اللحظة الوحيدة التي يكون فيها الاتحاد الأروبي منسجما هي تلك المتعلقة بممارسة الضغط على بلدان العبور أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، في حديث لصحيفة (لوموند) الفرنسية، تشبث المغرب المتين بوحدته الترابية، ورفضه لأي حل من شأنه المساس بذلك. وقال «هناك بعض الأمور غير قابلة للتفاوض بالنسبة للمغرب، ويتعلق الأمر هنا بأي حل يمس بالوحدة الترابية للمملكة، أو ينص على خيار الاستفتاء»، مشيرا إلى المائدة المستديرة التي تعقد يومي خامس وسادس دجنبر بجنيف. وأضاف بوريطة «نتوقع أن تكون المائدة المستديرة في دجنبر ، مختلفة عن سابقاتها من حيث الشكل ،على ألا يكون هناك تمييز بين المشاركين، أي أن يكون كل واحد من الأطراف الفاعلة – المغرب، البوليساريو، الجزائر، موريتانيا – على نفس المستوى مثل الآخرين، وأيضا حول جدول الأعمال الذي يتعين أن يكون واقعيا وتوافقيا، واقل خطابة. وفي ما يتعلق بتمديد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لولاية المينورسو لستة أشهر، لاحظ وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي أن «النقاش حول فترة التجديد، هو نقاش مغلوط.»» فليست المدة هي المهمة، بل المسلسل السياسي المستقل عن عملية حفظ السلم». وفي ما يتعلق بقضية الهجرة، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي أن» سياسة المغرب في مجال الهجرة ترتكز منذ البداية على ثلاث دعامات هي التضامن، المسؤولية والتعاون الدولي.» وقال «أطلقنا في سنة 2013 حملة واسعة لتسوية أوضاع المهاجرين، فيما تتقاذف الحكومات في أوروبا الكرة في ما بينها بالقول تكفلت بمئة،عليك أنت أن تستقبل ثلاثمئة، مذكرا في هذا السياق بأن المغرب كبلد في طور النمو، عالج 50 ألف طلب لتسوية الأوضاع خلال ثلاث سنوات 90 في المئة منها حظيت بالقبول. وبخصوص أولئك الذين لم يرغبوا في البقاء ، يقول بوريطة «فقد حذرنا منذ البداية بأننا لن نقبل أن يصبح المغرب أرضية للأعمال غير القانونية»، مبرزا أن الوضعية في الشمال أصبحت غير مقبولة» وأن سيطرة شبكات الهجرة السرية في بعض المناطق، أدت إلى شن هجمات على الشرطة وإلى أعمال عنف ضد المهاجرين أنفسهم. وقال الوزير إنه ينتظر من الاتحاد الاروبي «مقاربة منسجمة في مجال الهجرة»، مبرزا أنه يتعين فقط الاطلاع على المناقشات داخل المجلس الأوروبي. فاللحظة الوحيدة التي يكون فيها الاتحاد الاروبي منسجما هي تلك المتعلقة بممارسة الضغط على بلدان العبور. ليس بهذه الطريقة يتم البحث عن الحلول.
p لومند: تباحثتم مع جان إيفل لودريان بلاسيل – سان كلو. ما كان الهدف من اللقاء؟ n ناصر بوريطة: كنا بصدد التحضير لعدد من الاستحقاقات الثنائية، ومنها على الخصوص، زيارة مرتقبة، لرئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون للمغرب، في وقت لاحق خلال الشهر الجاري. لكن هناك أيضا اجتماع هام حول ليبيا، مقرر تنظيمه بعد عشرة أيام بإيطاليا. وهو الاجتماع الذي يعد امتدادا لاتفاق باريس… إلا أنه يتعين أن يشهد تعديلات تأخذ بعين الاعتبار التطورات التي حصلت منذ ذلك الحين. ونعتقد أنه يجب إيلاء البعد الأمني للمشكل ذات الاهتمام الذي يحظى به المسلسل السياسي. وبالإمكان تحديد مواعيد كل الاستحقاقات الانتخابية المراد تنظيمها، لكن إذا لم نهيىء الأرضية، خاصة على المستوى الأمني، فإن ذلك قد يأتي بنتائج عكسية كما حدث في شهر غشت في طرابلس، حيث أثار احتمال تنظيم انتخابات حماس الميليشيات المختلفة، وسعت كل منها إلى تعزيز مكانتها. وهكذا، أصبح وقف إطلاق النار هدفا رئيسيا بديلا عن العمل على المسلسل السياسي. إن هذه الحلقة تبرز أن جانبا رئيسيا في اتفاقات الصخيرات (الموقعة في دجنبر 2015 ) والمتمثل في البند 34 المتعلق بالترتيبات الأمنية، لم يحظ بالاهتمام اللازم من لدن المجتمع الدولي”. إن هذه الاتفاقات لا تتعلق فقط بانتقال سياسي، بل أيضا الانتقال من بلد تسيطر عليه الميليشيات إلى إنشاء شرطة وطنية ليبية محترفة. وهذا أمر أساسي، لقد التقيت غسان سلامة، المبعوث الشخصي للامم المتحدة الى ليبيا، منذ أيام بالرباط وتباحثنا بشكل مطول حول سبل جعل اجتماع باليرمو خطوة ملموسة من أجل إعداد الاجواء الملائمة لتنظيم انتخابات في ليبيا. وهذا يعني على سبيل المثال، تعزيز الهياكل المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار، والعمل على ألا تبقى البنيات الاساسية للدولة ، مثل المطار، تحت سيطرة الميلشيات، ووضعها في يد الشرطة الوطنية ، التي يتعين ضمان تكوينها ،بما يجعل ولاءها لليبيا برمتها، وبدون هذه الاأمور لن يفضي المسلسل السياسي الى نتيجة. كما تطرقنا الى القمة حول المتوسط التي ستعقد في يونيو 2019 بمرسيليا والتي يعتبرها المغرب لحظة هامة. إن قضايا هذه المنطقة عديدة، لكن هناك فضاءات قليلة لمناقشتها. p لومند: من بين هذه المواضيع مسألة الهجرة. منذ هذا الصيف، تم توقيف الآلاف من مواطني دول جنوب الصحراء في المغرب ونقلوا قسرا إلى جنوب البلاد. لماذا هذا التشدد في سياسة الهجرة؟ n ناصر بوريطة: إن سياسة المغرب في مجال الهجرة ترتكز منذ البداية على ثلاث دعامات هي التضامن، المسؤولية والتعاون الدولي.فقد أطلقنا في سنة 2013 حملة واسعة لتسوية أوضاع المهاجرين، فيما تتقاذف الحكومات في أوربا الكرة في ما بينها بالقول “تكفلت بمائة، عليك أنت أن تستقبل ثلاثمائة”، نحن بلد في طور النمو، عالج خمسين ألف طلب لتسوية الاوضاع خلال ثلاث سنوات 90 في المائة منها حظيت بالقبول. وبخصوص أولئك الذين لم يرغبوا في البقاء، يقول بوريطة، فقد حذرنا منذ البداية بأننا “لن نقبل أن يصبح المغرب أرضية للأعمال غير القانونية”، وخلال فصل الصيف، فقد أصبحت الوضعية في الشمال غير مقبولة، ففي كاستياخو والناظور، أدت سيطرة شبكات الهجرة السرية في بعض المناطق، الى شن هجمات على الشرطة والى أعمال عنف ضد المهاجرين أنفسهم. إن قرار الحكومة الايطالية بإغلاق البلاد أمام الوافدين من ليبيا، دفع بشبكات الهجرة السرية، الى إعادة الانتشار تجاه طريق المغرب – اسبانيا. وقد كان علينا تحمل مسؤولياتنا تجاه مواطنينا والمهاجرين ،وقد قمنا بذلك باشتراك مع سفارات البلدان الاصلية لهؤلاء التي قامت بدورها بعمليات تحديد هويات مواطنيها. وتتجسد الدعامة الثالثة لسياستنا في التعاون الدولي المتمثل في ما يقوم به المغرب داخل الاتحاد الافريقي، أو احتضان مراكش للمؤتمر الدولي حول الهجرة تحت رعاية الأممالمتحدة يومي 10 و11 دجنبر. p لومند: هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تنفيذ عمليات إبعاد للمهاجرين، ولكنها لم تكن أبداً بهذا الحجم والقسوة، كما يشهد به المشتغلون حول الموضوع أو وسائل الإعلام أو المنظمات غير الحكومية. فقد تم توقيف المهاجرين في مقرات إقاماتهم. n ناصر بوريطة: يتم التعميم على أساس شهادات فردية. إننا قمنا بإبعاد هؤلاء الاشخاص من شمال البلاد لأسباب واضحة: لقد كان هدفهم العبور عبر البحر وهو ما ينطوي على خطر الموت كما حصل للكثيرين قبلهم. بالإضافة إلى أن بعض البلدان، ووسائل الاعلام تركز على بلدان العبور، متهمة إياها بسوء التدبير وعدم القيام بعملها. إن المغرب تصرف كشريك مسؤول لأروبا وليس في حاجة الى تلقي الدروس. p لومند: ما هي قيمة المساعدات المالية للاتحاد الأوربي للمغرب من أجل مراقبة الحدود ؟ n ناصر بوريطة: إن هناك عرضا طرحته اروبا، – ما يقارب 140 مليون أورو- لكن الامر يتعلق بالمحادثات الأولية، ومع ذلك نحن بعيدون عما طالبت به بعض الدول. إن المغرب ليس بصدد سياسة مساومة من قبيل “أنا دركي رهن إشارتكم،كم ستدفعون؟”. إن المغرب لديه سياسته الخاصة في مجال الهجرة ويعتزم البقاء وفيا لها. ونعتقد أن بلدان العبور يجب ألا تكون في صلب السياسة. يتعين أن تتحمل كافة البلدان الاصلية، وبلدان العبور، وبلدان الوجهة مسؤوليتها. إن مسألة تقديم الأموال، لا تختلف عن فكرة إنشاء المراكز، إنها أفكار جيدة خاطئة ومن شأنها أن تخلق مزيدا من المشاكل أكثر مما تجد حلولا لها. p لومند، ماذا تنتظرون من الاتحاد الأوربي؟ n ناصر بوريطة: مقاربة منسجمة في مجال الهجرة، واليوم، ثمة العديد من سياسات الهجرة بشكل يفوق الدول. ويتعين فقط الاطلاع على المناقشات داخل المجلس الأوربي. فاللحظة الوحيدة التي يكون فيها الاتحاد الاروبي منسجما ، هي تلك المتعلقة بممارسة الضغط على بلدان العبور. وليس بهذه الطريقة يتم البحث عن الحلول. يتعين التعاطي مع الهجرة على حقيقتها، أي باعتبارها ظاهرة طبيعية. إن هناك 256 مليون مهاجر في العالم (3 في المائة من سكان العالم) ضمنهم 36 مليون إفريقي. إن 80 في المائة من هؤلاء المهاجرين الافارقة يمكثون في القارة. والباقي سبعة ملايين يغادرون إفريقيا الى باقي دول العالم، من بينهم 1،5 مليون بطريقة غير قانونية. وفي النهاية فان نسبة 0،5 في المائة من الهجرة العالمية ،هي إفريقية وغير شرعية. وهذا ما نتحدث عنه. عندما ننصت الى الخطابات السياسية في أوربا، وعندما نشاهد بعض الروبورتاجات ، نلاحظ أنه يتم تقديم ذلك كغزو لأروبا من قبل إفريقيا، لكننا إذا نظرنا الى المشكل في ابعاده الحقيقية، فإن النقاش سيكون أكثر هدوءا وفعالية. p لومند: موضوع آخر آني متعلق بالدبلوماسية المغربية: الصحراء. تم تجديد ولاية المينورسو لمدة ستة أشهر، وليس لمدة عام ، من قبل مجلس الأمن الدولي. ومحادثات مباشرة، هي الأولى منذ سنة 2012، ستعقد في شهر دجنبر في جنيف. ماذا تتوقع منها؟ n ناصر بوريطة: إن النقاش حول فترة التجديد، هو نقاش مغلوط، فليست المدة هي المهمة، بل المسلسل السياسي المستقل عن عملية حفظ السلم. نتوقع أن تكون محادثات دجنبر، مختلفة عن سابقاتها من حيث الشكل، على ألا يكون هناك تمييز بين المشاركين، أي أن يكون كل واحد من الأطراف الفاعلة – المغرب، جبهة البوليساريو، الجزائر، موريتانيا – على نفس المستوى مثل الآخرين، ومختلفة أيضا حول جدول الأعمال الذي يتعين أن يكون أكثر واقعية وتوافقيا، وأقل خطابة. هناك بعض الأمور غير قابلة للتفاوض بالنسبة للمغرب، ويتعلق الأمر هنا بأي حل يمس بالوحدة الترابية للمملكة، أو ينص على خيار الاستفتاء.