة، والذين يضعون خدمة الزبون، أكان مريضا أو قريبا له ، نصب أعينهم بعيدا عن أية نظرة استهلاكية/تجارية غايتها تحقيق الربح المادي فقط، وهذا لايعني بأنها متوفرة في كل الصيدليات مع كل أسف، لأن عددا منها يفتقد لمجموعة من المعايير المهنية منها والأخلاقية قبلها، إلا أنها ومع ذلك فهي تعد استثنائية، لأن السواد الأعظم من الصيادلة هم يبذلون جهدا كبيرا لتحقيقها في ظل ظروف لايمكن وصفها إلا بالصعبة وأمام إكراهات ترخي بظلالها على يوميات الصيدلاني، إن على مستوى الصيدلية، أو محيطه الأسري كذلك. - هل يمكن التطرق إلى بعض هذه الإكراهات؟ - هي إكراهات متعددة بكل تأكيد لايمكن حصرها، ولكن يمكن أن نسوق أمثلة من بينها على سبيل الاستدلال لا الحصر، فالصيدلاني وبعد تخرجه يجد نفسه أمام مسلسل من الصعوبات التي تنطلق من البحث عن محل لصيدليته، مرورا بالديون التي تتراكم على ذمته، سواء من أجل اقتناء الصيدلية أو تجهيزها، ثم توفير الأدوية في ظل هامش للربح هو غير مشجع، فالعديد من الصيادلة ، وبكل أسف، هم يقبعون في السجون نتيجة للديون، وآخرون أعلنوا إفلاسهم، دون أن ننسى بأن الصيادلة هم محرومون من التغطية الصحية، وليست لهم أية تعويضات عن ساعات العمل أو غيرها، ولا تقاعد لهم، وهي كلها إكراهات مادية ترخي بظلالها على حياتهم الشخصية والأسرية. ينضاف إلى ما سبق شقّ آخر وهو المرتبط بالمجال الأخلاقي والقانوني، فبعض الصيادلة يعانون من مسلكيات لزملاء لهم في المهنة الذين، بكل أسف ، أعماهم الجشع وشرعوا في فتح صيدلياتهم باستمرار بشكل فوضوي حتى في أوقات حراسة غيرهم، مضيفين أعباء أخرى على زملائهم الذين يترقبون هذا الموعد، فإذا بهؤلاء المخالفين للنظم ينافسونهم منافسة غير شريفة، يكون لها ثقلها الكبير عليهم، كما أن الصيدلاني يجد نفسه معرضا للمتابعة القانونية والملاحقة القضائية في أمور قد يتعامل معها بشكل عفوي خدمة للزبون ومساهمة منه في التخفيف عنه. وما إلى ذلك من صعوبات تجعل المجهودات التي يبذلها الصيدلاني خدمة لزبائنه، هي بمثابة نضال يومي شاق يتكبد فيه عناء ماديا ومعنويا. - تحدثتم عن مخالفات للنظم، فأين يكمن دور التنظيمات المهنية للصيادلة ونقاباتهم؟ - الحديث عن هذه التنظيمات يدفعني للوقوف عند ما تعرفه بعضها من خروقات، سواء في التسيير المالي أو الإداري، كما هو الحال بالنسبة للمجلس الجهوي لصيادلة الجنوب الذي تمّ حلّه بمعية مجلس الشمال وتعيين لجنة مؤقتة للإشراف على الإعداد للانتخابات بغية تشكيل مجلسين جديدين في أفق سنة، وكيف عانت هذه اللجنة الأمرّين من أجل استرجاع مقر صيادلة الجنوب، نموذجا، ومعه الوثائق المالية والإدارية، بعد أن أوصد الرئيس المخلوع باب المقرّ في وجه أعضاء هاته اللجنة. علما بأن تدبيره ظل مثار انتقاد لسنوات عدة، بل وحتى أهليته وشرعيته القانونية، كانت محطّ طعن قانوني، وبالتالي يتبين أنه عندما يكون الريع والفساد متحكمين في دواليب الهيئات الأمّ المفترض فيها أن تشكل صمّاما للأمان للدفاع عن المهنة والدفع بها قدما والسهر على احترام القوانين والأخلاقيات، فإن ذلك لايمكن إلا أن يشجع بعض منعدمي الضمير على الفوضى والتسيب. نقطة أخرى تتعلق بالصيادلة أنفسهم الذين لايمكن وبأي شكل القبول بانتظاريتهم واتخاذهم لمواقف سلبية آملين تغيير أوضاع المهنة نحو الأفضل دون المساهمة في تحقيق ذلك، لأن فاقد الشيء لايعطيه، وهنا أسوق مثالا على ذلك، وهو المتعلق بالوقفات الاحتجاجية التي دعت إليها نقابة الصيادلة على مستوى الدارالبيضاء ضد استمرار فتح بعض الصيادلة لصيدلياتهم خارج مواقيت العمل القانونية، وهي الوقفات التي عرفت مشاركة مهمة لكنها ليست بالمستوى المطلوب، مقارنة بأعداد الصيادلة التي تفوق 1200 صيدلاني، وبالتالي النضال ضد ممارسة غير قانونية أو لتحقيق مطلب ومطمح يتطلب تضحية بالوقت والجهد والنضال سعيا لذلك وليس الارتكان إلى التواكل وترقب قطف الثمار!؟ - هل اللجنة المؤقتة هي في مسارها الصحيح لإنقاذ قطاع الصيدلة؟ - لايمكننا ، في الظرف الحالي، تقييم مسار اللجنة إن هي صائبة أم العكس، لكن ذلك لايمنعنا من القول ، وبكل أسف، أن خطواتها الأولى عرفت بعض التعثرات، التي كان من الممكن تفاديها، لأنها ليست تعثرات طبيعية، إذ تم السعي نحو التحكم في قراراتها ومحاولة جعلها أداة طيّعة حتى تكون على المقاس، وهذا ما يرفضه الصيادلة الشرفاء، وهو ما جعلهم يواجهون خروقات مجلس الجنوب نموذجا، وبالتالي لايمكن القبول بنفس الممارسات على مستوى أعلى من طرف لجنة الجميع ينتظر منها أن تكون منصفة لقطاع ظل يعاني لسنوات عدة. كما لوحظ بأن هناك عدم تجانس في الرؤى والمواقف، بل أن من بين أعضاء اللجنة من خرج للعلن رافعا شعار «عفا الله عما سلف»، والحال أننا نعيش عهدا تربط فيه المسؤولية بالمحاسبة، وبالتالي من أساء للمهنة وللمهنيين، ومن تصرّف في أموالهم بدون حق مشروع وبشكل غير مبرر، وجبت متابعته ومحاسبته حتى يكون عبرة لكل من يتهافت على المسؤوليات لتحقيق غايات ومآرب خاصة. هذه الملاحظات التي نتمناها أن تكون عابرة، وأن يتم تصحيح الاختلالات التي يعرفها مسار هذه اللجنة خدمة للقطاع وللصالح العام، لأن الصيادلة ينتظرون منها أن تكون عند حسن ظنهم وفي مستوى الانتظارات.
- ختاما، هل هناك من رسالة يمكن توجيهها إلى جهات أخرى؟ - يجب على السلطات المحلية هي الأخرى تحمل مسؤوليتها حيال الفوضى التي يتخبط فيها القطاع، هذه السلطات التي تقوم بتسليم التراخيص والتي لا تتدخل وهي تعاين الاحتجاجات ضد فوضى فتح الصيدليات خارج الأوقات المحددة، تاركة الصيادلة أمام مواجهة مفتوحة مع المخالفين للقوانين، الذين يرون كيف تهضم حقوقهم ولايستطيعون التحرك، لأنه لو توجهوا لثني المخالفين عما يقومون به، فقد يدبرون مكائد ضدهم ويقاضونهم بمختلف التهم، ليصبح الصيدلاني من فاعل يقدم خدمات للمجتمع إلى متهم مدعو لزيارة مخافر الشرطة وردهات المحاكم، وهو ما يعيشه ، وبكل أسف، اليوم بعض الصيادلة الذين أضحوا بالفعل متابعين بعد فبركة قضايا ضدهم لا لشيء سوى لأنهم احتجوا وطالبوا باحترام القانون الذي من المفروض أن يكون مؤطرا للعلاقات ومحددا للمعاملات!؟