استمتع سكان ورواد حي النخيل بالدارالبيضاء، وتفاجؤوا أيضا، يومي 6 و7 أكتوبر الماضي، باحتلال عارضين «إيكولوجيين»، غير الاعتيادي، لجزء من حديقة «محمد عبده» وكذا للرصيف والشارع المحاذيين لمدرسة موليير. هذا الاحتلال لم يكن سوى ل»تغريد الطنان»، التظاهرة البيئية الثقافية، التي نظمها المركز الثقافي الفرنسي للدارالبيضاء، المتواجد مقره في نفس الحي، في إطار الموسم الثقافي لسنة 2018/2019. وللإشارة، فإن هذا الحفل البيئي يعد النسخة المغربية لنظيره الفرنسي، والذي أطلقته منذ سنوات بفرنسا «حركة الطنان» التي تأسست مبادئها حول فلسفة الإيكولوجي» بيير رابحي». ويتضمن برنامج مشروع «تغريد الطنان»الذي يساهم فيه مجموعة من الفاعلين المدنيين المهتمين بمجال التغذية والطاقة والسكن والاستهلاك المسؤول ..وغيرها من المجالات، في إطار «قرية المبادرات»، يتضمن، عادة، معارض للتحسيس لتقديم مواد ومبادرات مشتركة، ثم محاضرة ل»بيير رابحي» وأخرى في نفس المجال بالإضافة إلى موائد مستديرة وسهرة فنية . واحتراما لهذا التقليد، عرفت تظاهرة الدارالبيضاء في نسختها الأولى المغربية، والتي تزامنت مع تظاهرة مثيلة بالمركز الثقافي الفرنسي بمدينة الرباط، تواجد مجموعة من العارضين الذين يحملون نفس فلسفة «حركة الطنان» والذين استجابوا لشروط الاشتراك ضمن هذا المشروع، بعد أن أعلنت إدارة المركز الثقافي الفرنسي عن طلب المشاركة فيه إبان الصيف الماضي. وكان من بين هؤلاء المشاركين الذين ملأوا قلب حي النخيل بكتبهم ومنتوجاتهم وقضاياهم المطروحة..جمعيات ومؤسسات مختلفة، منها من تهتم بالتغذية أو بكيفية تصنيع وإعادة استعمال وتدوير وتحويل وإصلاح الأشياء والمنسوجات، ومنها من تختص في سبل تدبير الفضاءات الخضراء أو صناعة مستحضرات التجميل الطبيعية وتصنيع مواد التنظيف الإيكولوجية.إلخ…وكانت فرصة لجل هؤلاء، لتنظيم ورشات بستنة وغيرها استفاد منها الأطفال كما الكبار. من بين هاته الجمعيات «SOS» لقرى الأطفال، التي تعنى بالأطفال اليتامى وتعمل «على تمتيع كل طفل بحقه في حياة كريمة، وسط عائلة تحميه وتلبي كل حاجياته»، و تسعى من خلال تواجدها ب›قرية المبادرات» إلى جلب منخرطين آخرين والتعريف بمؤسستها . وكذا جمعية «كوماك» العلمية التي تسعى منذ نشأتها بالمغرب سنة 1989 إلى الحفاظ على التراث الطبيعي للمغرب على العموم و الطيور البرية أو التي في طور الانقراض على الخصوص، فضلا عن كونها تقوم بحملات تحسيسية للحفاظ على» ضاية داربوعزة»، ثم نظيرتها بنفس المنطقة، جمعية «داربنا»DARB'NA التي تساعد نساء»دار بوعزة» على إدارة أعمالهن من خلال استعمال بقايا الأكياس البلاستيكية وغيرها وتحويلها لمنتوجات بسيطة تدر عليهن بعض المال، وغيرها من الهيئات. ومن ضمن برنامج هذا المهرجان الإيكولوجي أيضا، محاضرة «بيير رابحي» التي حضرها جمهور عريض من المهتمين احتضنتها مدرسة موليير. وقد قام هذا الثمانيني المزداد بالجزائر وذو الثقافة المزدوجة، بالتعريف بنفسه وبحركته وبفلسفته، هو المزداد من أب وأم مسلمين والمتبنى من طرف عائلة فرنسية. وقد كانت محاضرته عبارة عن إجابات عن تساؤلات الصحفية «نادية هاشمي» التي أدارت هذا اللقاء، قبل أن يُسمح للحاضرين بتقديم أسئلتهم. ومن بين النقط التي ركز عليها «رابحي» الفلاح الذي أصبح في ما بعد فيلسوفا بيئيا ومؤسسا لحركة الطناب، البساطة والمنطق اللذين يعتمد عليهما في تحليله للعالم مؤكدا على ضرورة الاهتمام بمصير الأرض وحمايتها بطريقة تحترم طبيعتها وسيرورتها، كما صرح بأنه لا يؤمن بالسياسة كعمل سياسي عكس البستنة مثلا، التي يعتبرها كذلك. وأضاف بأن حركته أسسها على مبدأ يقول» ربما لن أقوم بعمل ضخم ولكنني على الأقل أنجز نصيبي منه». جمهور هاته التظاهرة كان على موعد أيضا مع سهرة تضمنت فقرات فنية لكل من الفنانة سعيدة فكري والمغنية الفرنسية «زاز» و «تريو» وغيرهم. كما تخللت هذا المهرجان البيئي المتنوع لقاءات وندوات مهتمة بنفس الموضوع.