تكون هناك دائما صعوبة في التعامل / التحاور مع منجز تشكيلي نقف أمامه للمرة الأولى: لا سيما إذا كان هذا المنجز يضعنا أمام حيرتين؛ الأولى، الصعوبة التي يطرحها تحديد التيار المرجعي للأعمال المكونة له؛ الثانية، كون صاحبه ليس من الأسماء المألوفة لدينا، حتى يكون مدخل التناول هو تنوع المسار أو تطوره. الصعوبتان / الحيرتان، وضعتنا أمامهما تجربة الوقوف على الأعمال التي ينجزها سالم شواطة، الذي عرفناه في السابق، ولا نزال، مُجمعا للتحف الفنية ( تشكيلية أو غيرها ) وصديقا ملازما للعديد من المبدعين التشكيليين. أول ملاحظة، تفرض نفسها أمام مجموع الأعمال التي اطلعنا عليها، هو احترامها للضوابط والقواعد، التقنية أساسا، التي تحكم الممارسة التشكيلية؛ والرجل عصامي.. ثاني الملاحظات، صعوبة تصنيف هذه الأعمال في خانة تشكيلية معينة؛ فما أن ننزع إلى ترتيبها في مصاف الانطباعية حتى تبدو لنا علامة تحول اتجاهنا نحو التعبيرية… يستهوينا الجانب التجريدي في الأعمال، إلا أن بؤس ملامح الوجوه التي يشتغل عليها سالم شواطة كثيرا تحولنا ميلنا إلى واقعية الأعمال؛ بل إن التداخل يفرض علينا أحيانا نوعا من مهادنة الذات المتلقية، وتغليب خانة الواقعية الجديدة. لكن، أين المخرج إذا كان كل ذلك يجتمع في اللوحة الواحدة؟ و أي منفلت إذا كان الوجه الواحد يتحول ( ولا نقول يتغير) من لوحة إلى أخرى بمجرد نقطة او انحناءة سطر؟ لا نزعم هنا أننا نقدم حكما، بقدر من نسائل أنفسنا خلال هذه الوقفة المباشرة والأولى أمام أعمال سالم شواطة. وكيف ( إذا فكرنا للحظة عابرة في إصدار حكم ولو مؤقت في انتظار وقفة أخرى) نسمي / نصنف الأعمال التشكيلية التي تفرض على المتلقي ( بمختلف درجاته) طرح السؤال؟ أعمال سالم شواطة، وهي في بداياتها، مذكرات مسافر بين التيارات يضعنا وجها لوجه أمام صعوبة التمييز بينها، لأن كل مذكرة / لوحة تجميع متناغم لها، يحكم قبضته على العين المتلقية لتمكنه من اختيار مواضيعه وطرق تعبيرها عنها، من خلال الألوان والأشكال التي يختارها لتعبيراته؛ كخلاصة أولى، إن سالم شواطة فنان اختار الإقامة ( وطاب له المقام) في الحدود بين التيارات بعد الاطلاع الواسع والمتأني عليها؛ وقد أسلفنا أنه مُجمع تحف فنية وصديق لعدد كبير من الفنانين. كخلاصة ثانية، رغم تردده على المعارض والمراسم، يصعب علينا أن نجزم أنه يستمد أو يستعير من هذا الفنان أو ذاك. مرجعيته الأولى والأخيرة ثقافته البصرية التي راكمها من خلال التعامل المباشر مع الأعمال، المبنية أساسا على المشاهدتوالتخزين، قبل أن يعمقها بمحاورة المهتمين والمؤلفات. الخلاصة الثالثة والأخيرة، في هذه العجالة: لنكن مطمئنين على مستقبل المغرب التشكيلي، علينا فقط، معنيين ومسؤولين، مهتمين ووسطاء متتبعين، أن نلتفت إلى طاقاتنا الجديدة الصاعدة لأنها المستقبل؛ دون أن ننسى أسماءنا السابقة لأنها التأسيس الذي ما كان لأية إضافة أن تكون من غيره.